خطبة | اللهم أعط منفقًا خلفًا - YouTube
نماذج وقدوات في البذل والعطاء لقد ضرب سلفنا الصالح أروع الأمثلة في البذل والانفاق، ولا غرابة في ذلك، فقد كان قدوتهم أجود الناس وأبرهم عليه الصلاة والسلام، فهو القدوة الحسنة والمثل الأعلى في الجود وحب العطاء فقد كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان إذ كان فيه كالريح المرسلة وقد بلغ صلوات الله وسلامه عليه مرتبة الكمال الإنساني في حبه للعطاء، إذ كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ثقة بعظيم فضل الله وإيماناً بأنه هو الرازق ذو الفضل العظيم. اللهم اعط منفقا خلفا. روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: { لو كان لي مثل أحد ذهباً لسرّني أن لا يمر عليّ ثلاث ليال وعندي شيء منه إلا شي أرصده لدين}. وروى البخاري ومسلم أيضاً عن جابر قال: ( ما سئل رسول الله شيئاً قط فقال لا). وعلى هذا الدرب سار أصحابه من بعده وكذلك السلف الصالح من التابعين ومن بعدهم فقد أنفق أبو بكر الصديق ماله كله في إحدى المناسبات، وأنفق عمر نصف ماله وجهّز عثمان جيش العسرة بأكمله. وباع طلحة بن عبيد الله أرضاً له إلى عثمان بن عفان بسبعمائة ألف درهم فحملها إليه، فلما جاء بها قال: ( إن رجلاً تبيت هذه عنده في بيته فلا يدري ما يطرقه من أمر الله لضرير بالله)، فبات ورسله تختلف بها في سكك المدينة توزعها حتى أسحر وما عنده منها درهم.
وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أنفَقَ الرجُلُ على أهله نفقةً يَحتسِبُها، فهي له صدقة))؛ متفق عليه. وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضيِّعَ مَن يقُوتُ))؛ حديث صحيح رواه أبو داود وغيره. ورواه مسلم في صحيحه بمعناه قال: ((كفى بالمرء إثمًا أن يَحبِسَ عمَّن يَملِكُ قُوتَه)). اللهم اعط منفقا خلفا واعط ممسكا تلفا. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما مِن يومٍ يُصبِحُ العبادُ فيه إلا ملَكانِ يَنزِلانِ، فيقول أحدُهما: اللهم أَعطِ مُنفِقًا خلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أَعطِ ممسكًا تلفًا))؛ متفق عليه. وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اليدُ العليا خيرٌ من اليد السفلى، وابدَأْ بمَن تعُول، وخيرُ الصدقة ما كان عن ظهر غِنًى، ومَن يَستعفِفْ يُعِفَّهُ الله، ومَن يَستغنِ يُغنِهِ الله))؛ رواه البخاري. قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: هذه الأحاديث التي ذكَرَها المؤلِّف رحمه الله تعالى في باب النفقة على الأهل، كلُّها تدل على فضيلة الإنفاق على الأهل، وأنه أفضل من الإنفاق في سبيل الله، وأفضل من الإنفاق في الرِّقاب، وأفضل من الإنفاق على المساكين؛ وذلك لأن الأهل ممن ألزَمَك اللهُ بهم، وأوجَبَ عليك نفَقَتَهم، فالإنفاق عليهم فرضُ عين، والإنفاق على من سواهم فرضُ كفاية، وفرضُ العين أفضلُ من فرض الكفاية.
قول المذهب الحنفي: أجاز فقهاء المذهب الحنفي صيام الست من شوال، استنادًا إلى ما روته أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها -: "كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إلَّا في شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَوْ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. [وفي رواية]: وَذلكَ لِمَكَانِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. هل صيام ست من شوال بدعة؟ - أفضل اجابة. [وفي رواية]: وَلَمْ يَذْكُرَا في الحَديثِ الشُّغْلُ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ" [صحيح مسلم|خلاصة حكم المحدث: صحيح]. قول المذهب المالكي والشافعي: يعتبر فقهاء المذهب المالكي والشافعي صوم الست من شوال مكروهًا، ورأوا أنّ قضاء الواجب أولى. قول المذهب الحنبلي: حرّم فقهاء المذهب الحنفي صيام الست من شوال بتقديمه على صيام القضاء الواجب. حكم جمع نية صيام ست من شوال والقضاء لا يجوز أن يجمع المسلم ما بين نية صيام القضاء من رمضان مع نية صيام الست من شوال في نفس اليوم؛ لأن كل منهما يحمل نية خاصة، ولكن من نوى صيامهما في نفس اليوم فلا يسقط عنه القضاء بل يكون صيامه نفلًا ويقضي يومًا بدلًا عنه.
لقد شاع بين بعض أهل العلم أنّ صيام ستة أيّام من شوال بعد رمضان هو بدعة، ولكنّ كلامهم هذا مردود بما أجاب به كثير من أهل العلم، وحجة هؤلاء أنّ حديث أبي أيّوب -رضي الله عنه- في سنده بعض من تكلّم فيهم العلماء، ولكن وإن تكلّم العلماء بهم فإنّ غيرهم من العلماء قد وثّقوهم وقبلوا حديثهم، ويكفي الحديث أنّه مرويّ في صحيح مسلم ليؤخذ به،[4] وكذلك يقول المُبدّعون لهذه السنّة إنّ الإمام مالك قد كرهها، ولكنّ الحقيقة أنّ الإمام مالك لم يرَ في سلفه من صام هذه الأيّام، فخشي أن يعتقد الجهلة من الناس أنّ هذه الأيّام تابعة لرمضان.
عباد الله، لقد أنعم الله تعالى علينا بصيام شهر رمضان المبارك وقيامه، وتلاوة كتابه العظيم، وإخراج صدقة الفطر، وشهود العيد، وغير ذلك من وجوه البِر والإحسان، وها هو قد مضى وانصرم كطيفٍ عابر، فهنيئًا لمن كان منَّا صاحب عملٍ مقبولٍ، ويا حسرة من كان محرومًا من القبول، وإذا كنَّا قد ودَّعنا شهر رمضان، فإن من فضل الله تعالى أن شـرف الزمان لا يودع، وما دام في العمر بقيةٌ، فعلى المسلم أن يستثمره فيما ينفعه في الدنيا والآخرة. هل صيام الستة من شوال بدعة - موقع محتويات. واعلموا - بارك الله فيكم - أن من ذاق حلاوة الصيام، فالبابُ مفتوحٌ أمامه لصيام النوافل التي شرعها الله لنا؛ كصيام الأيام الستة من شهر شوال، وصيام الأيام البيض من كل شهرٍ قمري، وصيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وصيام يوم عرفة، وصيام عاشوراء. عباد الله، إن صيام ستة أيامٍ من شهر شوال سنةُ ثابتةُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما جاء في حديث أبي أيوب (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: "من صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر"؛ (رواه مسلم وأبو داود، والترمذي والنسائي وابن ماجه). وما ذلك إلا لأن صيام شهر رمضان للمسلم يعدِل بفضل الله تعالى صيام ثلاثمائة يوم؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، ثم يأتي صيام ستة أيامٍ من شهر شوال ليعدل بإذن الله تعالى ستين يومًا، فيكون المجموع مساويًا لعدد أيام السنة.
ومعنى الحديثِ -أيها المؤمنون! كما قال أهلُ العلم-: أنَّ مَنْ صامَ رمضانَ كاملاً فَلَمْ يكنْ عليهِ مِنْهُ قضاءٌ لِعُذْرٍ، ثم صامَ بعدَهُ مِنْ أيامِ شوالَ -غيرِ يومِ العيدِ- سِتّةَ أيامٍ؛ كان كمَنْ صامَ السَّنَة كلَّها. فَمَنْ كان عليه قضاءُ أيامٍ أفْطَرَها مِنْ رمضانَ لِعُذْرٍ؛ فَلْيُبادِرْ إلى صيامِها، فالفرضُ أولى بالتّقديم، ثم يُتْبِعُها بصيامِ سِتٍّ مِنْ شوالَ؛ لِيَتَحَقَّقَ له بذلك إكمالُ الصيامِ المفروضِ، ويَتِمَّ له إدراكُ فضْلِ السِّتِّ مِنْ شوالَ بعد ذلك. قال الإمامُ ابنُ رجبٍ -رحمه الله تعالى-: ((لا يَحْصُلُ مقصودُ صيامِ ستةِ أيامٍ مِن شوالَ؛ إلا لِمَنْ أكملَ صيامَ رمضانَ، ثم أتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِن شوالَ. فمَنْ كان عليه قضاءٌ مِنْ رمضانَ، ثم بَدَأَ بصيامِ سِتٍّ مِنْ شوالَ تَطَوُّعًا؛ لم يَحصلْ لهُ ثوابُ مَنْ صام رمضانَ، ثم أتبعَهُ بِسِتٍّ مِن شوالَ؛ حيثُ لَم يُكْمِلْ عِدّةَ رمضان)). انتهى كلامه رحمه الله تعالى. وهنا مسائلُ ينبغي التنبيهُ عليها، تتعلقُ بصيامِ السِّتِّ مِنْ شوالَ: فمِنْ ذلك: أنَّ بعضَ الناسِ يكونُ عليه قضاءُ يومٍ أو يومين مِنْ رمضان، فإذا صامَها في شوال؛ جَعَلها معدودةً مِنْ صِيامِ سِتّةِ أيامٍ مِنْ شوال!
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولـكم، ولجميع المسلمين والمسلمات من كل ذنبٍ وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.
ت + ت - الحجم الطبيعي الأحكام الفقهية كثيرة وتتجدد بتجدد حاجات المسلمين في كل زمان ومكان ولكنّ مرجعها الأساس لا يتغير ولا يتبدل وهو كتاب الله وسنة رسولنا الأمين صلى الله عليه وسلم، والعلماء يجتهدون رأيهم عند عدم ورود الأدلة الصحيحة فإن وردت وصحّت لديهم فرأيهم لا يتجاوز قول الله ورسوله كما بيّنه الأئمة كلهم وأمروا به من يأخذ برأيهم من بعدهم، يقول إمام دار الهجرة مالك رحمه الله: كلٌّ يؤخذ منه ويُردّ إلا صاحب هذا القبر، وأشار إلى قبر رسول الله. وقد خصّ الله الأمة الإسلامية بمنّةٍ عظيمةٍ وفضّلها بها فقد اختارها لتحمل آخر الرسالات السماوية إلى يوم القيامة وشرّفها بأفضل الخلق وخاتم المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، إذ لم يقبضه إلى الرفيق الأعلى حتى أكمل الله به للمسلمين دينهم وأتمّ نعمته عليهم وقال لهم جلّ مِنْ قائل: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"، وفي هذه الآية دليل لا شك فيه أن رسولنا الأمين لم يفارقنا حتى أدى الأمانة على أتم وجه.