بناء العاصمة بغداد: فرضت الأوضاع السياسية التي واكبت قيام الدولة العباسية على الخليفة العباسي الأول أبي العباس أن لا يتخذ من دمشق عاصمة له وإنما آثر أن يكون العراق مقراً للدولة لأسباب عديدة منها أن دمشق أموية تدين بالولاء للأمويين، ثم إنها بعيدة عن خراسان أحد مراكز أنصار الدعوة العباسية ، كما أنها قريبة من حدود الدولة البيزنطية مما يجعلها دائماً في مواجهة غارات البيزنطيين، لذا فقد اقتضى الأمر اتخاذ قاعدة أكثر قرباً من خراسان، وتبعد عن الشام مركز العصبيات العربية التي اعتمد عليها الأمويين. ومن الجدير بالذكر أن العراق (وهو الآخر أحد مراكز الدعوة العباسية)، كان الموطن الأصلي للقبائل العربية التي استوطنت في خراسان فغالبية العرب من أهل خراسان كانوا قد نزحوا إليها من العراق على شكل دفعات متوالية ابتداءً من عصر الفتوحات الإسلامية ، حيث يشير ابن المقفع صراحة إلى أصل أهل خراسان العربي من أهل العراق وارتباطهم المتين بأهل الكوفة و البصرة. وفي رواية للأزدي أنَّ أبا جعفر كان قد أشار على أخيه أبي العباس وهما في طريقهما من الحميمة إلى الكوفة، بأنه لو قدر لهم النجاح والمجيء إلى الحكم فإنهم سوف ينقلون مركز حكمهم وأتباعهم وأنصارهم إلى العراق، من ذلك يتبين أن العباسيين كانوا قد فكروا وقبيل انتصارهم بنقل مركز حُكمهم إلى العراق.
وأقام في تلك المدينة طيلة مدة خلافته. ولم يشر الدينوري إلى اسم تلك المدينة في حين أشار إلى اسمها اليعقوبية فقال عن أبي العباس أنه انتقل إلى الأنبار فبنى له مدينة على شاطئ الفرات سماها (الهاشمية)، وقد أتفق مع اليعقوبي عدد من المؤرخين الرواد على تلك التسمية. ويذكر الدكتور طاهر العميد أنَّ السبب الذي جعل الخليفة أبو العباس يطلق اسم الهاشمية على جميع المدن التي شيدها هو حرص الخليفة أبي العباس على تخليد البيت الهاشمي، وتأكيده على حب هذا البيت وطاعته أثراً في إطلاقه ذلك الاسم على جميع تلك المذن. وقد بقي الخليفة أبو العباس طيلة مدة خلافته في الأنبار حتى توفي فيها، وتشير المصادر التاريخية إلى أن الخليفة أبا العباس بنى في الأنبار قصوراً، ومباني، وقد بقيت آثارها بعد وفاته، كما أنه عوض أصحاب الأراضي التي استملكها في الأنبار أموالاً تُعادل أقيامها. كان للحركة المسلحة التي قام بها الرواندية في هاشمية الكوفة ضد الخليفة المنصور، السبب المباشر في التفكير في الانتقال من الكوفة وبناء عاصمة جديدة، يتوفر فيها الأمان، وبعد دراسة دقيقة قرر أنّ يختار عاصمته في بغداد. موقع ومواصفات العاصمة بغداد: تقع بغداد في منطقة خصبة تتوافر فيها وسائل الإرواء من نهر دجلة ومن الترع التي تستمد مياهها من دجلة والفرات فتسقي الأراضي والمزارع، ثم تصُب الماء الزائد في دجلة، وتوفر هذه الأنهار والترع وسائل للمواصلات مع كافة الأقاليم المحيطة بمختلف جهات العراق كما أن شبكة الأنهار والترع تؤمن وسائل دفاعية تقف بوجه الجيوش التي تتقدم لتهديد العاصمة ولا يخفى أن موقع بغداد كان بعيداً عن حدود الدولة البيزنطية التي كانت أقوى دولة تناصب الدولة العباسية العداء ولذلك فإنها كانث في موقع أمين.
مدينة بغداد مدينة بغداد هي عاصمة دولة العراق، وهي أكبر مدينة في العراق، ويبلغ عدد سكانها حوالي 7. 6 مليون نسمة حسب إحصائية عام 2013 ميلادي، وتأخذ بغداد المرتبة الخامسة والثلاثين عالمياً من حيث عدد السكان، وهي أيضاً مركز تعليمي، واقتصادي، وإداري للدولة بأكملها، ويعدّ موقع المدينة موقعاً جغرافياً مميزاً من حيث توفر المياه فيها مع عدم وجود أخطار لحدوث فياضانات، وهذا كان سبباً أساسياً في زيادة رقعة المدينة وزيادة نفوذها، وبسبب سهولة اتصالها من خلال نهر دجلة من خلال الجسور، حيث يأتي النهر في منتصف المدينة ليقسمها إلى نصفين هما الرصافة والكرخ. تتشكل المدينة من 27 منطقة تقسم كلّ منطقة إلى أكثر من حي، ولبغداد أيضاً أهمية ثقافيّة وعمرانيّة؛ نظراً لاحتوائها على الكثير من المدارس، والمتاحف، والمسارح، والمكتبات، بالإضافة إلى الآثار الإسلاميّة، وأسوار المدينة، ودار الخلافة، والمدرسة المستنصريّة وغيرها من المعالم.