يا أمة ضحكت من جهلها الأمم - قصيدة فيصل الفارسي - YouTube
صدق الشاعر أبو الطيب المتنبى عندما قال هذا البيت ولو كان بيننا الآن لقال: (يا أمة سَخِرت من جهلها الأمم). لأن السخرية أشد ألمًا، فلو نظرنا لحال الأمة العربية لأشفقنا على أنفسنا مما آلت إليه أحوال أمتنا من تدهور وانحلال وهدم. ولو فكرنا فى المجتمعات العربية جيدًا لضحكنا فعلاً من بعض الأفعال والأقوال والتصرفات فلا إنتاج ولا اختراع ولا إبداع ولا حضارة ولا صناعة. ففى الأمة العربية تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود بشكل جلى، حيثُ نجد أن الأمة العربية بلغت يأسها وتخلفها من الذل والهوان وأختلط الحابل بالنابل فى ضل الحروب فهناك جرح ينزف، ودم يُسكب، وشعب يصرخ، وحقوق ضائعة، وأراضٍ تُسرق، لا احترام ولا تقدير، معظم الدول العربية تائهة تعانى الجهل وتشكو التخلف وفى نفس الوقت لا هم لها إلا الطرب واللهو والقهقهة وبطانة تعيث فى الأرض فسادًا، حتى وصلت أوضاع أمتنا إلى غاية الانحطاط وأصبحنا نعيش عصر التخلف فى ذيل قائمة العالم، وفى هامش الخريطة الجغرافية وتداعت علينا الأمم من كل حدب وصوب. أصبحنا بلا غاية لا وزن ولا قيمة ولا كلمة لنا فى الكرة الأرضية، فاستسلمت هذه الأمة العربية ورجعت للوراء وتخلفت وذُلت وظُلمت حالها أصبح يدمى القلب ألما وضيقًا على تبدل حالها من عز ومجد قديم إلى ذل وضعف.
ولم ينتبهوا إلى المأساة الكارثيّة التي يعيشونها. ولهذا فقد انقادوا طائعين مخلصين لأكاذيب الغرب الذي يستعبدهم وينهب ثرواتهم، فأصبحت الخيانة عقيدة، وليست "وجهة نظر" كما وصفها الشّهيد صلاح خلف في سبعينات القرن الفارط. فقد فرّطوا بفلسطين وشعبها، بل ساهم عدد منهم بإقامة اسرائيل وحمايتها، وحاربوا ولا يزالون من يعاديها، وبعضهم يتستّر بالدّين والدّين منه براء، ولم يتّعظوا من تجاربهم ولا من تجارب غيرهم، وقد استطاعت الإمبرياليّة العالميّة تجنيد بعض أحزاب وتنظيمات الإسلام السّياسي لمحاربة السّوفييت، وأطلقت عليهم "السّور الواقي من خطر الشّيوعيّة"! وعندما انهار الاتّحاد السّوفييتي ومجموعة الدّول الإشتراكية في بداية تسعينات القرن الفارط، بحثت الإمبرياليّة عن عدوّ محتمل، فكرّست طاحونة إعلامها لشيطنة الإسلام والمسلمين، وعبّأت الشّعوب ضدّهم، ومع ذلك ظهرت تنظيمات متأسلمة مثل القاعدة، داعش، جبهة النّصرة وغيرها، مارست الإرهاب العالميّ، لتثبت قولا وفعلا دعاية وأكاذيب الإمبرياليّة التي وجّهتهم لمحاربة أوطانهم وشعوبهم، فدمّروا الجزائر، الصّومال العراق، سوريا، ليبيا وغيرها. وإذا كذّب الإمبرياليّون وضلّلوا الشّعوب حفاظا على مصالحهم، ولمواصلة نهب خيرات الشّعوب، فإنّ حكّاما عربا ومسلمين كذّبوا على شعوبهم لتسهيل المصالح الإمبرياليّة وتحقيقها على حساب أوطانهم وشعوبهم، فقتلوا واعتقلوا وعذّبوا وشرّدوا وخوّنوا وكفّروا كلّ من عارض ذلك وسخّروا طاحونة إعلام هائلة لتضليل الشّعوب.
إنه التقهقر والتراجع والتولي والإدبار، والبعد عن الثبات؛ نسأل الله لنا ولكم الثبات في زمن المتغيرات وعصر الفتن والشبهات. يقول الله -سبحانه وتعالى- وهو يخاطب نبيه -صلى الله عليه وسلم- فكيف بنا نحن؟ فيقول له: ( وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) [الإسراء: 74- 75]. لقد حدثت في زماننا هذا أحداث كثيرة ثبت من خلالها أن المسلمين -إلا من رحم الله- واقعين في جهل شديد بأمور الدين والعقيدة، ويعيش كثير منهم في غفلة كبيرة عن فهم التوحيد وتحقيقه على الواقع، وتبين أنهم يعيشون أفكاراً هشة بعيدة كل البعد عن حقائق الشرع ونصوص الكتاب والسنة. قبل سنوات أنزل الله على أمريكا رأس الكفر وحامية الصليب ورافعة لواء الحرب على الإسلام والمسلمين أصابها الله بسلسلة من الأعاصير المدمرة والفيضانات الكبيرة التي وقعت عليهم ونزلت بهم خاصة في بعض الولايات المشهورة عندهم بالفجور والطغيان ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) [المدثر: 31].