* * * فإن قال قائل: وما كان وجه سؤال الله عيسى: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله "، وهو العالم بأن عيسى لم يقل ذلك؟ قيل: يحتمل ذلك وجهين من التأويل: أحدهما: تحذير عيسى عن قيل ذلك ونهيُه, كما يقول القائل لآخر: " أفعلت كذا وكذا " ؟ مما يعلم المقولُ له ذلك أن القائل يستعظم فعل ما قال له: " أفعلته " ، على وجه النهي عن فعله، والتهديد له فيه. والآخر: إعلامه أنّ قومه الذين فارقهم قد خالفوا عهده، وبدّلوا دينهم بعده. فيكون بذلك جامعًا إعلامَه حالَهم بعده، وتحذيرًا له قيله. (17) * * * قال أبو جعفر: وأما تأويل الكلام، فإنه: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين "، أي: معبودين تعبدونهما من دون الله. قال عيسى: تنـزيهًا لك يا رب وتعظيمًا أن أفعل ذلك أو أتكلم به (18) = ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق " ، يقول: ليس لي أن أقول ذلك، لأني عبد مخلوق، وأمي أمَةٌ لك, وكيف يكون للعبد والأمة ادّعاء ربوبية؟ = (19) " إن كنت قلته فقد علمته ", يقول: إنك لا يخفى عليك شيء, وأنت عالم أني لم أقل ذلك ولم آمُرهم به. لأنك الله - كتابك لبابك. القول في تأويل قوله: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ (116) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مخبرًا عن نبيه عيسى صلى الله عليه وسلم: أنه يبرأ إليه مما قالت فيه وفي أمه الكفرةُ من النصارى، أن يكون دعاهم إليه أو أمرهم به, فقال: سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ.
الله المستعان
قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: مَا عُبِدَتِ الشَّمْسُ إِلَّا بِالْقِيَاسِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: ظَنَّ الْخَبِيثُ أَنَّ النَّارَ خَيْرٌ مِنَ الطِّينِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْفَضْلَ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ له الفضل، وقد فضل الطين على النار.
تاريخ الإضافة: 23/7/2017 ميلادي - 29/10/1438 هجري الزيارات: 11509 تفسير: (قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) ♦ الآية: ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأعراف (12). إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الأنفال - القول في تأويل قوله تعالى " وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء "- الجزء رقم13. ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ قال ما منعك أن لا تسجد ﴾ لا زائدة معناها: ما منعك أن تسجد؟ وهو سؤالُ التَّوبيخ والتَّعنيف ﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ﴾ معناه: منعني من السُّجود له أنِّي خيرٌ منه إذ كنتُ ناريًّا وكان طينيًّا فترك الأمر وقاس فعصى. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا إِبْلِيسُ ﴿ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ﴾، أي: ولم منعك أن تسجد ولا زَائِدَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ [الأنبياء: 95]، قالَ إبليس مجيبا له: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ لِأَنَّكَ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾، وَالنَّارُ خَيْرٌ وَأَنْوَرُ مِنَ الطِّينِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ فَأَخْطَأَ الْقِيَاسَ فَمَنْ قَاسَ الدِّينَ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِهِ قَرَنَهُ اللَّهُ مَعَ إِبْلِيسَ.
15989 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال: ثم ذكر غرة قريش واستفتاحهم على أنفسهم ، إذ قالوا: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك " ، أي: ما جاء به محمد " فأمطر علينا حجارة من السماء " ، كما أمطرتها على قوم لوط " أو ائتنا بعذاب أليم " ، أي: ببعض ما عذبت به الأمم قبلنا. * * * واختلف أهل العربية في وجه دخول " هو " في الكلام. فقال بعض البصريين: نصب " الحق " ، لأن " هو " والله أعلم ، حولت [ ص: 508] زائدة في الكلام صلة توكيد ، كزيادة " ما " ، ولا تزاد إلا في كل فعل لا يستغني عن خبر ، وليس هو بصفة ، ل " هذا " ، لأنك لو قلت: " رأيت هذا هو " ، لم يكن كلاما. ولا تكون هذه المضمرة من صفة الظاهرة ، ولكنها تكون من صفة المضمرة ، نحو قوله: ( ولكن كانوا هم الظالمين) [ سورة الزخرف: 76] و ( خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا) [ سورة المزمل: 20]. لأنك تقول: " وجدته هو وإياي " ، فتكون " هو " صفة. وقد تكون في هذا المعنى أيضا غير صفة ، ولكنها تكون زائدة ، كما كان في الأول. وقد تجري في جميع هذا مجرى الاسم ، فيرفع ما بعدها ، إن كان بعدها ظاهرا أو مضمرا في لغة بني تميم ، يقولون في قوله: " إن كان هذا هو الحق من عندك " ، " ولكن كانوا هم الظالمون " ، و" تجدوه عند الله هو خير وأعظم أجرا " كما تقول: " كانوا آباؤهم الظالمون " ، جعلوا هذا المضمر نحو " هو " و" هما " و" أنت " زائدا في هذا المكان ، ولم تجعل مواضع الصفة ، لأنه فصل أراد أن يبين به أنه ليس ما بعده صفة لما قبله ، ولم يحتج إلى هذا في الموضع الذي لا يكون له خبر.