مجلة الرسالة/العدد 389/مختار الصحاح وقيمة العناية به للأستاذ حسن السندوبي يحلو لمشيخة في وزارة المعارف، بلغوا فيها بمضي الزمن المراتب ذات الألقاب الملحوظة، أن يشيروا على الوزارة بطبع بعض كتب المتقدمين ليضعوا عليها أسمائهم بعد أن ينظروا فيها ويقوموا أودها ويصححوا أغاليطها، وأن يكون من ذوي الشأن في الوزارة المبادرة إلى إجابة طلبهم مع منحهم الأجر الحسن، وإخراج تلك الكتب في معرض من الطبع الجميل. وقد قام بعضهم بمراجعة طائفة من هاتيك الكتب وتصحيحها ونالوا أمنيتهم في وضع أسمائهم عليها بعد أن استولوا على المكافأة المرضية والثناء الحسن. غير أن الكثير من هذه الكتب قد صدر دون أن يكون حظها بالقائمين عليها مقارناً للتوفيق، ودون أن يكون القائمون عليها قد أدوا الأمانة العلمية، فلم يحسبوا أن إبلاغ الإخلاف تراث الأسلاف خالياً من الشوائب بريئاً من المعايب، من أفضل الخلائق الكريمة. يوتيوب فلم شمس المعارف. وحسب القارئ أن يعلم أن من هذه الكتب كتاب (مختار الصحاح) فقد أصدرته وزارة المعارف بعناية بعض رجالها فجاء عيبة الأغاليط وجعبة الأباطيل. لم يعن فيه العناية الكافية في قيد الكثير من كلماته حتى تصحف منها ما تصحف، وتحرف من عباراته ما تحرف.
ابن المستوفي الأربلي مبارك بن أحمد بن مبارك ابن موهوب بن غنيمة بن غالب العلامة شرف الدين أبو البركات اللخمي الأربلي، كان إماما في علوم كثيرة كالحديث وأسماء الرجال والأدب والحساب، وله مصنفات كثيرة وفضائل غزيرة، وقد بسط ترجمته القاضي شمس الدين بن خلكان في الوفيات، فأجاد وأفاد. رحمهم الله.
جاء إلى مصر وأقام بها زمناً، وجال في ربوعها وأخذ عن بعض مشايخها، وأخذ عنه بعض طلبتها. وذكر المقريزي أنه وصف بركة الحبش التي بالقاهرة بهذين البيتين من الشعر: إذا زين الحسناء قرط فهذه... يزينها من كل ناحية قرط ترقرق فيها أدمع الطل غدوة... فقلت لآل قد تضمنها قرط وهو من شعر العلماء الذي لا يعرج عليه الأدباء. ومن الغريب أن السيوطي لم يذكره فيمن وفد على مصر من العلماء أو من الأدباء أو من الحنفية. مجلة الرسالة/العدد 389/مختار الصحاح - ويكي مصدر. ثم ذهب إلى الشام وطوف في أنحائها، ومنها دخل بلاد الأناضول وأقام في قونية وبها صحب الشيخ العالم المحقق صدر الدين القونوي وعليه سمع كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول لابن الأثير الجزري الموصلي إلى سنة 666 والظاهر أنه توفي أواخر القرن السابع. وقد ترك من المؤلفات: شرح مقامات الحريري، والذهب الإبريز في تفسير الكتاب العزيز، وتحفة الملوك والسلاطين في الفروع، وحدائق الحقائق في الأخلاق والمواعظ، وأنموذج جليل في أسئلة وأجوبة من غرائب آي التنزيل، والأبيات التي يتمثل بها في الأدب، وروضة الفصاحة في علم البيان، وضعه باسم السلطان المؤيد المنصور نجم الدين أبي الفتح غازي بن قرا أرسلان الأرتقي صاحب ماردين المتولي سنة 691 والمتوفى 712.
وجاءت البشائر بذلك فضربت الطبول ببغداد بسبب ذلك، وفرح أهلها، وكتب التقليد عليها لإقبال المذكور، فرتب فيها المناصب وسار فيه سيرة جيدة، وامتدح الشعراء هذا الفتح من حيث هو، كذلك مدحوا فاتحها إقبال، ومن أحسن ما قال بعضهم في ذلك: يا يوم سابع عشر شوال الذي ** رزق السعادة أولا وأخيرا هنيت فيه بفتح إربل مثلما ** هنيت فيه وقد جلست وزيرا يعني أن الوزير نصير الدين بن العلقمي، قد كان وزر في مثل هذا اليوم من العام الماضي، وفي مستهل رمضان من هذه السنة شرع في عمارة دار الحديث الأشرفية بدمشق، وكانت قبل ذلك دارا للأمير قايماز وبها حمام فهدمت وبنيت عوضها. وقد ذكر السبط في هذه السنة أن في ليلة النصف من شعبان فتحت دار الحديث الأشرفية المجاورة لقلعة دمشق، وأملي بها الشيخ تقي الدين بن الصلاح الحديث، ووقف عليها الأشرف الأوقاف، وجعل بها نعل النبي ﷺ. البداية والنهاية/الجزء الثالث عشر/ثم دخلت سنة ثلاثين وستمائة - ويكي مصدر. قال: وسمع الأشرف صحيح البخاري في هذه السنة على الزبيدي، قلت: وكذا سمعوا عليه بالدار وبالصالحية. قال: وفيها: فتح الكامل آمد وحصن كيفا ووجد عند صاحبها خمسمائة حرة للفراش فعذبه الأشرف عذابا أليما. وفيها: قصد صاحب ماردين وجيش بلاد الروم الجزيرة فقتلوا وسبوا وفعلوا ما لم يفعله التتار بالمسلمين.
وعلى الحرمين والمياه بدرب الحجاز ثلاثين ألف دينار سوى صدقات السر، رحمه الله تعالى، وكانت وفاته بقلعة إربل، وأوصى أن يحمل إلى مكة فلم يتفق فدفن بمشهد علي. والملك العزيز بن عثمان بن العادل وهو شقيق المعظم، كان صاحب بانياس وتملك الحصون التي هنالك، وهو الذي بنى المعظمية. وكان عاقلا قليل الكلام مطيعا لأخيه المعظم، ودفن عنده وكانت وفاته يوم الاثنين عاشر رمضان ببستانه الناعمة من لهيا رحمه الله وعفا عنه. أبو المحاسن محمد بن نصر الدين بن نصر ابن الحسين بن علي بن محمد بن غالب الأنصاري، المعروف بابن عُنين الشاعر. شمس المعارف فلل بالرياض. قال ابن الساعي: أصله من الكوفة وولد بدمشق ونشأ بها، وسافر عنها سنين، فجاب الأقطار والبلاد شرقا وغربا ودخل الجزيرة وبلاد الروم والعراق وخراسان وما وراء النهر والهند واليمن والحجاز وبغداد، ومدح أكثر أهل هذه البلاد، وحصل أموالا جزيلة، وكان ظريفا شاعرا مطيقا مشهورا، حسن الأخلاق جميل المعاشرة، وقد رجع إلى بلده دمشق فكان بها حتى مات هذه السنة في قول ابن للسماعي، وأما السبط وغيره فأرخوا وفاته في سنة ثلاث وثلاثين، وقد قيل إنه مات في سنة إحدى وثلاثين والله أعلم. والمشهور أن أصله من حوران مدينة زرع، وكانت إقامته بدمشق في الجزيرة قبلي الجامع، وكان هجاء له قدرة على ذلك، وصنف كتابا سماه (مقراض الأعراض)، مشتمل على نحو من خمسمائة بيت، قل من سلم من الدماشقة من شره، ولا الملك صلاح الدين ولا أخوه العادل.