قال النَّبِيِّ r: " لاَ يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى "متفق عليه.
وإن استفتح به في الدعاء ثم دعا بعد ذلك بحاجته فهو حسن أيضا؛ لأن الدعاء بالحاجة مشروع؛ والاستكثار من الأدعية والجمع بينها الأصل فيه المشروعية أيضا. وهذا هو أحد الوجهين لأهل العلم في فهم معنى الدعاء الوراد في هذا الذكر. قال الأمير الصنعاني رحمه الله تعالى: " فإن قيل: هذا ذكر لا دعاء! قلنا: هو ذكر يفتح به الدعاء ثم يدعو بما شاء " انتهى من "التنوير" (6 / 98). والله أعلم.
ومنه قوله تعالى: {فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر:12] أي قدّر. فنادى في الظلمات. وقوله: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ}: قال ابن مسعود: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل، وذلك أنه ذهب به الحوت في البحار يشقها حتى انتهى به إلى قرار البحر، فسمع يونس تسبيح الحصى في قراره، فعند ذلك قال: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}: وقيل: مكث في بطن الحوت أربعين يوماً، وقوله: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ}: أخرجناه من بطن الحوت وتلك الظلمات. {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}: أي إذا كانوا في الشدائد ودعونا منيبين إلينا. وقال صل الله عليه وسلم: « دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء إلا استجاب له» [هذا الحديث جزء من حديث طويل ذكره الإمام أحمد ورواه الترمذي والنسائي].
وهذه الدعوة (لم يَدعُ بها رجلٌ مُسلم في شيءٍ قَط إلا استجابَ الله له) [2]. رابعًا: النَّجاة موقوفة على التغيير: والتغيير هو توبة كلٍّ في نفسه. وأول التوبة الندم، وهو كما عرفه الغزالي: «نار في القلب تلتهب، وصدع في الكبد لا ينشعب»، ودليل صحته: «ابكِ على خطيئتك»، فقحط العين من قسوة القلب. وإن من الدمع ما كان لأجل الدنيا وحسرة النفس، فما أبعد ذلك عن الصدق. خطيرٌ أن نتلقى التوبة موعظة باكية مؤقتة تريحنا من ألم المعصية المؤقت، لا منهجيةَ تغييرٍ شاملٍ تستدعي ثورة على غفلتنا وقعودنا عن رسالتنا الدعوية الحضارية. لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ | موقع نصرة محمد رسول الله. وكم يجب أن نقلق لزخم الكلام حين يكون بعيدًا عن حقائق التغيير النفسي والاجتماعي الفردي والجماعي. التوبة منهجية تغيير، تجسد الإيمان العملي في حياة نابضة ناهضة راشدة سعيدة. ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ١ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ٢ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ [هود: ١-٣].