والحمد لله رب العالمين بقلم / الشيخ محمّد صنقور
وكان الفرّاء يقول: لا يمنعنك أن تجد الإيمان يقبح في بعض ذلك من الفتح، وأن الذي يقبح مع ظهور الإيمان قد يحسن فيه فعل مضارع للإيمان، فوجب فتح أنّ كما قالت العرب: إذَا مــا الغَانِيــاتُ بَــرَزْنَ يَوْمًـا وزَجَّجْــنَ الْحَوَاجِــبَ والعُيُونــا (3) فنصب العيون لاتباعها الحواجب، وهي لا تزجج، وإنما تكحل، فأضمر لها الكحل، كذلك يضمر في الموضع الذي لا يحسن فيه آمنا صدّقنا وآمنا وشهدنا. معنى كلمة الجد - إسلام ويب - مركز الفتوى. قال: وبقول النصب قوله: وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ فينبغي لمن كسر أن يحذف " أن " من " لو " ؛ لأن " أن " إذا خُففت لم تكن حكاية. ألا ترى أنك تقول: أقول لو فعلت لفعلت، ولا تدخل " أن ". وأما الذين كسروها كلهم وهم في ذلك يقولون: وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا فكأنهم أضمروا يمينا مع " لو " وقطعوها عن النسق على أوّل الكلام، فقالوا: والله أن لو استقاموا؛ قال: والعرب تدخل " أن " في هذا الموضع مع اليمين وتحذفها، قال الشاعر: فَأُقْسِــمُ لَـوْ شَـيْءٌ أتانـا رَسُـولُهُ سِـوَاكَ وَلَكِـن لَـمْ نَجـدْ لَـكَ مَدْفَعا (4) قالوا: وأنشدنا آخر: أمَــا وَاللــه أنْ لَــوْ كُـنْتَ حـرًّا ومَــا بــالْحُرّ أنْــتَ وَلا العَتِيـقِ (5) وأدخل " أن " من كسرها كلها، ونصب وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فإنه خصّ، ذلك بالوحي، وجعل وَأَنْ لَوِ مضمرة فيها اليمين على ما وصفت.
مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 29/11/2017 ميلادي - 11/3/1439 هجري الزيارات: 175507 معاني مفردات الآيات الكريمة من (1) إلى (13) من سورة "الجن": ﴿ نفرٌ من الجن ﴾: جماعة من الجن، والنفر ما بين الثلاثة والتسعة. والجن: من خلق الله، خلقهم من نار. ﴿ تعالى ﴾: ارتفع وعظم. ﴿ جدُّ ربنا ﴾: جلاله أو سلطانه. ﴿ ما اتخذ صاحبة ﴾: ليس له زوجة. ﴿ سفيهنا ﴾: جاهلنا: إبليس اللعين. ﴿ شططا ﴾: قولاً بعيدًا عن الحق. ﴿ يعوذون ﴾: يستجيرون. ﴿ فزادوهم رهقًا ﴾: زادهم الجن خوفًا وإثمًا، وازدادت الجن عليهم جراءة وطغيانًا. ﴿ لمسنا السماء ﴾: طلبنا بلوغ السماء؛ لاستماع كلام أهلها. ﴿ شهبًا ﴾: شعلاً من نار تنقض كالكواكب فتحرقهم. ﴿ نقعد منها مقاعد للسمع ﴾: نطرق السماء؛ لنستمع لأخبارها ونلقيها إلى الكهَّان. ﴿ يجد له شهابًا رصدًا ﴾: يجد الشهاب المحرق ينتظره ليحرقه وليهلكه. ﴿ ومنا دون ذلك ﴾: ومنا قوم ليسوا صلحاء. ﴿ طرائق قددا ﴾: فرقًا مختلفة. ﴿ أن لن نعجز الله في الأرض ﴾: أن الله قادر علينا. ﴿ ولن نعجزه هربًا ﴾: ولن نفلت من عقابه. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الجن - الآية 3. ﴿ الهدى ﴾: القرآن العظيم. ﴿ بخسًا ﴾: نقصانًا من ثوابه. ﴿ ولا رهقًا ﴾: ولا زيادة في سيئاته، ولا ذلة له.
فلو كان المراد من الجَدِّ في في الآية هو الغِنى أو الجَاه لكان معناها هو أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد اتَّسع غناهُ وعلا شأنُه فمِن علوِّ شأنِه وسعة غناهُ -غير المحدود- أنَّه متنزِّه عن الصاحبة والولد. والحمد لله رب العالمين الشيخ محمد صنقور 1- سورة الجن / 3. 2- شرح نهج البلاغة ابن ميثم البحراني- ج4 / ص211. 3- مصباح المتهجد -الشيخ الطوسي- ص509.
وهذه المعاني كلها متقاربة وتدل على عظمة الله تعالى وكبريائه. والمعنى الإجمالي منها في الآية: هو التعبير عن الشعور باستعلاء الله سبحانه وبعظمته وجلاله عن أن يتخذ صاحبة ، أي: زوجة ، وولداً ، بنين أو بنات! وكانت العرب تزعم أن الملائكة بنات الله ، جاءته من صهر مع الجن! معنى جد ربنا؟ - YouTube. فكذبت الجن هذه الخرافة الأسطورية. قال ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (14/222): "التعالي: شدة العلوّ. والجَدّ: العظمة والجلال ، وهذا تمهيد وتوطئة لقوله: (ما اتخذ صاحبة ولا ولَداً) ، لأن اتخاذ الصاحبة للافتقار إليها لأنسها وعونها والالتذاذ بصحبتها ، وكل ذلك من آثار الاحتياج ، والله تعالى الغني المطلق ، وتعالى جَدّه بغناه المطلق ، والولد يرغب فيه للاستعانة والأنس به... وكل ذلك من الافتقار والانتقاص" انتهى. وقال السعدي في تفسيره (ص 1055): "(وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا) أي: تعالت عظمته وتقدست أسماؤه، (مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا) فعلموا من جَدِّ الله وعظمته، ما دلهم على بطلان من يزعم أن له صاحبة أو ولدا، لأن له العظمة والكمال في كل صفة كمال، واتخاذ الصاحبة والولد ينافي ذلك، لأنه يضاد كمال الغنى" انتهى وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما معنى قولنا في دعاء الاستفتاح للصلاة: ( وتعالى جدك) ؟ الجواب: " معنى ذلك: تعالى كبرياؤك وعظمتك ، كما قال سبحانه في سورة الجن - عن الجن - أنهم قالوا: ( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا) " انتهى.
فلو كان المراد من الجَدِّ في في الآية هو الغِنى أو الجَاه لكان معناها هو أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد اتَّسع غناهُ وعلا شأنُه فمِن علوِّ شأنِه وسعة غناهُ -غير المحدود- أنَّه متنزِّه عن الصاحبة والولد. 1 – الجن/3. 2 – شرح نهج البلاغة ابن ميثم البحراني – ج4 / ص211. 3 – مصباح المتهجد – الشيخ الطوسي – ص509.