والله أعلم.
ونعود إلى الشطر الآخر من الآية القرآنية عن الدخول من ظهور البيوت وهذا له علاقة بالحج.. حيث أنه كانت هناك عادة جاهلية خاصة بالحج. يسألونك عن الأهلة. ففي الصحيحين عن البراء قال ؛" كان الأنصار إذا حجوا ورجعوا لم يدخلوا. من أبواب البيوت ، فجاء رجلٌ منهم فدخل من قبل بابه، فعيروه بذلك.. وقد كانوا يعتقدون أن عملهم هذا هو البر - أي الخير أو الإيمان - فجاء القرآن ليبطل هذا التصور الباطل، وبين لهم أن البر هو التقوى وليس شكلية من الشكليات.. وبهذا ربط الإسلام القلوب بحقيقة إيمانية أصيلة وهي التقوى وأبطل العادة الجاهلية. ووجه المؤمنين إلى إدراك نعمة الله عليهم في الأهلة التي جعلها الله مواقيت للناس والحج... والحمد لله رب العالمين.
وقال: كان ثقة عابدا مجتهدا شريف النسب ، فهو صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه. وقال محمد بن جابر ، عن قيس بن طلق; عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " جعل الله الأهلة ، فإذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ". وكذا روي من حديث أبي هريرة ، ومن كلام علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه. وقوله: ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها) قال البخاري: حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال: كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره ، فأنزل الله ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها). يسألونك عن الأهلّة ~ - عالم حواء. وكذا رواه أبو داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال: كانت الأنصار إذا قدموا من سفر لم يدخل الرجل من قبل بابه ، فنزلت هذه الآية. وقال الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر: كانت قريش تدعى الحمس ، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام ، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بستان إذ خرج من بابه ، وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري ، فقالوا: يا رسول الله ، إن قطبة بن عامر رجل تاجر وإنه خرج معك من الباب.
فقال له: " ما حملك على ما صنعت ؟ " قال: رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت. فقال: " إني [ رجل] أحمس ". قال له: فإن ديني دينك. فأنزل الله ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها) رواه ابن أبي حاتم. ورواه العوفي عن ابن عباس بنحوه. يسالونك عن الاهله قل هي مواقيت للناس. وكذا روي عن مجاهد ، والزهري ، وقتادة ، وإبراهيم النخعي ، والسدي ، والربيع بن أنس. وقال الحسن البصري: كان أقوام من أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم سفرا وخرج من بيته يريد سفره الذي خرج له ، ثم بدا له بعد خروجه أن يقيم ويدع سفره ، لم يدخل البيت من بابه ، ولكن يتسوره من قبل ظهره ، فقال الله تعالى: ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها [ ولكن البر من اتقى]) الآية. وقال محمد بن كعب: كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت ، فأنزل الله هذه الآية. وقال عطاء بن أبي رباح: كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم دخلوا منازلهم من ظهورها ويرون أن ذلك أدنى إلى البر ، فقال الله تعالى: ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها) وقوله: ( واتقوا الله لعلكم تفلحون) أي: اتقوا الله فافعلوا ما أمركم به ، واتركوا ما نهاكم عنه ( لعلكم تفلحون) غدا إذا وقفتم بين يديه ، فيجزيكم بأعمالكم على التمام ، والكمال.