وقولها: ( وأيكم يملك إربه) ؟ أكثر الروايات فيه بكسر الهمزة مع إسكان الراء ، ومعناه: [ ص: 536] عضوه الذي يستمتع به أي: الفرج ، ورواه جماعة بفتح الهمزة والراء ، ومعناه: حاجته وهي شهوة الجماع ، والمقصود أملككم لنفسه; فيأمن مع هذه المباشرة الوقوع في المحرم ، وهو مباشرة فرج الحائض. واختار الخطابي هذه الرواية ، وأنكر الأولى وعابها على المحدثين. والله أعلم. وأما ( الحيض) فأصله في اللغة السيلان ، وحاض الوادي إذا سال ، قال الأزهري والهروي وغيرهما من الأئمة: الحيض: جريان دم المرأة في أوقات معلومة ، يرخيه رحم المرأة بعد بلوغها ، ( والاستحاضة): جريان الدم في غير أوانه ، قالوا: ودم الحيض يخرج من قعر الرحم ، ودم الاستحاضة يسيل من العاذل بالعين - المهملة وكسر الذال المعجمة - وهو عرق فمه الذي يسيل منه في أدنى الرحم دون قعره. قال أهل اللغة: يقال حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا ومحاضا فهي حائض بلا هاء ، هذه اللغة الفصيحة المشهورة. مباشرة الحائض فوق الإزار. وحكى الجوهري عن الفراء: حائضة بالهاء ويقال: حاضت وتحيضت ودرست وطمثت وعركت وضحكت ونفست ، كله بمعنى واحد ، وزاد بعضهم أكبرت وأعصرت بمعنى حاضت. وأما أحكام الباب: فاعلم أن مباشرة الحائض أقسام: أحدها: أن يباشرها بالجماع في الفرج ، فهذا حرام بإجماع المسلمين.
وأما السنة فروى مسلم (302) عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض... إلى آخر الآية} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اصنعوا كل شيء إلا النكاح ». فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه!! ومعنى { لم يجامعوهن في البيوت} أي لم يخالطوهن ولم يساكنوهن في بيت واحد اهـ. قاله النووي. وروى أبو داود (272) عن عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا ». قال الحافظ: إسناده قوي اهـ. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (242). وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/395): يحرم على الزوج أن يجامع زوجته في فرجها وهي حائض ، وله أن يباشرها فيما عداه اهـ. شرح حديث ما فوق الإزار، والتعفُّفُ عن ذلك أفضل. والأولى للرجل إذا أرد أن يستمتع بامرأته وهي حائض أن يأمرها أن تلبس ثوبا تستر به ما بين السرة والركبة ، ثم يباشرها فيما سوى ذلك. لما رواه البخاري (302) ومسلم (2293) عن عائشة قالت: « كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها » وروى مسلم (294) عن ميمونة قالت: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض » « في فور حيضتها » أي: أوله ومعظمه.
السؤال: عند فترة الحيض هل يَجوز لزَوْجي أن يضَعَ عضْوه على فرْجي بدونِ إيلاج، ويكون القذْف في الخارج؟ الإجابة: الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ: فيحْرم على الزَّوج الإيلاج داخلَ الفرْج زمنَ الحيض بالنَّصِّ والإجْماع، وأمَّا ما دون ذلك من المُداعبة بين الأَلْيَتَيْنِ، أو الاستِمْتاع بالفرْج دون إيلاجٍ، فهو جائزٌ؛ على الرَّاجِح من أقْوال أهْل العِلم، ولكنَّ هذا مقيَّد بما إذا حصل الأمنُ من أن يجرَّ ذلك إلى الحرام، وهو الإيلاج في الدُّبر، أو الإيلاج في القُبُل.
وأما مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم لما فوق الإزار كما في حديث ميمونة - رضي الله عنها -فمحمول على الاستحباب جمعاً بينه وبين حديث أنس رضي الله عنه (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) وبهذا يُجمع بين فعله صلى الله عليه وسلم وقوله كما نقله النووي [ انظر: " المجموع " (2/ 393)]. الفائدة الثانية: السنة ألا يباشر امرأته إذا كانت حائضاً إلا من وراء حائل فيأمرها أن تتزر أو ما يقوم مقامها كالسراويل، لأمره صلى الله عليه وسلم أزواجه كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - حديث الباب - فإن باشرها من غير حائل فهو جائز إن وثق من نفسه ألا يقع في الفرج. واختلفوا فيمن جامع امرأته وهي حائض هل تجب عليه كفارة أم لا؟، بعدما اتفقوا على أنه أتى بمحرم بالإجماع كما سبق وأنه تلزمه التوبة، واختلفوا في وجوب الكفارة على قولين مبنيين على صحة حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض " يتصدق بدينار أو نصف دينار " رواه الخمسة. والحديث صححه الحاكم وابن القطان وابن دقيق العيد وابن حجر، وضعفه الشافعي وابن المنذر وابن عبد البر والنووي وغيرهم. فالقول الأول: أنها تجب على المجامع الكفارة وهو قول الشافعي في القديم وأحمد، رجلاً كان أو امرأة على الصحيح إن كانت راضية وغير جاهلة واستدلوا: بحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق فهو صحيح عندهم.
الإجابة: الحمد لله مباشرة الرجل وملاعبته لامرأته وهي في فترة الحيض أو النفاس على ثلاثة أقسام: أحدها: أن يباشرها بالجماع في الفرج, فهذا حرام بإجماع المسلمين. وبنص القرآن العزيز ، قال الله تعالى: { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} [ البقرة: 222]. القسم الثاني: المباشرة فيما فوق السرة وتحت الركبة بالقبلة أو المعانقة أو اللمس أو غير ذلك, وهو حلال باتفاق العلماء. انظر: "شرح مسلم" للنووي ، و "المغني" (1/414). القسم الثالث: المباشرة فيما بين السرة والركبة في غير القبل والدبر, فهذا قد اختلف العلماء في جوازه. فذهب إلى تحريمه الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي. وذهب إلى جوازه الإمام أحمد ، واختاره بعض الحنفية والمالكية والشافعية. قال النووي: هو الأقوى دليلا وهو المختار اهـ. واحتج القائلون بالجواز بأدلة من القرآن والسنة: أما القرآن ، فاحتجوا بالآية السابقة: { فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} [ البقرة: 222]. قال ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (1/413): المحيض هو زمان الحيض ومكانه ، ومكانه هو الفرج فما دامت حائضا فوطؤها في الفرج حرام اهـ. وقال ابن قدامة في "المغني" (1/415): فتخصيصه موضع الدم بالاعتزال دليل على إباحته فيما عداه اهـ.