يتجلى فيها، ليثبت وجوده، ويترجم عن حقيقته. وكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ليس الإيمان بالتمني، ولا بالتحلي ولكن هو ما وقر في القلب وصدقه العمل ". ومن ثم يرد مثل هذا التعقيب كثيرا في القرآن لتقرير هذا المعنى الذي يقرره قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولتعريف الإيمان وتحديده وإخراجه من أن يكون كلمة تقال باللسان، أو تمنيا لا واقعية له في عالم العمل والواقع. ثم يعقب بتقرير صفات الإيمان " الحق " كما يريده رب هذا الدين ليحدد لهم ما يعنيه قوله تعالى: إن كنتم مؤمنين.. فها هو ذا الإيمان الذي يريده منهم رب هذا الدين: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، وعلى ربهم يتوكلون. الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. أولئك هم المؤمنون حقا، لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم.. إن التعبير القرآني دقيق في بنائه اللفظي ليدل دلالة دقيقة على مدلوله المعنوي. وفي العبارة هنا قصر بلفظ: " إنما ". ما هي الأنفال - موضوع. وليس هنالك مبرر لتأويله - وفيه هذا الجزم الدقيق - ليقال: إن المقصود هو " الإيمان الكامل "! فلو شاء الله - سبحانه - أن يقول هذا لقاله. إنما هو تعبير محدد دقيق الدلالة.
بتصرّف. ↑ ابن عاشور (1984)، التحرير والتنوير ، تونس:الدار التونسية، صفحة 248، جزء 9. بتصرّف. ↑ منصور السمعاني (1418)، تفسير القرآن (الطبعة 1)، الرياض:دار الوطن، صفحة 246-247، جزء 2. بتصرّف. ↑ وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر، صفحة 236، جزء 9. بتصرّف. ↑ سورة الأنفال، آية:1 ^ أ ب محمد طنطاوي (1998)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، القاهرة:دار نهضة مصر ، صفحة 7، جزء 6. بتصرّف. ↑ جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية (الطبعة 1)، بيروت:دار التقريب بين المذاهب الإسلامية ، صفحة 185، جزء 3. بتصرّف. ^ أ ب وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر، صفحة 236-237، جزء 9. بتصرّف. ↑ سعيد حوى (1424)، الأساس في التفسير (الطبعة 6)، القاهرة:دار السلام، صفحة 2105، جزء 4. ما هي الأنفال ؟ - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. بتصرّف. ↑ محمد طنطاوي (1998)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، القاهرة:دار نهضة مصر، صفحة 14، جزء 6. بتصرّف. ↑ سعيد حوى (1424)، الأساس في التفسير (الطبعة 6)، القاهرة:دار السلام، صفحة 2110، جزء 4. بتصرّف.
لقد كانت الأنفال مرتبطة في الوقت ذاته بحسن البلاء في المعركة وكانت بذلك شهادة على حسن البلاء وكان الناس - يومئذ - حريصين على هذه الشهادة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن الله سبحانه وتعالى، في أول وقعة يشفي فيها صدورهم من المشركين!.. ولقد غطى هذا الحرص وغلب على أمر آخر نسيه من تكلموا في الأنفال حتى ذكرهم الله سبحانه به، وردهم إليه.. ذلك هو ضرورة السماحة فيما بينهم في التعامل، والصلاح بين قلوبهم في المشاعر حتى أحسوا ذلك في مثل ما قاله عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: " فينا - أصحاب بدر - نزلت حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا، فجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ". ولقد أخذهم الله سبحانه بالتربية الربانية قولا وعملا. سبب نزول سورة الأنفال - موضوع. نزع أمر الأنفال كله منهم ورده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أنزل حكمه في قسمة الغنائم بجملتها، فلم يعد الأمر حقا لهم يتنازعون عليه إنما أصبح فضلا من الله عليهم يقسمه رسول الله بينهم كما علمه ربه... وإلى جانب الإجراء العملي التربوي كان التوجيه المستطرد الطويل، الذي بدأ بهذه الآيات، واستطرد فيما تلاها كذلك. قل: الأنفال لله والرسول.
إن هؤلاء الذين هذه صفاتهم وأعمالهم ومشاعرهم هم المؤمنون. فغيرهم ممن ليس له هذه الصفات بجملتها ليسوا بالمؤمنين. والتوكيد في آخر الآيات: أولئك هم المؤمنون حقا يقرر هذه الحقيقة. فغير المؤمنين " حقا " لا يكونون مؤمنين أصلا.. والتعبيرات القرآنية يفسر بعضها بعضا. يسألونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول. والله يقول: فماذا بعد الحق إلا الضلال فما لم يكن حقا فهو الضلال. وليس المقابل لوصف: " المؤمنون حقا " هو المؤمنون إيمانا غير كامل! ولا يجوز أن يصبح التعبير القرآني الدقيق عرضة لمثل هذه التأويلات المميعة لكل تصور ولكل تعبير! [ ص: 1475] لذلك كان السلف يعرفون من هذه الآيات أن من لم يجد في نفسه وعمله هذه الصفات لم يجد الإيمان، ولم يكن مؤمنا أصلا.. جاء في تفسير ابن كثير: قال علي ابن طلحة عن ابن عباس، في قوله: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم قال: المنافقون: لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه، ولا يؤمنون بشيء من آيات الله، ولا يتوكلون، ولا يصلون إذا غابوا (أي عن أعين الناس) ولا يؤدون زكاة أموالهم. فأخبر الله تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين. ثم وصف الله المؤمنين فقال: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم فأدوا فرائضه.
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ۖ اسمع كيف قرأها! وكيف ابهر المستمعين! #خالد_احمد_زكي - YouTube