البحث الثاني: كيف تكون الملائكة غلاظا شدادا وهم من الأرواح ، فنقول: الغلظة والشدة بحسب الصفات لما كانوا من الأرواح لا بحسب الذات ، وهذا أقرب بالنسبة إلى الغير من الأقوال. البحث الثالث: قوله تعالى: ( لا يعصون الله ما أمرهم) في معنى قوله: ( ويفعلون ما يؤمرون) فما الفائدة في الذكر فنقول: ليس هذا في معنى ذلك ؛ لأن معنى الأول أنهم يتقبلون أوامره ويلتزمونها ولا ينكرونها ، ومعنى الثاني أنهم ( يؤدون) ما يؤمرون به كذا ذكره في "الكشاف".
( تفسير ابن كثير [4/391]) وقوله: { وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} ؛ أي: حطبُها الذي يُلقَى فيها جثثُ بني آدمَ والحجارةُ، قال ابن مسعود: "هي حجارةٌ من الكِبريت الأسود". (تفسير ابن كثير[4/391]) وقوله: { عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} ، قال الشيخ ابن سعدي: "أي: غليظةٌ أخلاقُهم، شديدٌ انتهارُهم، يفزعون بأصواتهم، ويُخيفون بمرآهم، ويُهينون أصحابَ النار بقوَّتهم، ويَمتثلون فيهم أمرَ الله الذي حتَّم عليهم العذاب، وأوجب عليهم شدةَ العقاب" ا هـ. فصل: (سورة التحريم: الآيات 6- 8)|نداء الإيمان. (تفسير ابن سعدي[ص:874]) وقوله: { لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ، هذا مدحٌ للملائكة، وانقيادهم لأمر الله، وطاعتهم له في كلِّ ما أمرهم به. ومن فوائد الآية الكريمة: 1 - أنه يجب على الرجل أن يأمر أهلَه بالمعروف، ويحثَّهم عليه، وينهاهم عن المنكر، ويزجرَهم عنه؛ فيأمرُهم بالصلاة، والزكاة، والصيام، وسائرِ فرائض الإسلام، ويحثُّهم على الأخلاق الجميلة، والآداب الحسنة، ويرغِّبُهم في فضائل الأعمال، كقراءة القرآن، وتعلُّم العلوم النافعة، قال تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132]، وقال عن إسماعيل عليه السلام: { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [ مريم:55].
وقول الله تعالى: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [المعارج: 4]. وقول الله تعالى: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4]. وقول الله تعالى: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴾ [النبأ: 38]. وقول الله تعالى: ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ﴾ [التحريم: 4]. [1] انظر: تفسير الطبري (23 /492). التحريم الآية ٦At-Tahrim:6 | 66:6 - Quran O. [2] انظر: تفسير ابن كثير (8/ 168). [3] انظر: تفسير الطبري (18 /428). [4] انظر: تفسير ابن كثير (5/ 338). [5] انظر: تفسير الطبري (21 /474). [6] انظر: تفسير الطبري (9/ 425). [7] صحيح: رواه مسلم (770)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
رضوان (عليه السلام): وهو خازن الجنة. حملة العرش: وهم الملائكة الموكلون بحمل عرش الرحمن، قال تعالى: ﴿ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَة﴾ [الحاقة: 17]، وقال: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ [غافر: 7]. الزبانية: وهم خزنة جهنم الموكلون بتعذيب من حقت عليه النار، وعددهم تسعة عشر، قال تعالى: ﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَر، وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً﴾ [المدثر: 30-31]. الكتبة: وهم الملائكة الموكلة بكتابة أعمال الإنسان، فعن يمينه ملك يكتب أعماله الصالحة، وعن شماله ملك يكتب أعماله السيئة، قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِين، كِرَامًا كَاتِبِين، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُون﴾ [الانفطار: 10-12]، وقال: ﴿ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف: 80].
4 - أن على المؤمن أن يَقِيَ نفسَه من عذاب الله، وهذه الوقاية تكون ولو بأقل القليل من فعل الخير، عن عديِّ بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما منكم من أحدٍ إلا سيكلِّمه الله، ليس بينه وبينه تُرجُمانٌ، فينظر أيمنَ منه، فلا يَرى إلا ما قدَّم، وينظر أشأمَ منه، فلا يَرى إلا ما قدَّم، وينظر بين يديه، فلا يرى إلا النارَ تِلقاءَ وجهه، فاتَّقوا النار ولو بِشِقِّ تمرةٍ ». (صحيح مسلم[2/704]، برقم[1016]) والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. د. أمين بن عبدالله الشقاوي
"، قال: « فإنها فُضِّلَتْ عليها تسعةً وستين جزءًا، كلُّها مثلُ حَرِّها ».