ما يعني، أنه لا تنسيق رسمياً أو فعلياً بين الاشتراكي والمستقبل، لا في الإقليم ولا في البقاع ولا في بيروت حيث انضوى الاشتراكي في لائحة خالد قباني. – كذلك الأمر بالنسبة إلى دائرة البقاع الغربي حيث يتردد أنّ الحريري قد يجيّر أصواته لمصلحة ايلي الفرزلي دون سواه، وهي تسريبات لم تضبط بعد بالجرم المشهود، فيما يتردد أنّ انسحاب المرشّح العميد المتقاعد محمد حسين قدورة (مستقبليّ)، بعد أقلّ من 24 ساعة على تسجيل اللائحة الّتي تضمّه مع حزب «القوّات اللّبنانيّة»، جاء لمصلحة لائحة محمد القرعاوي- وائل أبو فاعور، وللائحة المنافسة التي يقودها حسن مراد. ام سعد الحريري الجامعي. – شمالاً، ثمة حديث عن دعم الحريري لائحة وليد البعريني- هادي حبيش، لكن المعنيين لم يرصدوا إلى الآن أي تحرك جدي لماكينة المستقبل قد يتحول يوم 15 أيار إلى أصوات تصبّ لمصلحة هذه اللائحة. فيما طرابلس وقعت في فوضى الاستقالات في صفوف «المستقبل» وتعددية اللوائح. بالخلاصة، يؤكد أحد المعنيين أنّ الحريري منكفئ عن المشهد الانتخابي، ولا نيّة لديه بالتراجع عن قراره، حتى أنّ بعض من يلتقونه يكشفون أنّه طلب منهم الامتناع عن مناداته بلقب «دولة الرئيس» وكأنه قرّر أن يقطع حبل السرّة مع السياسة اللبنانية وزواريبها، فيما تحوّل «تيار المستقبل» إلى أجنحة متكسرة، موزّعة القوى والأطراف.
فنتجت من كلّ هذا شخصية ذات كاريزما قويّة بتأثيرها في مَن حولها، وبتطلّع الناس إليها، والتعويل عليها لحلّ أيّ معضلة مهما كانت عويصة. أمّا سعد الحريري، نجل الشهيد، فقد ورث الزعامة فجأة، استمداداً في البدء من كاريزما والده في حياته وبعد الاستشهاد. انتقلت كاريزما رفيق التي تضخّمت باغتياله، إلى ابنه سعد الدين. وهي ليست مجرّد حمولة معنوية تنتقل كما يُنقل الميراث المادي من الأب إلى أبنائه. أصل الحكاية أنّ الأتباع يصنعون القائد في نفوسهم، ويعكسون آمالهم عليه، فهي عملية تبادلية بين القائد والجمهور، وقد اعتبر هؤلاء الأتباع سعد الدين امتداداً عضوياً لوالده. وعلى هذا، فقد استمرّ الحريري الابن بوهج كاريزما والده وسجلّه الحافل بالإنجازات والعلاقات بين عاميْ 2005 و2011. ولم ينجح اجتياح الحزب لبيروت في 7 أيار عام 2008، في إضعاف زعامته، على الرغم من الأخطاء الهائلة آنذاك، في التقدير، وفي التدبير، وفي عواقب الأمور. ام سعد الحريري ماسوني. بل ربّما اكتسب تعاطفاً أكبر كضحيّة. وهذا المنحى سيترسّخ عقب إسقاط حكومة الثلث المعطِّل والوزير المَلَك، أثناء زيارة الحريري واشنطن للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2011، ثمّ تكليف نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة، ومكوثه في الخارج حتى عام التسوية الرئاسية عام 2016.
كشف المُحلّل السياسي جوني منيّر، أنّ "لبنان أصبح في المرحلة الأخيرة من النفق "المُظلم"، وسيُشكّل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية بداية مرحلة إعادة البناء التي ستكون قاسية، ولكن آمنة".
المصدر والثاني، من قِبل المسؤولين عن رحلة التهريب الذين حاولوا تجييش الوضع ضد الجيش في الشارع، بهدف الإختباء خلف جريمتهم، فيما الإتجاه الثالث هو للتوظيف الإنتخابي، حيثُ أن ّكل طرف سياسي سعى إلى إستغلال المأساة بهدف المزايدة الإنتخابية النيابية. لكن المسؤول الأساسي عن هذه المأساة بحسب منيّر، هو "الطبقة السياسية التي دفعت بمُمارساتها وفسادها المواطنين إلى اليأس والهجرة"، مشيراً، إلى أنّ "معظم المهاجرين غير الشرعيين كانوا في السابق من النازحين السوريين، وأما اليوم فباتوا لبنانيين أيضا، والسبب هو إنسداد الأفق، وكانت الإحصاءات الأخيرة أشارت إلى أنّ 90 بالمئة من الشباب يرغب بالهجرة، و70 بالمئة منهم لا يريد العودة، لأن المسؤولين لا يقومون بأية معالجات ولا يعملون إلاّ لتأمين مصالحهم، ما جعلهم يفقدون الأمل". وعن تأثير التطوّرات الأخيرة شمالاً وجنوباً، كما في العاصمة على الإستحقاق النيابي، يُجيب منيّر، إنّ "الترويج للتأجيل جاء على خلفيّة عدة أحداث أبرزها حادث الزورق المأساوي، رغم أنه إبن ساعته، أمّا الإشتباك في بيروت بين "الأحباش" و"المستقبل"، فهو إحتكاك غَيْر مُخطط له ، إضافة إلى إطلاق الصاروخ في الجنوب بإتجاه إسرائيل، ولكن هذه الأحداث والتي قد تتكرَّر لن تؤدّي إلى تطيير الإنتخابات، وحتى حصول حادث بحجم أحداث الطيونة لن يطيّر الإنتخابات".
ولا مفرّ أمامه بعد ذلك إلا أن يحاول استعادة زخمه الشعبي، ومقام رئاسة الحكومة استطراداً، في ظروف أكثر تعقيداً وصعوبةً بكثير. أثناء ذلك ماذا يبقى من زعامته؟