نقدم لكم اليوم حديث من فرجة كربة.
تاريخ النشر: السبت 17 جمادى الآخر 1426 هـ - 23-7-2005 م التقييم: رقم الفتوى: 64998 20039 0 293 السؤال ما المأثور في الاهتمام بالصحة والإغاثة؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالصحة والإغاثة داخلان في عموم عون المسلم وقضاء حوائجه وتفريج كربه والتيسير عليه... وفي ذلك من الأجر ما لا يعلم قدره إلا الله. ففي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:... ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. وفي صحيح مسلم والمسند وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر عن معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. فضل تفريج كرب المكروبين - إسلام ويب - مركز الفتوى. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.... والله أعلم.
[ صحيح. ] - [رواه مسلم. ]
غيرَ أنَّ حَدِيثَ أَبِي أُسَامَةَ ليسَ فيه ذِكْرُ التَّيْسِيرِ علَى المُعْسِرِ) [صحيح مسلم |خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ويقول ابن دقيق العيد -رحمه الله-: "هذا حديث عظيم، جامع لأنواع من العلوم والقواعد والآداب، فيه فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما يتيسر؛ من علم، أو مال، أو معاونة، أو إشارة بمصلحة، أو نصيحة، أو غير ذلك" [١]. آثار حديث من نفّس عن مؤمن كربة إنّ من يتأمل عظمة ما ورد في هذا الحديث من إرشادات اجتماعية، وإنسانيّة، سيفهم بالتأكيد نتائج تطبيقه العظيمة على المجتمع والناس، ومن تلك الآثار ما يلي [٢]: مراعاة المشقات والصعوبات في حياة الإنسان: إذ يحتاج الإنسان إلى من يفرّج كربه؛ لذا حث الرسول الكريم على التآخي ومدّ يد العون للآخرين، والسعي لإزالة كربهم أو تخفيفه؛ لما لهذا من أثر في قلب المكروب، ويُجازى عليه بأن يفرّج الله كربة أعظم عنه، وهي كربة الوقوف والحساب، وكربة السؤال والعقاب يوم القيامة. التيسير على المُعسر: فقد أُمر صاحب الحق بالتجاوز عن المدين المعسر، وانتظار سداد حقوقه إلى حين تيسر أحوال المدين؛ إذ يقول الله عز وجل: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} [البقرة: 280] والأفضل أن يُسقط صاحب الحق شيئًا من حقه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (كان رجلٌ يدايِنُ الناسَ، فكان يقولُ لفتَاهُ: إذا أتيتَ مُعْسِرًا فتجاوزْ عنه، لعلَّ اللهَ أنْ يتجاوَزَ عنَّا، فلَقِيَ اللهَ، فتجاوَزَ عنْهُ) [صحيح الجامع |خلاصة حكم المحدث: صحيح].
ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره. تكملة للتي قبلها فإن تقوى الله سبب تفريج الكرب والخلاص من المضائق ، وملاحظة المسلم ذلك ويقينه بأن الله يدفع عنه ما يخطر بباله من الخواطر الشيطانية التي تثبطه عن التقوى ويحقق وعد الله إياه بأن يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. وحسب: وصف بمعنى كاف. وأصله اسم مصدر أو مصدر. [ ص: 313] وجملة ( إن الله بالغ أمره) في موضع العلة لجملة ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه) ، أي لا تستبعدوا وقوع ما وعدكم الله حين ترون أسباب ذلك مفقودة فإن الله إذا وعد وعدا فقد أراده وإذا أراد الله أمرا يسر أسبابه. ولعل قوله قد جعل الله لكل شيء قدرا إشارة إلى هذا المعنى ، أي: علم الله أن يكفي من يتوكل عليه مهمة فقدر لذلك أسبابه كما قدر أسباب الأشياء كلها فلا تشكوا في إنجاز وعده فإنه إذا أراد أمرا يسر أسبابه من حيث لا يحتسب الناس وتصاريف الله تعالى خفية عجيبة. ومعنى ( بالغ أمره): واصل إلى مراده. والبلوغ مجاز مشهور في الحصول على المراد. والأمر هنا بمعنى الشأن. وعن عبد الله بن رافع لما نزل قوله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه قال أصحاب النبيء - صلى الله عليه وسلم - أي بعضهم: فنحن إذا توكلنا نرسل ما كان لنا ولا نحفظه فنزلت ( إن الله بالغ أمره ، أي فيكم وعليكم اهـ.
ومن يتوكل على الله فهو حسبه تلاوه رائعه ماشاء الله💟💫 - YouTube
الشاهد من هذا الحديث لما ترجم له المؤلف رحمه الله: أن المتوكل عليه وحده دون ما سواه والذي يجب أن تفوض إليه جميع أمور العباد هو الله سبحانه وتعالى؛ لأنه سبحانه وتعالى هو الكافي، هذا من وجه. ومن وجه آخر: قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (حسبنا الله ونعم والوكيل): أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قالها، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم قالها. تقدم لنا أنه إذا أثني على أحد بخير في القرآن أو في السنة فإنه يطلب منا محبته واتباعه. والأنبياء عليهم الصلاة والسلام قالوا هذه الكلمة العظيمة: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173]، فالله عز وجل أثنى عليهم بهذا الذكر. التوكل كما تقدم لنا عبادة، التوكل ينقسم إلى أقسام: القسم الأول: التوكل التعبدي، وهذا من أجل العبادات وأفضل القربات، كما تقدم لنا أن التوكل من العبادات القلبية، فيجب أن يكون لله عز وجل دون ما سواه. القسم الثاني: التوكل الذي يكون شركاً أكبر، وهذا له صورتان: الصورة الأولى: التوكل على الأموات والأضرحة والأصنام في جلب النفع ودفع الضر.. إلى آخره، نقول بأن هذا شرك أكبر مخرج من الملة؛ لوجود تسوية غير الله بالله. الصورة الثانية: أن يتوكل على المخلوق في أمر لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، يتوكل على الحي في أمر لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، كما لو توكل على الحي في هبة الولد ونحو ذلك، فنقول بأن هذا شرك أكبر.
﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3] التوكُّل على الله في أبسط تعاريفِه هو الأخذُ بالأسباب كأنَّها كل شيء، ثمَّ التوجُّه والافتقار إلى الله كأنَّ هذه الأسباب ليسَت بشيء، فالتوكُّل شقَّان: شقُّ الأخذ بالأسباب بالجوارح، وشقُّ الافتقار إلى الله بالقلب، وهذا لا يَتناقض مع ذلك؛ بل بينهما تكامُل يَرقى بصاحبه في الدنيا والآخرة. وللتوكُّل دافعان أساسيان: عَجز الإنسان وضعفه، وقُدرة الله وقوَّته. فالمرء فينا إن كان له الاختيار في بعض تصرُّفاته وإدارته لشؤونه إلَّا أنَّه عاجِز عن البعض الآخر، إنَّ أجهزة جسم الإنسان التي تَعمل بانتظامٍ دون كلَل أو ملَل ودون أي تدخُّلٍ منه كفيلةٌ بإظهار عَجزه عن إدارة شؤون نَفسه، فكيف بما حوله؟! والإنسان عاجِز عن تصريف قلوب مَن حوله من النَّاس وسلوكيَّاتهم وفق مراده، وعاجز عن التحكُّم الكامل في الجمادات من حوله، إنَّ مظاهر عَجز الإنسان أكبرُ من مظاهر قوَّته، ولكن غروره قد يصوِّر له عكسَ ذلك؛ ﴿ أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ﴾ [البلد: 5]. وحتى مظاهر القوَّة التي يتَباهى أحدُنا بها؛ من قوَّة بطشٍ أو رجاحة عقل، أو رِفعة نسَب أو علوِّ منصب... أليسَت هذه المَظاهر نابعة عن عطايا الله وفضله وكرَمه علينا؟!
فأصبح عندنا شرك أكبر له صورتان: الصورة الأولى: أن يتوكل على الأموات والأضرحة والأصنام، هذا شرك أكبر. الصورة الثانية: أن يتوكل على المخلوق الحي في أمر لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، كهبة الولد، وإجراء السحاب، وإنزال المطر.. ونحو ذلك، فنقول بأن هذا شرك أكبر مخرج من الملة. القسم الثالث: التوكل الذي يكون شركاً أصغر، وهو أن يتوكل على المخلوق في ما يقدر عليه، نقول: بأن هذا شرك أصغر، فمثلاً يتوكل على الطبيب في ما يقدر عليه من العلاج، هذا شرك أصغر، يتوكل على صاحب الرزق في ما عنده من العطاء، نقول: بأن هذا شرك أصغر؛ لأن التوكل عبادة، ولا يجوز أن تصرف لغير الله عز وجل مطلقاً، ومعنى ذلك: أن يعتمد القلب على هذا المخلوق، وينسى المسبب الذي هو الله سبحانه وتعالى، فنقول: بأن هذا شرك أصغر. الأمن من مكر الله تعالى تفسير قوله تعالى: (أفأمنوا مكر الله.. ) تفسير قوله تعالى: (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) وقوله: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [الحجر:56]، القنوط: هو استبعاد الفرج والرحمة وتنفيس العسرة. وتقدم لنا من أقسام الخوف الخوف البدعي، وهو أن يخاف من الله عز وجل حتى يحمله ذلك إلى استبعاد الفرج والقنوط من رحمة الله عز وجل، فهذا خوف بدعي.
كما أنَّ التوكُّل بشقَّيه (الأخذ بالأسباب، والتوجُّه إلى الله) يَجعل الإنسانَ رقيبًا على نفسه في عدم اقتراف مَعصية وهو يَأخذ بالأسباب، ورقيبًا على نفسه في أن يُتقن عملَه لأنَّه يَقصد به وجهَ الله. وعلى مستوى الأمَّة: لن يَنصلح حال أمَّتنا وتنهض من كَبوتِها وتتقدم الصفوفَ، إلَّا إذا ثابت ورجعَت إلى ربِّها؛ تَفتقر إليه، وتَبتغي رضاه، وتنتظم شؤونها وفقًا لشرعه، وأيضًا أخذَت بأسباب التقدُّم؛ من أساليب إدارة وصناعة، وتخطيطٍ مُحكَم، وإستراتيجيات واضحة للتحرُّر من قيود استعمار القوى العظمى عليها؛ لتَرجع إلى دَورها المنوط بها؛ ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 110]. إنَّ أمَّتنا لا يَكفيها حملها لخاتم الرِّسالات السماويَّة لكي تكون الأولى بين العالَمين؛ فإنَّ لله سُننَه في خلقه التي لا تُحابي أحدًا، فأمَّتنا ما دامَت لا تَثوب إلى ربِّها وتَأخذ بكلِّ أسباب القوَّة والتقدُّم فلن تَزيدها الأيام إلَّا تَراجعًا وتقهقرًا وفُرقة بين بعضها البعض. في ظلِّ كل هذا نتفهَّم معنى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ﴾ [الطلاق: 3]، فالله يَكفي من التَجَأ إليه بصدقٍ آخذًا بكلِّ الأسباب.
اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا تفسير الآية الكريمة قال -تعالى-: (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا). [١] الآية الكريمة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً مع خاتمة الآية السابقة، التي يقول فيها الحق -سبحانه وتعالى-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) ، حيث تبين هذه الخاتمة أن من يتقي الله -سبحانه وتعالى- و يراقبه ويقف عند حدوده، يجعل له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ويرزقه من وجه لا يخطر له ببال ولا يعلمه. [٢] وهذا يدلنا على أن تقوى الله -سبحانه وتعالى- سبيل النجاة من المآزق، والهموم الدنيوية والأخروية، وعند الموت، وهي أيضاً سبب للرزق الواسع غير المتوقع، وقد روى أحمد عن أبي ذر -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علّق على هذه الآية الكريمة بقوله: (يا أبا ذرٍّ! لَو أنَّ النَّاسَ أخذوا بها لكفَتْهُم). [٣] [٤] ثم تبين الآية الكريمة أن من يثق بالله -سبحانه وتعالى-، ويفوض إليه أمره بعد أن عمل جميع الأسباب التي يجب فعلها، كفاه -عز وجل- ما يهمه، في جميع شؤونه، وبلغه ما يريده وأعطاه مراده.. [٤] ذلك لأن الله -عز وجل- هو القادر على كل شيء، وهو الغني عن كل شيء ولا يعجزه مطلوب، وقد جعل للأشياء قدراً قبل وجودها، وقدّر لها أوقاتها، فجعل -سبحانه- للشدة أجلاً تنتهي إليه، وللرخاء أجلاً ينتهي إليه.