السؤال: هذه رسالة وصلت من المستمع فيصل الدرجاني من القصب يقول في هذا السؤال: ما حكم قول: صدق الله العظيم بعد قراءة القرآن؟ الجواب: نعم قول صدق الله العظيم بعد قراءة القرآن لا أصل له من السنة، ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم، وإنما حدث أخيراً، ولا ريب أن قول القائل: صدق الله العظيم ثناءٌ على الله عز وجل، فهو عبادة، وإذا كان عبادةً، فإنه لا يجوز أن نتعبد لله به إلا بدليلٍ من الشرع، وإذا لم يكن هناك دليل من الشرع كان ختم التلاوة به غير مشروع، ولا مسنون؛ فلا يسن للإنسان عند انتهاء القرآن أن يقول: صدق الله العظيم، فإن قال قائل: أليس الله يقول: قل: صدق الله. فالجواب، بلى قد قال الله ونحن نقول ذلك؛ لكن هل قال الله ورسوله إذا أنهيتم القراءة، فقولوا: صدق الله. وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يقرأ، ولم ينقل عنه أنه كان يقول: صدق الله العظيم وقرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه من سورة النساء: ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً﴾. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: حسبك. ولم يقل: قل: صدق الله. ولا قاله ابن مسعود أيضاً، وهذا دليل على أن قول القائل عند انتهاء القراءة: صدق الله.
والله أعلم.
قول القارىء صدق الله العظيم بعد الانتهاء من قراءة القرآن لا أصل له من سنة النبي ولا من قول الصحابة والتابعين ولكنها قول مستحدث فإن قيل على أنه عبادة واجبة فهذا لا يجوز وإن قيل استئناسا بقول الله تعالى: (قُلْ صَدَقَ اللهُ) أو أنه عادة اعتادها القراء فلا شيء فيها، على أنه ينبغي للمسلم ألا يتسرع ويحكم ببدعية الأشياء التي لم ترد. يقول فضيلة الشيخ عطية صقر ـ رحمه الله تعالى -: حذَّرت كثيرًا من التعجُّل في إطلاق وصْف البِدْعَة على أي عملٍ لم يكن في أيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا في عهد التشريع، ومن التمادي في وصف كلِّ بِدْعَة بأنها ضلالة وكلُّ ضلالة في النار. وقول "صَدَقَ اللهُ العظيمُ" من القارئ أو من السامع بعد الانتهاء من القراءة، أو عند سماع آية من القرآن ليس بِدعة مذمومة، أولاً لأنه لم يرد نهي عنها بخصوصها، وثانيًا لأنها ذِكْرٌ لله والذِّكْر مأمور به كثيرًا، وثالثًا أن العلماء تحدثوا عن ذلك داعين إليه كأدب من آداب قراءة القرآن، وقَرروا أن قول ذلك في الصلاة لا يبطلها، ورابعًا أن هذه الصيغة أو قريبًا منها ورد الأمر بها في القرآن، وقرر أنها من قول المُؤْمِنين عند القتال. قال تعالى: (قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) (سورة آل عمران: 95) وقال: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولَهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) (سورة الأحزاب: 22) وذكر القرطبي في مقدمة تفسيره أن الحكيم الترمذي تحدث عن آداب تلاوة القرآن الكريم وجعل منها أن يقول عند الانتهاء من القراءة: صدق الله العظيم أو أية عبارة تؤدي هذا المعنى.
المقصود أنَّ هذا لا نعلم له أصلًا إلا عند وجود بعض الأسباب، مثل: أن يرى شيئًا مما أخبر به الرسولُ ﷺ مما يكون في آخر الزمان، فإذا شاهده أو سمعه قال: "صدق الله ورسوله" أو: "صدق الرسول ﷺ، لقد أخبرنا بهذا" يعني: عند وجود المناسبات يكون ذلك لا حرج، وأما اعتياده بعد القراءة دائمًا فهذا ما نعلم له أصلًا. فتاوى ذات صلة