قال: وذلك لأن هذا الدين كان بهذا البلد قليلا حتى كان يوم الفتح، فلما كان يوم الفتح، وانقطعت الهجرة توارثوا حيثما كانوا بالأرحام. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا هجرة بعد الفتح " ، وقرأ: وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: إن الكفار بعضهم أنصار بعض = وأنه لا يكون مؤمنًا من كان مقيمًا بدار الحرب لم يهاجر. (29) * ذكر من قال ذلك: 16346- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) ، قال: كان ينـزل الرجل بين المسلمين والمشركين، فيقول: إن ظهر هؤلاء كنت معهم, وإن ظهر هؤلاء كنت معهم! فأبى الله عليهم ذلك, وأنـزل الله في ذلك، فلا تراءى نار مسلم ونار مشرك، (30) إلا صاحب جزية مُقِرّ بالخراج. الباحث القرآني. 16347- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال: حض الله المؤمنين على التواصل, فجعل المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون سواهم, وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض. (31) * * * وأما قوله: (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله. فقال بعضهم: معناه: إلا تفعلوا، أيها المؤمنون، ما أمرتم به من موارثة المهاجرين منكم بعضهم من بعض بالهجرة، والأنصار بالإيمان، دون أقربائهم من أعراب المسلمين ودون الكفار = (تكن فتنة) ، يقول: يحدث بلاء في الأرض بسبب ذلك (32) = (وفساد كبير) ، يعني: ومعاصٍ لله.
مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 11/10/2017 ميلادي - 21/1/1439 هجري الزيارات: 10824 قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾ [الأنفال: 73]. بعد أن ذكر الله تعالى أن المؤمنين - من المهاجرين والأنصار - بعضهم أولياء بعض، وأن المؤمنين في دار الإسلام ليس عليهم التزامٌ بالولاء للمؤمنين في غير دار الإسلام، بيَّن سبحانه وتعالى أن الكفار - على جميع أشكالهم - بعضهم أولياء بعض، وأنه ليس بين المؤمنين والكافرين ولاية. والذين كفروا بعضهم أولياء بعض. والولاية التي بين الكافرين هي ولاية في الميراث، وقيل: في المؤازرة؛ أي يرث بعضهم بعضًا، ويؤازر بعضهم بعضًا، ويقول الألوسي: (وهذا بمفهومه مفيد لنفي الموارثة والمؤازرة بينهم وبين المسلمين، وإيجاب ضد ذلك وإن كانوا أقارب، ومن هنا ذهب الجمهور إلى أنه لا يرث مسلم كافرًا، ولا كافر مسلمًا) [1]. روى الترمذي في سننه عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم)) [2]. وروى أيضًا عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يتوارث أهل ملتين)) [3].
بالحث على الموالاة على الدين والتناصر جاء, فكذلك (38) الواجب أن يكون خاتمتها به. ------------------- الهوامش: (27) انظر تفسير " ولي " فيما سلف من فهارس اللغة ( ولي) (28) في المطبوعة: " عنى بيان أن بعضهم " ، وهو سياق فاسد. وفي المخطوطة: " عنى بيان بعضهم " ، غير منقوط ، مضطرب أيضا فاسد. والصواب ما أثبت. (29) في المطبوعة: " ولم " بزيادة الواو. (30) قوله: " لا تراءى نار مسلم ومشرك " ، أسند الترائي إلى النار ، كناية عن الجوار ، وانظر التعليق السالف ص: 83 ، رقم: 1. (31) الأثر: 16347 - سيرة ابن هشام 2: 332 ، وهو تابع الأثر السالف رقم: 16318. (32) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف 13: 537 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك. (33) انظر تفسير " الفساد " فيما سلف 13: 36 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك. قال تعالى (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أوليا بعض ) جمع المذكر السالم في الجملة هو - كنز الحلول. (34) في المخطوطة: " ولا يجعلونهم مقيم " ، والصواب ما في المطبوعة. (35) كان في المطبوعة بعد قوله " فساد كبير " ما نصه: " إن يتول المؤمن الكافر دون المؤمن ، ثم رد المواريث إلى الأرحام " ، ومثلها في المخطوطة إلا أنه كتب " إن يتولى ". وهو كلام مضطرب ، سببه أن " المؤمن " ذكر في الكلام مرات ، فأسقط ما بين " المؤمن " في قوله " إلا يوال المؤمن المؤمن " ، إلى قوله بعد: " بتولي المؤمن الكافر " ، فاضطراب الكلام ، وسقته على الصواب من سيرة ابن هشام.
يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله: "إن طبيعة المؤمن هي طبيعة الأمة المؤمنة، طبيعة الوَحْدَة وطبيعة التَّكافل، وطبيعة التَّضامن، ولكنَّه التَّضامن في تحقيق الخير ودفع الشَّر، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وتحقيق الخير ودفع الشر يحتاج إلى الولاية والتَّضامن والتَّعاون، ومن هنا تقف الأمة المؤمنة صفًّا واحدًا، لا تدخل بينها عوامل الفرقة، وحيثما وجدت الفرقة في الجماعة المؤمنة فثمَّة ولا بدَّ من وجود عنصرٍ غريب عن طبيعتها وعن عقيدتها هو الذي يدخل بالفُرقة، ثمة غرض أو مرض يمنع السمة الأولى ويدفعها، السمة التي يقررها العليم الخبير". ويبرز الولاء بين جماعة المؤمنين، ويبرز التَّضامن فيما بينهم في الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، من خلال التَّواصي بالحق وبالصبر، فالمهمة عسيرة، والأمانة كبيرة، وقد كان الرجلان من أصحاب النبي - عليه الصلاة والسلام - إذا التقيا لم يفترقا حتَّى يقرأ أحدهما على الآخر: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [العصر: 1، 2]، ثم يسلم أحدهما على الآخر، لقد كانا يتعاهدان على الإيمان والصَّلاح، وعلى التَّواصي بالحق وبالصَّبر، ويتعاهدان على أنَّهما حارسان لهذا الدستور، وعلى أنَّهما من هذه الأمَّة القائمة على هذا الدستور.
26-03-2022 09:33 AM تعديل حجم الخط: بقلم: د. غزل الحمود هل تتذكرون الأيام التي مرت ؛ طقوس شهر رمضان المبارك ، والتجمعات العائلية ، وتناول الحلويات الرمضانية (القطايف) ، وزيارة الأقارب ، والبقاء معهم لفترات طويلة ، والاقتراب من جيرانهم بعد صلاة التراويح. تمر السنين بسرعة، وخلالها، تتغير جوانب كثيرة من الحياة، مثل أعراف كانت دارجة واصحبت من الماضي، وفي عداد الذكريات الجميلة. ولا شك أن الأمور اختلفت بصورة كبيرة بين الماضي والحاضر، إذ ينظر البعض إلى هذا الاختلاف بصورة سلبية، مطالبين 'عودة الأعراف والتقاليد والقيم والأخلاق التي كانت قديما، وتُفتقد في عصرنا هذا. بين الماضي والحاضر ، هناك فجوة كبيرة يشعر بها المواطنون لأن طقوس رمضان اليوم تختلف عن طقوس الأمس. طقوس رمضان السابقة أمست ذكريات قصيرة العمر ، واليوم هيمنت "العولمة" على رمضان ، لذلك شاهدنا الشاب يفتح "فيسبوك" للتواصل مع أصدقائه ، وجدنا الأم تصور الإفطار عبر "واتس آب" ". الكفار بعضهم أولياء بعض. لنشر الخبر ، يصعب على الأفراد التواصل مع العائلات لأنمن الصعب مقارنة رمضان الماضي والحاضر. وهناك طقوس اختفت حاليا مثل التجمعات العائلية وزيارة الأسرة بعد الإفطار وزيارة الفقراء.
ومن هنا يجب على المسلمين الالتزام بتلك المبادئ والأحكام؛ وهي: 1- أحكام الموارثة بين المؤمنين وبعضهم، وبين الكافرين وبعضهم. 2- التناصر والمؤازرة فيما بين المؤمنين، وحرمتها بين المؤمنين والكافرين. 3- حفظ العهود مع المشركين. 4- مناصرة المسلمين الطالبين للنصرة في حدود العهود المبرمة. 5- حرمة الولاية بين المؤمنين والكافرين، ويتبع ذلك حرمة التشبه بالكافرين، وحرمة معاونتهم ومساندتهم، وحرمة تعظيمهم ومودتهم، قال تعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ [المجادلة: 22]. [1] روح المعاني، ج6، ص53. [2] سنن الترمذي، باب ما جاء في إبطال الميراث بين المسلم والكافر، رقم 2107، وقال: حديث حسن صحيح، وأسامة بن زيد: هو حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكنى بأبي محمد، وأمه أم أيمن، حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة على سرية فيها أبو بكر وعمر، مات بالجرف في آخر خلافة معاوية. [3] سنن الترمذي، باب لا يتوارث أهل ملَّتينِ، رقم 2108، وجابر: هو جابر بن عبدالله بن عمرو بن حرام، شهِد العقبة مع السبعين، وكان أصغرهم، وأراد شهود بدر فخلفه أبوه على أخواته، وكن تسعًا، وخلفه أيضًا في أحد، ثم شهِد ما بعد ذلك، توفي سنة 78 هـ بالمدينة.