وَمَعَ توفُّر الأجْهِزَةِ الحَديثَةِ كَثُرت الإشَاعاتُ والافْتِرِاءَاتُ، فاحذروا مِمَّن عَنَاهُم رسولُ اللهِ بِقَولِهِ: " لاَ تُؤْذُوا عِبَادَ اللَّهِ، وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ وَلاَ تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ طَلَبَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ ". أيُّها المؤُمِنُونَ: فِي القِصَّةِ دَرْسٌ لِلزَّوْجَينِ والأَبَوَينِ فِي كَيفِيَّةِ عِلاجِ الخِلافَاتِ الأُسَرِيَّةِ؛ فَرَسُولُ اللهِ شَهرٌ كَامِلٌ يَتَأَمَّلُ وَيَسْتَشِيرُ. فَلَمْ يَتَعَجَّل بِطلاقٍ وبَعضُنا عِندَ أَدْنى خِلافٍ يَكُونُ الفِراقُ والطَّلاقُ. أَبُو بَكْرٍ وأُمُّ رُومَانَ كَانَ تَدَخُّلُهُما لإِطفَاءِ الفِتنَةِ وَحَصْرِ المُشكِلَةِ، لا لإشعالِها. مِن القِصَّةِ يَستَفِيدُ الزَّوجُ الْمُعَاتِبُ ألاَّ يَظْلِمَ زَوجَتَهُ ولا يُقَبِّحَ ولا يَهجُرَ إلاَّ فِي بَيتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ عَادِلا مُنصِفاً وَاضِحاً، لا كَمَا يَقَعُ مِنْ بَعْضِ السُّفَهاءِ هُجرَانٌ وَطَلاقٌ واعْتِدَاءٌ وَطَرْدٌ وَفُجُورٌ والعِيَاذُ بِاللهِ. الدكرورى يكتب عن حادثة الإفك فى العصر النبوي "جزء 2" بقلم / محمـــد الدكـــرورى - جريدة النجم الوطني. في القِصَّةِ دَرْسٌ لِأهْلِ العِفَّةِ والحِشْمَةِ؛ فَالنِّسَاءُ لا يَخْرُجْنَ إلاَّ لِحاجَةٍ، فلا تَكَشُّفَ للِأَجْسَامِ وَلا رَفْع للأَصْوَاتِ، ولا خَلْوَات مُحرَّمَة؛ وإنَّما احْتِشَامٌ وَسِتْرٌ وَحَيَاءٌ تَامٌّ, أَخْذاً بِقَولِ اللهِ -تَعَالى-: ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)[الأحزاب:33].
وَلَكِنَّ اللهَ -تَعالَى- لَهُم بِالمِرْصَادِ. فَكَيفَ يُنادِي أُناسٌ بِالتَّقَارُبِ مَعَ تِلكَ الطُّغْمَةِ الفَاسِدَةِ في عَقِيدَتِها، الهَالِكَةِ في مَسِيرَتِها؛ فَعَقِيدَةُ الوَلاءِ لِلمُؤمِنينَ والبَراءَةِ من الكافِرينَ أَصْلٌ فِي الدِّينِ. فَالَّلهُمَّ إنَّا نَعوذُ بِكَ مِنْ مُضلاتِ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنها ومَا بَطَنَ، اللهمَّ انصُرْ مَنْ نَصَرَ الدِّينَ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَ الدِّينَ، وأستَغفِرُ رَبِّي لِي وَلَكُم وَلِلْمُؤمِنِينَ فَاستَغفِرُوه إنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ. الخُطبةُ الثانية: الحمدُ للهِ العَزِيزِ الغَفُورِ، أَشْهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريك له يَعلَمُ خائنةَ الأَعينِ وما تُخفي الصُّدورُ، وَأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُ الله ورسولُه بَعَثَهُ اللهُ بالهدى والرَّحمَةِ والنُّورِ، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ ومن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ البعثِ والنُّشُورِ. أمَّا بعد: فاتَّقوا الله عبادَ الله سِرًّا وجهرًا، واجعَلوها عُدَّةً لكم وذُخرًا. عبر وعظات من حادثة الإفك - السيدة. عِبادَ اللهِ: فِي حَادِثَةِ الإفْكِ نَعلَمُ يَقِيناً أَهَمِّيَةَ حِفْظِ الأَعرَاضِ، وَأَنَّ رَمْيَ المُؤمِنَاتِ الغَافِلاتِ مِن السَّبعِ المُوبِقَاتِ الْمُهْلِكَاتِ لأَصْحَابِهَا؛ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[النور:23].