قال بعض أصحابنا: وهي محمولة على الإمام إذا طول بدعائه على المأمومين، أو نقص بدعائه التسبيح عن أدنى الكمال، فأما في غير هاتين الحالتين فلا كراهة فيه، ولا قائل بوجوب الدعاء في السجود فيما نعلم، فهو سنة مستحب لا يأثم من تركه، قال ابن حزم: وأما اجتهاد الدعاء في السجود وقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح ـ فزيادة خير، وحسنة لمن فعلها مع الذي أمر به من التسبيح. انتهى. وللمصلي أن يدعو في سجوده بما شاء، وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يدعو بملاذ الدنيا وشهواتها، وأن صلاته تبطل بذلك، والصحيح، أو الصواب أنه جائز داخل في عموم الأمر بالاجتهاد في الدعاء وأن الصلاة لا تبطل به، جاء في الروض مع حاشيته: وليس له الدعاء بشيء مما يقصد به ملاذ الدنيا وشهواتها كقوله: اللهم ارزقني جارية حسناء، أو طعاما طيبا وما أشبهه، وتبطل به، أي تبطل الصلاة بالدعاء به، لأنه من كلام الآدميين، وعنه يجوز الدعاء بحوائج دنياه وملاذها، مما ذكره ونحوه، قال أحمد: لا بأس أن يدعو الرجل بجميع حوائجه من حوائج دنياه وأخراه، قال الشارح: وهو الصحيح، اختاره شيخنا، لظواهر الأخبار. انتهى.
يتأول القرآن. متفق عليه. وهو بظاهره يعم الفرض والنفل، وبه يظهر أن الدعاء في السجود من أعظم الخير الذي لا ينبغي للمسلم تفويته ولا التفريط فيه، وكلما أكثر منه العبد كان خيرا له. ومما ينبغي التنبيه عليه أن الإمام لا ينبغي له أن يطيل في الدعاء في السجود إطالة مفرطة، فإنه مأمور بالتخفيف وأن لا يشق على من وراءه من المأمومين. والله أعلم.
والجمع بين صيغتَيْ تسبيحٍ بعيدٌ، بخلاف الجمع بين التسبيح والتحميد والتهليل والدعاء؛ فإن هذه أنواع، والتسبيح نوع واحد، فلا يُجْمع فيه بين صيغتين". مختصرًا. أما توقيت الدعاء في السجود، فلا نعلم في ذلك سنة مؤقتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فالأمر فيها واسع، فله أن يدعو، ثم يسبح، أو العكس،، والله أعلم.
كما يمكنك التعرف على: طريقة الدعاء الصحيحة وبذلك نكون قد سردنا ل كيفية الدعاء في السجود، وما هو الدعاء وآدابه وأوقاته المثلى، وأن يتحلى العبد بالصبر في الإجابة، وأن لا يتعجل الله وأن يكون لحوحا.
"اللهم إنا نسألك إيمانا لايرتد ونعيماً لاينفذ". "اللهم اجعل دعواتنا لاترد وهب لنا رزقاً لايعد وافتح لنا بابًا للجنة لا يسد". "اللهم إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع ومن دعاء لايسمع". "للهم زدنا ولا تنقصنا واكرمنا ولاتهنا واعطنا ولاتحرمنا واثرنا ولاتؤثر علينا وأرضنا وارضى عنا". "اللهم إنا نسألك باسمك العظيم الذى إذا دعيت به أجبت وإذا سألت به أعطيت وأن تغفر لنا وتقضي حوائجنا وتفرح كروبنا وتعافينا وتعفو عنا وتصلح أهلنا وذريتنا وترحمنا برحمتك الواسعة رحمة تغنينا بها رحمة من سواك". "اللهم من كان مريضا فأشفه ومن كان مهموم فأذل همه ومن كان حزين فأسعده ومن كان يرجو توفيقك فوفقه". "اللهم إنا نسألك أن ترزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا الى حبك وأن تغفر لنا وترحمنا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين لا خزايا و لا ندامة و لا مبدلين برحمتك يا أرحم الراحمين داونا".
وقيل: إنما يفر حذرا من مطالبتهم إياه ، لما بينهم من التبعات. وقيل: لئلا يروا ما هو فيه من الشدة. وقيل: لعلمه أنهم لا ينفعونه ولا يغنون عنه شيئا; كما قال: يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا. وقال عبد الله بن طاهر الأبهري: يفر منهم لما تبين له من عجزهم وقلة حيلتهم ، إلى من يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه ، ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد شيئا سوى ربه تعالى. وصاحبته أي زوجته وبنيه أي أولاده. يوم يفر المرء من اخيه و امه و ابيه. وذكر الضحاك عن ابن عباس قال: يفر قابيل من أخيه هابيل ، ويفر النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمه ، وإبراهيم - عليه السلام - من أبيه ، ونوح - عليه السلام - من ابنه ، ولوط من امرأته ، وآدم من سوأة بنيه. وقال الحسن: أول من يفر يوم القيامة من أبيه: إبراهيم ، وأول من يفر من ابنه نوح; وأول من يفر من امرأته لوط. قال: فيرون أن هذه الآية نزلت فيهم وهذا فرار التبرؤ. الطبرى: وقوله: ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) يقول: فإذا جاءت الصاخة في هذا اليوم الذي يفرّ فيه المرء من أخيه. ويعني بقوله: يفرّ من أخيه: يفرّ عن أخيه. ابن عاشور: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) و { يوم يفر المرء من أخيه} بدل من { إذا جاءت الصاخة} بدلاً مطابقاً.
ولذا، تأتي الآية التالية، ولتقول مباشرة: (يوم يفرّ المرء من أخيه). ذلك الأخ الذي ما كان يفارقه وقد ارتبط به بوشائج الاُخوة الحقة! وكذلك: (اُمّه وأبيه). حتى: (وصاحبته وبنيه). فوحشة ورهبة يوم القيامة لا تُنسي الأخ والاُم والأب والزوجة والأولاد فحسب، بل وتتعدى إلى الفرار منهم، وعندما ستتقطع كلّ روابط وعلاقات الإنسان الفرد مع الآخرين... موقع هدى القرآن الإلكتروني. فحينها سوف لا يهتم إلاّ نفسه وما قدّم، وسينسى: اُمّه التي كانت تحبّه وتفديه... وأبو الذي ربّاه واحترمه... وزوجته التي لا تعرف غيره... وأولاده... ثمرة كبده وقرة عينه... وقيل: إنّما يكون الفرار للتهرب من الحقوق التي لهم عليه، وهو عاجز عن أدائها. وقيل أيضاً: إنّما يفر المؤمنون خاصّة من أقربائهم من غير المؤمنين وغير المتقين، خوفاً من الإصابة بما سيصيب اُولئك من عقاب. ويبدو أنّ التفسير الأوّل أنسب ولا مانع من الجمع بينهما. ولكن... ما سرّ تسلسل ذكر الأخ، ثمّ الاُمّ، فالأب من بعدها، ومن ثمّ الزوجة والأولاد؟ يعتقد بعض بأّ التسلسل قد لوحظ فيه شدّة العلاقة ما بين الفار ومَنْ يرتبط بهم، وقد تسلسل الذكر من الأدنى حتى الأعلى، ليعطي لهذا التصوير بعداً بلاغياً، فهو من أخيه، ثمّ من اُمّه وأبيه، ثمّ من زوجته وبنيه.
فقد تمرّ شهور بل ربما أعوام ونحن لا نرى إخواننا في حين نأوي كل يوم إلى أزواجنا وأبنائنا. والإنسان قد يترك أمه وأباه ليعيش مع زوجه وأبنائه وهو ألصق بأبنائه من زوجه ، فقد يفارق زوجه ويسرحها ولكن لا يترك ابنه. فالأبناء آخر من يفرّ منهم المرء ويهرب. ما حكمة الترتيب في قوله تعالى يوم يفر المرء من أخيه - ملتقى أهل التفسير. وهكذا رتّب المذكورين في الفرار بحسب العلائق ، فأقواهم به علاقة هو آخر من يفرّ منه ، فبدأ بالأخ ثم الأم ثم الأب. وقدّم الأم على الأب ، ذلك أن الأب أقدر على النصر والمعاونة من الأم ، وهو أقدر منها على الإعانة في الرأي والمشورة ، وأقدر منها على النفع والدفع. فالأم في الغالب ضعيفة تحتاج غلى الإعانة بخلاف الأب. والإنسان هنا في موقف خوف وفرار وهرب. فهو أكثر التصاقاً في مثل هذه الظروف بالأب لحاجته إليه ، ولذا قدم الفرار من الأم على الفرار من الأب ، وقدم الفرار من الأب على الفرار من الزوجة ، لمكانة الزوجة من قلب الرجل وشدّة علاقته بها ، فهي حافظة سرّه وشريكته في حياته ، ثم ذكر الفرار من الأبناء في آخر المطاف ، ذلك لأنه ألصق بهم وهم مرجوون لنصرته ودفع السوء عنه أكثر من كل المذكورين. هذا هو السياق في (عبس) سياق الفرار من المعارف وأصحاب العلائق أجمعين للخلو إلى النفس ، فإن لكل امريء شأناً يشغله وهمّاً يغنيه.
وقيل: إنما يفر حذرا من مطالبتهم إياه ، لما بينهم من التبعات. وقيل: لئلا يروا ما هو فيه من الشدة. وقيل: لعلمه أنهم لا ينفعونه ولا يغنون عنه شيئا; كما قال: يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا. وقال عبد الله بن طاهر الأبهري: يفر منهم لما تبين له من عجزهم وقلة حيلتهم ، إلى من يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه ، ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد شيئا سوى ربه تعالى. وصاحبته أي زوجته وبنيه أي أولاده. وذكر الضحاك عن ابن عباس قال: يفر قابيل من أخيه هابيل ، ويفر النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمه ، وإبراهيم - عليه السلام - من أبيه ، ونوح - عليه السلام - من ابنه ، ولوط من امرأته ، وآدم من سوأة بنيه. وقال الحسن: أول من يفر يوم القيامة من أبيه: إبراهيم ، وأول من يفر من ابنه نوح; وأول من يفر من امرأته لوط. يـوم يـفـرّ الـمـرْءُ مـن أبـيــه | مِنْ جُـعْـبَـتي أقـول لـكـم. قال: فيرون أن هذه الآية نزلت فيهم وهذا فرار التبرؤ. ﴿ تفسير الطبري ﴾ وقوله: ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) يقول: فإذا جاءت الصاخة في هذا اليوم الذي يفرّ فيه المرء من أخيه. ويعني بقوله: يفرّ من أخيه: يفرّ عن أخيه.
كذا قال ابن عباس. وعنه أيضا: ذلة وشدة. والقتر في كلام العرب: الغبار، جمع القترة، عن أبي عبيد؛ وأنشد الفرزدق: متوج برداء الملك يتبعه ** موج ترى فوقه الرايات والقترا وفي الخبر: إن البهائم إذا صارت ترابا يوم القيامة حول ذلك التراب في وجوه الكفار. وقال زيد بن أسلم، القترة: ما ارتفعت إلى السماء، والغبرة: ما انحطت إلى الأرض، والغبار والغبرة: واحد. { أولئك هم الكفرة} جمع كافر { الفجرة} جمع فاجر، وهو الكاذب المفتري على الله تعالى. وقيل: الفاسق؛ [يقال]: فجر فجورا: أي فسق، وفجر: أي كذب. وأصله: الميل، والفاجر: المائل. وقد مضى بيانه والكلام فيه. والحمد لله وحده. لمسات بيانية - للدكتور / فاضل صالح السامرائي ما دلالة اختلاف ترتيب الأقارب بين آية سورة عبس وآية سورة المعارج؟ آية سورة عبس في الفرار يوم القيامة والمشهد مشهد فِرار وأن يخلو الواحد إلى نفسه وعادة الفِرار يبدأ من الأبعد إلى الأقرب قيكون الأقرب آخر من يفرّ منه الإنسان. وأبعد المذكورين في الآية (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)) هو الأخ لأنه أحياناً لا يرى الإنسان أخاه أشهراً فبدأ بالفرار منه ثم قدّم الأم على الأب في الفرار لأن الأم لا تستطيع أن تدفع عنه أو تنصره لكن الأب ينصره، وقد قال أعرابي عندما بُشّر بمولودة قال "والله ما هي بنعم الولد نصرُها بُكاء وبِرّها سرقة" إذا أرادت أن تنصر تبكي وإن أرادت أن تبِرّ تسرق من زوجها لتعطي.
[٤] وقيل أنّ المرء يفر من كل أولئك ليس فقط لأنّه يعلم أنّهم لا يغنون عنه شيئًا، بل يفرُّ خوفًا من أن يُطالبوه بالتّبعات، ليقول له الأخ لم تواسني بمالك، والأبوان يقولان قصرت في برّنا، والصاحبة تقول أطعمتني الحرام وفعلت وصنعت، والبنون يقولون لم تُعلّمنا ولم ترشدنا، إذًا، كلٌ منهم له شغله الشّاغل وهمّه الكافي.