عندما يصطدم الإنسان في الحياة العملية يبدأ في التعامل مع الناس بكل أشكالها وألوانها ، الطيب والشرير ، الغني والفقير ، الطماع والقنوع ، ويبدأ في إكتساب خبرة التعامل مع الناس ، ولكن للأسف المعاملة تاتيك من الناس بالشكل الذي لا تتمناة فتجد هذا يفتن عليك ، وهذا يقول في حقك أشياء ليست فيك ، وهذا يوقع بينك وبين صديقك ، فما هو الحل ، هل تُعامل الناس كما يعاملوك ، أم تُعاملهم كما تُحب أن يعاملوك. لماذا تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك ؟؟ لأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم " من أحب أن يُزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته مَنِيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأتِ إلى الناس الذي يُحِبّ أن يُؤتَى إليه ". وهذا هو نفس معني "عامل الناس كما تحب أن يعاملوك" كما أنك عندما تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك سوف تكتسب حب الناس اليك وسوف تكون صداقات ومعارف كثيرة ، كما أنك لن تحمل كُرة لأحد لأنك تعامل كل شخص كما تُحب أن يعاملك هو. لماذا لا تُعامل الناس كما يُعاملوك ؟؟ عندما تُعامل الناس كما يُعاملوك سوف تكون أسوء البشر علي الإطلاق ، فمن يتكلم عنك بسوء سوف تتكلم عنه بسوء ، ومن يسرقك سوف تسرقة ، ومن يُوقع بينك وبين صديقك سوف تقوم بالإيقاع بينه وبين صديقة ، وهكذا مع كل شخص ، سوف تقوم برد الإسائة بنفس الإسائة فتجمع كل تلك الصفات القبيحة معاً فتصبح أسوء الناس علي الإطلاق.
عامل كما تحب ان تعامل نقدمها لكم اليوم عبر موقعنا زيادة حيث أنه لقد بين لنا الدين الإسلامي السمح العديد من القواعد للتعامل مع الآخرين، ومن هذه القواعد عامل كما تحب أن تعامل، حيث يجب على الإنسان معاملة الناس من حوله كما يحب أن يعاملوه، وبالتالي سوف يسود الحب والود والوئام بين جميع الأطياف في المجتمع، وسوف نستعرض معاً قصة عن هذا الموضوع، مع التعرف على بعض النصائح أو القواعد في التعامل مع الناس في السطور القادمة. قصة عن عامل كما تحب ان تعامل في أحد الأيام ذهب أحد الحكام مع ابنه للتنزه خارج المدينة، ورؤية المناظر الطبيعية في الجو النقي بالبعد عن ضوضاء ومشاكل المدينة، وقد اتجه الاثنان نحو وادي عميق تحيط به الجبال المرتفعة، وخلال سيرهما وقع الطفل وسقط فوق ركبته، وصرخ الولد من شدة الألم بقوله(آه)، ووجد صوت يأتيه من أقصى الوادي يرد عليه (آه) أيضاً. نسي الولد الألم الذي شعر به وتساءل مندهشاً عن الصوت القادم وقال له من أنت، فرد عليه قائلاً أيضاً من أنت، فشعر الطفل بالانزعاج، فرد قائلاً أنا الذي أسألك من أنت، فأتاه الصوت مرة أخرى مردداً نفس السؤال، فشعر الولد بالحيرة وصاح وهو غاضب، أنت جبان، وكان الجواب هو نفس الجواب وهو أنت جبان.
لا أريدك أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك فحسب، وإنما أريدك أن ترتقي قليلا فتعامل الناس بما تحب أن يعاملك الله -جل جلاله- به الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، عبارة دارجة، وحكمة يكررها الناس، وهي ليست حديثا عن النبي –صلى الله عليه وسلم- وإنما قاعدة من القواعد المهمة في السلوك المحمود، ولكن دعوني أعطيكم قاعدة أخرى لا تقل في الرقي والسمو من هذه القاعدة، بل هي أفضل منها، أتدرون ما هذه القاعدة؟ "عامل الناس بما تحب أن يعاملك الله" لا أريدك أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك فحسب، وإنما أريدك أن ترتقي قليلا فتعامل الناس بما تحب أن يعاملك الله -جل جلاله- به، فالذي تريده من الله -عز وجل- افعله للناس كي يمنحك الله إياه. وإليكم بعض الأمثلة: أتريدُ يا عبد الله الرزق ؟ وأن يعطيك الله؟ أنفق في وجوه الخير يُنفقُ اللهُ عليك، فقد روى أبو هريرة –رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- قَالَ:( « قَالَ اللَّهُ: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ») [متفق عليه]. فهذا وعد من الله عز وجل بِالْخُلْفِ لمن أنفق في وجوه الخير، قال -عز وجل- { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفهُ}.
عامل الناس كما تحب أن يعاملوك الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن من المهارات التي ينبغي أن يتقنها الإنسان فن التعامل مع الناس، وهذا يحتاج إلى دربة وتعود على الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة. ولقد كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- مثالاً عالياً في مكارم الأخلاق والمعاملات، وفي جميع شؤون الحياة، فينبغي علينا أن نقتدي به في ذلك: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} سورة الأحزاب(21). فهو صاحب الأخلاق الحسنة من الوفاء بالوعد، وصدق الحديث، وإكرام الضيف، وإعانة المحتاج، وما إلى ذلك من الأخلاق التي تخلق بها مما ورد في الكتاب، فلقد كان خلقه القرآن. ولذلك فقد وجدنا في السنة أنه صلى الله عليه وسلم يحث على الأخلاق الفاضلة، والمعاملة الحسنة، بل ويبين أن الإنسان بحسن خلقه يبلغ ما لا يبلغه الصائم القائم؛ كما في حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ( إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم) 1. وبحسن الأخلاق يكون الإنسان المؤمن من أقرب الناس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مجلساً؛ فعن عبد الله بن عمرو أنه قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في مجلس: ( ألا أحدثكم بأحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة) ثلاث مرات يقولها، قال: قلنا بلى يا رسول الله ، قال: فقال: ( أحسنكم أخلاقا) 2.
أتريد من رب العالمين أن يعفوَ عنك ويصفحَ ويتجاوزَ عن ذنوبك؟ فاعفُ أنت عن الناس إذا أخطأوا عليك، قال تعالى { وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
وإذا أردت يا عبد الله العون من الله -عز وجل- فأعن مسلما على حوائجه، فقد قال –صلى الله عليه وسلم-: ( « وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ »). هكذا يتعامل الله معنا بحسب تعاملنا مع الناس. أتريد أن يرد الله عن وجهك النار يوم القيامة ؟ فرد عن أخيك الغيبة حين يغتابه الناس وأنت بينهم، فقد قال –صلى الله عليه وسلم-: ( « مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ») رواه الترمذي. 7 1 19, 191