مِن المعلوم أن الإذن في المسح على الخفين عام، يدخل فيه كل ما يطلق عليه اسم الخف، ولو كان الخرق اليسير يمنع من المسح على الخف لبيَّنه نبينا صلى الله عليه وسلم؛ لأن معظم الصحابة كانوا فقراء، والغالب أن خفافهم لا تخلو من خروق. صفة المسح على الخفين: عندما يريد المسلم أن يمسح على الخفين أو الجوربين فإنه يبل يديه بالماء ثم يمرر على أطراف أصابع القدم إلى ساقه فقط مرة واحدة، ويكون المسح باليدين جميعًا على القدمين جميعًا في وقت واحد، بمعنى أن اليد اليمنى تمسح على القدم اليمنى، واليد اليسرى تمسح على القدم اليسرى في نفس الوقت، والمشروع أن يكون المسح من أعلى الخفين أو الجوربين، ولا يكون من أسفلهما؛ لأن ذلك مخالف للسنَّة. روى أبو داود عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 147). نواقض المسح على الخفين: (1) انقضاء مدة المسح. (2) الجنابة. (3) نزع الخفين أو الجوربين أو أحدهما عمدًا أثناء مدة المسح؛ (المغني لابن قدامة جـ 1 صـ 366: صـ 389). الشك في ابتداء المسح على الخفين: إذا شك المسلم في ابتداء مدة المسح على الخفين أو الجوربين، وجب عليه أن يبني على اليقين، فإن شك هل مسح لصلاة الظهر أو لصلاة العصر، فإنه يجعل ابتداء مدة المسح من صلاة العصر؛ لأن الأصلَ عدم المسح؛ (فتاوى ابن عثيمين جـ 4 صـ 176).
أما بعد: استنبط العلماء من حديث المغيرة بن شعبة وغيره من أحاديث المسح على الخفين جملة من الأحكام، ومنها: أولاً: يشترط لجواز المسح على الخفين أو الجوربين كمال الطهارة قبل لبسهما؛ وعليه، فإنه حين الوضوء، لو غسل إحدى رجليه، ثم أدخلها الخف أو الشراب قبل غسل الأخرى لم يجزئ المسح؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فإني أدخلتهما طاهرتين"، أي: أدخلتُ القدمين، ثم قال المغيرة -رضي الله عنه-: "فمسح عليهما"، وتثنية الضمير لا يجوز في اللغة إلا إذا وجد دليل يعين مرجع كل ضمير، كما هو الحال هنا. وثانيًا: لم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه مسح أسفل الخفين، والحديث الوارد في ذلك منقطع، وكل الأحاديث الصحيحة على خلافه، ويؤكد ذلك قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، ولقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح على ظاهر خفيه". أخرجه أبو داود بإسناد حسن، وصححه الحافظ ابن حجر. وقال ابن الوزير: "أجمعوا على أن المسح يختص بظاهر الخف". ويكفي أن يمسح على أكثره؛ فيمسح بأصابع يديه على ظهور قدميه مرة واحدة، ولا يسن تكرار المسح، وكيفما مسح أجزأ. وثالثًا: أن يكون الخف أو الجورب ساترًا محل العضو المفروض، فإن لم يستره لخرق أو شقوق ونحوها، فالراجح: جواز المسح عليه وإن ظهر بعض العضو.
أما فقهاء الحنابلة، فقالوا أنّ الواجب على الشخص أن يمسح المقدمة الظاهرة من الخف (الأكثر بروزاً) خطوطاً بالأصابع. المراجع ↑ أحمد بن فارس (1979)، معجم مقاييس اللغة ، بيروت: دار الفكر، صفحة 322، جزء 5. بتصرّف. ↑ "تعريف ومعنى الخف" ، المعاني ، اطّلع عليه بتاريخ 8-8-2017. بتصرّف. ^ أ ب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 261-262، جزء 37. بتصرّف. ↑ عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 125، جزء 1. بتصرّف. ^ أ ب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 263-268، جزء 37. بتصرّف. ↑ محمد رفيق مؤمن الشوبكي (9-6-2015)، "مبطلات المسح على الخفين" ، شبكة الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 9-8-2017. بتصرّف. ↑ رواه الخطابي، في شرح الزركشي على مختصر الخرقي، عن صفوان بن عسال، الصفحة أو الرقم: 1/380، إسناده صحيح.
فَصْلٌ [فِي اَلْمَسْحِ عَلَى اَلْخُفَّيْنِ وَالْجَبِيرَةِ] قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في منهج السالكين: [ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ خُفَّانِ وَنَحْوُهُمَا مَسْحَ عَلَيْهِمَا إِنْ شَاءَ]. الشرح: المسح في اللغة: الإمرار. وفي الاصطلاح: هو إمرار اليد مبلولة بالماء من أطراف أصابع الرجلين إلى أول الساقين على خف مخصوص في زمن مخصوص. الخفان: ما يُلبس على الرِّجلِ من الجلود، ويلحق بهما: ما يُلبس عليهما من الكتان والصوف ونحو ذلك، فيدخل في هذا الجورب "الشرَّاب" و"البسطار" ونحوه. المسح على الخفين جائز باتفاق أهل السنة: قال الإمام أحمد - رحمه الله -: "سبعة وثلاثون نفساً يروون المسح عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- " وقال أيضاً: "فيه أربعون حديثاً عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- ". ولم ينقل عن أحد من السلف إنكار المسح على الخفين، إلا المبتدعة كالخوارج والرافضة الذين ينكرونه إلى يومنا هذا. قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في منهج السالكين: [ مَسْحَ عَلَيْهِمَا إِنْ شَاءَ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهنَّ لِلْمُسَافِرِ. بِشَرْطِ أَنْ يَلْبَسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ.
إذا لم يكن لديك حساب بالفعل، قم بالضغط على إنشاء حساب جديد إذا كان لديك حساب اذهب إلى تسجيل دخول. أو