يعني أبو عبيدة: أنك لو بنيت " افتعل " من " الثقل " ، كان واجبا إدغام التاء في الثاء. وانظر أيضًا معاني القرآن للفراء 1: 437 ، 438. (21) انظر تفسير "متاع" فيما سلف من فهارس اللغة (متع). (22) في المطبوعة: "وترف الكرامة" ، والصواب ما في المخطوطة. (23) "خرف النخل يخرفه خرفًا ، واخترفه اخترافًا" ، صرم ثمره واجتناه بعد أن يطيب. (24) في المطبوعة: "فقالوا: منا الثقيل وذو الحاجة والضيعة... " ، غير ما في المخطوطة ، وكان في المخطوطة ما أثبت. وما متاع الدنيا الا قليل. وهو مقبول، مع شكي في أن يكون سقط من الكلام شيء. وقوله: " الثقيل: ذو الحاجة والضيعة " هو تفسير قوله تعالى: (انفروا خفافًا وثقالا) ، جمع " ثقيل " ، كما سترى في تفسير الآية ص: 262 وما بعدها.
أمرهم بالنَّفير في الصيف, حين اختُرِفت النخل, وطابت الثمار, واشتهوا الظلال, وشقَّ عليهم المخرج. قال: فقالوا: " الثقيل ", ذو الحاجة, والضَّيْعة, والشغل, (24) والمنتشرُ به أمره في ذلك كله. فأنـزل الله: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا ، [سورة التوبة: 41] ------------------------ الهوامش: (14) يعني أبو جعفر ، أنهم لم يقولوا في النفر إلى الغزو " نفورا " في مصدره ، وقد أثبتت كتب اللغة أنه يقال في مصدره "نفر إلى الغزو نفورا". (15) انظر "النفر" فيما سلف 8: 536 ، ولم يفسره هناك. (( قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخرةُ خيْرٌ لِمنِ اتَّقى وَلا تُظْلمُونَ فَتيلاً )) - ملتقى أهل التفسير. (16) انظر تفسير "سبيل الله" فيما سلف من فهارس اللغة (سبل). (17) في المطبوعة: "لأنه أدغم التاء في الثاء فأحدث لها ألف" ، وكان في المخطوطة: "لأنه غام" ، فلم يحسن قراءتها، فغير الكلام ، فأثبته على الصواب من المخطوطة. وانظر ما سلف في الإدغام 2: 224. (18) لم أعرف قائله (19) مضى شرحه وتفسيره آنفًا 2: 223، ومعاني القرآن للفراء 1: 438. (20) مكان هذه الجملة في المطبوعة: "فهو بنى الفعل افتعلتم من التثاقل" ، وهو كلام غث جدا. وفي المخطوطة: " فهو بين الفعل افتعلتم من التثاقل " ، غير منقوط ، وصححت هذه العبارة اجتهادا ، مؤتنسًا بما قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن 1: 260 ، قال: " ومجاز: اثاقلتم ، مجاز: افتعلتم ، من التثاقل ، فأدغمت التاء في الثاء ، فثقلت وشددت ".
يقول جل ثناؤه: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله = (ما لكم) ، أيّ شيء أمرُكم = (إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله) ، يقول: إذا قال لكم رسولُ الله محمدٌ = (انفروا) ، أي: اخرجوا من منازلكم إلى مغزاكم. * * * وأصل " النفر " ، مفارقة مكان إلى مكان لأمرٍ هاجه على ذلك. ومنه: " نفورًا الدابة ". قل متاع الدنيا قليل. غير أنه يقال: من النفر إلى الغزو: " نَفَر فلان إلى ثغر كذا ينْفِر نَفْرًا ونَفِيرًا ", وأحسب أن هذا من الفروق التي يفرِّقون بها بين اختلاف المخبر عنه، (14) وإن اتفقت معاني الخبر. (15) * * * فمعنى الكلام: ما لكم أيها المؤمنون، إذا قيل لكم: اخرجُوا غزاة = " في سبيل الله " ، أي: في جهاد أعداء الله (16) = (اثَّاقلتم إلى الأرض) ، يقول: تثاقلتم إلى لزوم أرضكم ومساكنكم والجلوس فيها. * * * وقيل: " اثّاقلتم " لإدغام " التاء " في " الثاء " فأحدثتْ لها ألف. (17) ليُتَوصَّل إلى الكلام بها، لأن " التاء " مدغمة في " الثاء ". ولو أسقطت الألف، وابتدئ بها، لم تكن إلا متحركة, فأحدثت الألف لتقع الحركة بها, كما قال جل ثناؤه: حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا ، [سورة الأعراف: 38] ، وكما قال الشاعر: (18) تُـولِي الضَّجِـيعَ إذَا مَا اسْتَافَهَا خَصِرًا عَـذْبَ المَـذَاقِ, إذَا مَـا أتَّـابَعَ القُبَـلُ (19) [فهو من " الثقل " ، ومجازه مجاز " افتعلتم "] ، من " التثاقل ".
ولذلك جاء في الحديث عن المستورد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه - وأشار يحيى بن سعيد بالسبابة - في اليم، فلينظر بم يرجع؟)) [2]. بل حتى تعلم حقيقة وصفها بأنها: ﴿ مَتاعٌ قَلِيلٌ ﴾، تأمل في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافرًا منها شربة ماء)) [3]. فأموال الأغنياء - وإن كثرت - قليلة بالإضافة إلى ما وعدهم من أفضاله، وأحوال الفقراء - وإن صفت - قليلة بالإضافة إلى ما وعدهم من شهود جماله وجلاله. ولذلك فإن صاحب الدنيا ومن تعلق بها لا يفلح البتة، لا من جهة ما أراده من البقاء السرمدي، ولا من جهة ما سيفقده ويخسره بتعلقه بها من الفوز بالمطلوب الأكبر. فلا تغترَّ أيها المؤمن العاقل بإنعام الله عليهم وتقلبهم في بلاده، في إنعام وعافية؛ فإن الله عزَّ وجلَّ يستدرجهم بذلك الإنعام، فيمتعهم به قليلًا، ثم يهلكهم فيجعل مصيرهم إلى النار. الموقع الرسمي للشيخ مرتضى علي الباشا : العجز عن عدّ مكارم أخلاق رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم. وتذكَّر قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعمر رضي الله عنه في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟! )) [4].
فما أجمله من تعبير! وأجملْ به من توصيف! يزيح عن القلوب الغمامة، ويرفع عن الوجوه السآمة، ويُذهب عن النفوس الغمة، ويرفع عن الصدور الكربة. قل متاع الدنيا قليل والاخرة خير لمن اتقى. وهكذا هي والله دومًا ودائمًا ألفاظ القرآن الكريم ، وتعبيراته وآياته، تفوق البلاغة والبيان، وتجاوز الكمال والحسن، وهي إلى ذلك جامعة مانعة، بديعة ماتعة، وكل ما أمعن الواحد منا النظر لها، وأدام التأمل فيها، انشرح صدره، وزال همُّه، وحسن عمله، وانقضى أمره، وكثر حمده لله عزَّ وجلَّ وشكره، وبالمقابل قلَّت شكواه، وزال تشككه، وانقضى إلى غير رجعة تردده، وخلُص من حقده، وسوء ظنه بربه. وسيتبيَّن لنا شيء من ذلك من خلال هذا المثال الذي طرحناه، والآية التي سقناها، وهي قوله عزَّ وجل: ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ﴾. فإنه في هذا الجزء من الآية، يخبر الله عز وجل عباده، وعلى رأسهم نبيُّه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم - وهما وجهان لأهل التفسير فيها - عن حقيقة هذه الدنيا وقدرها، ويزهدهم في هذه الدنيا ومنها، ويُعلم الجميع قاطبة، من آمن ومن كفر، ومن علم ومن جهل، ومن صدق ومن كذب، ومن رضي ومن أبى، ومن أحسن ومن أسى، بقلّتها، ولا سيما إذا علمنا ما أعدّه عز وجل لأهل الإيمان في الآخرة، وأنها مع ما فيها، وما أعطي أهلها منها من السَّعة، وبسط الرزق، ورغد العيش، ليست إلا شيئًا حقيرًا سيذهب، ويزول إلى غير رجعة.
(16) انظر تفسير "كتب" فيما سلف 525 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك. (17) انظر تفسير "فريق" سلف 2: 244 ، 245 ، 402 / 3: 549 / 6: 535. (18) انظر تفسير "الخشية" فيما سلف 1: 599 ، 560 / 2: 239 ، 243. (19) في المطبوعة: "وإيثارًا للدعة فيها والحفظ عن مكروه" ، وفي المخطوطة: "والحفظ على مكروه" ، وكلاهما خطأ فاسد ، والصواب: "والخفض" وهو لين العيش ، وأما قوله: "على مكروه لقاء العدو" فهو متعلق بقوله: "وإيثار للدعة... على مكروه... ". (20) انظر تفسير "الأجل" فيما سلف 5: 7 / 6: 43 ، 76. (21) الأثر: 9951 - "محمد بن علي بن الحسن بن شقيق" مضى برقم: 1591 ، 2575 ، 2594. وأبوه: "علي بن الحسن بن شقيق بن دينار" مضى برقم: 1909. وكان في المطبوعة: "... بن الحسين بن شقيق" ، وهو خطأ. وهذا الخبر ، رواه الحاكم في المستدرك 2: 307 مع اختلاف في لفظه ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي. ورواه البيهقي في السنن 9: 11 ، ورواه ابن كثير في تفسيره 2: 514 ، من طريق ابن أبي حاتم ، وخرجه في الدر المنثور 2: 184 ، ونسبه إلى هؤلاء وزاد نسبته إلى النسائي. قل متاع الدنيا قليل – بيست ون. (22) في المطبوعة والمخطوطة: "الآية إلى أجل قريب" ، والسياق يقتضي "إلى" الثانية.