وهذا القول منهم مبني على إنكار العلية والمعلولية بين الأشياء، ولو صحت هذه الأمنية الكاذبة بطلت جميع الحقائق العقلية، والأحكام العلمية، فضلاً عن المعارف الدينية ولم تصل النوبة إلى أجسامهم اللطيفة المكرمة التي لا تصل إليها يد التأثير والتأثر المادي الطبيعي، وهو ظاهر. فقد تبين بما مرّ: أن الآية دالة على الحياة البرزخية، وهي المسماة بعالم القبر، عالم متوسط بين الموت والقيامة، ينعم فيه الميت أو يعذب حتى تقوم القيامة. ومن الآيات الدالة عليه -وهي نظيرة لهذه الآية الشريف- قوله تعالى: ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون / فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاّ خوف عليهم ولا هم يحزنون / يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين﴾ ( 4) ، ولو تدبر القائل باختصاص هذه الآيات بشهداء بدر في متن الآيات لوجد أن سياقها يفيد اشتراك سائر المؤمنين معهم في الحياة، والتنعم بعد الموت. ومن الآيات قوله تعالى: ﴿حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت / كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون﴾ ( 5) ، والآية ظاهرة الدلالة على أن هناك حياة متوسطة بين حياتهم الدنيوية وحياتهم بعد البعث، وسيجيء تمام الكلام في الآية إن شاء الله تعالى.
ذات صلة ولا تحسبن الله غافلاً ومن اياته ان خلق لكم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بيّن الله -تعالى- في هذا الآية أنّ الشُهداء ليسوا كالأموات، بل هُم يحيون حياةً كريمة عنده في الجنة، [١] وقد ورد هذا الفضل في العديد من الآيات، كقوله -تعالى-: (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ)، [٢] فنهى الله عن وصف الشُهداء بأنهم كالأموات، بل هم أحياء، وأرواحهم في حواصل طيرٍ خُضر تطير في الجنة حيثُ شاءت كما جاء في الأحاديث. [٣] وقد نزلت هذه الآية في شُهداء معركة بدر، وكانوا أربعة عشر رجلاً، وأنزل الله -تعالى- هذه الآية لينهى الناس عن وصف الشهيد بالميت، [٤] وفي الآية بيانٌ للحياة التي اختُصّ وامتاز بها الشهيد عن غيره من الأموات، فقد جاء في بعض الأحاديث أن أرواحهم تكون في أجواف طيرٍ خُضر، [٥] وكان بعض المُشركين يُعيّرون المُسلمين بذهابهم إلى القتال وموتهم من غير فائدة، فبيّن الله في الآية النعيم الذي ينال الشهيد عند ربه. [٦] وقيل إن هذه الآية نزلت في شُهداء أُحد؛ فهُم يُرزقون عند ربهم في الجنة، [٧] ففي الآية توجيه من الله بعدم الظن أن من قُتل في سبيل الله من الأموات، بل هو حيٌ يُرزق عند ربه، [٨] فالله يُحييهم بعد استشهادهم، ويجعلهم في الجنة، [٩] فنزلت الآية حتى لا يحسب الناس أنهم أموات، بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون ويتنعمون.
جملة: (يستبشرون.. ) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.... والمصدر المؤوّل (أنّ اللّه لا يضيع... ) في محلّ جرّ معطوف على نعمة ومتعلّق بما تعلّق به. وجملة: (لا يضيع... ) في محلّ رفع خبر أنّ.. إعراب الآية رقم (172): {الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)}. الإعراب: (الذين) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم، (استجابوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (اللّه) جارّ ومجرور متعلّق ب (استجابوا)، الواو عاطفة (الرسول) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (استجابوا)، (ما) حرف مصدريّ (أصاب) فعل ماض و(هم) ضمير مفعول به (القرح) فاعل مرفوع. والمصدر المؤوّل (ما أصابهم القرح) في محلّ جرّ مضاف إليه. اللام حرف جرّ (الذين) موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (أحسنوا) مثل استجابوا (من) حرف جرّ و(هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من الضمير في (أحسنوا)، الواو عاطفة (اتّقوا) ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.. والواو فاعل (أجر) مبتدأ مؤخّر مرفوع (عظيم) نعت لأجر مرفوع مثله.
وأخيرا إن جميع أحكام نوني التوكيد مع الفعل المضارع هي نفسها لدى توكيدها فعل الأمن. بقيت نقطة يجدر التنويه بها، وهي أن فعل المضارع صحيح الآخر الذي تتصل به نون التوكيد، سواء الثقيلة أو الخفيفة، يبنى على الفتح لفظا وهو مرفوع محلا ومثل ذلك إذا اتصلت به نون النسوة فيبنى على السكون لفظا ويكون مرفوعا محلا.. إعراب الآية رقم (170): {فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)}.
جملة: آتاهم اللّه... لا محلّ لها صلة الموصول (ما). وجملة: يستبشرون... في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم. وجملة: (لم يلحقوا بهم) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين). وجملة: (لا خوف عليهم) في محلّ رفع خبر (أن) المخفّفة. والمصدر المؤول أن (هـ).. في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف أي بأن لا خوف... ، والجارّ والمجرور متعلّق بما تعلّق به الجارّ (بالذين).. أو أن المصدر المؤوّل في محلّ جرّ بدل اشتمال من الموصول (الذين). وجملة: (هم يحزنون) في محلّ رفع معطوفة على جملة لا خوف عليهم. وجملة: (يحزنون) في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم). الصرف: (فرحين)، جمع فرح وهو صفة مشبّهة مشتقّة من فرح يفرح الباب الرابع، وزنه فعل بفتح فكسر. البلاغة: - مراعاة النظير وهو فن بديع جميل ورائع، ولقد سماه بعضهم التناسب والتوفيق، وحده أن يجمع الناظم والناثر بين امر وما يناسبه، سواء أكانت المناسبة لفظا أم معنى فقد ناسب سبحانه بين فرحين ويستبشرون، وبين عدم الخوف وعدم الحزن، وبين النعمة والفضل.. إعراب الآية رقم (171): {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}. الإعراب: (يستبشرون) مثل المتقدّم في الآية السابقة (بنعمة) جارّ ومجرور متعلّق ب (يستبشرون)، (من اللّه) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لنعمة الواو عاطفة (فضل) معطوف على نعمة مجرور مثله، الواو عاطفة (أنّ) حرف مشبّه بالفعل (اللّه) لفظ الجلالة اسم أنّ منصوب (لا) نافية (يضيع) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أجر) مفعول به منصوب (المؤمنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
صور اللهم أمين... اللهم أمين... اللهم أمين وبارك الله فيكم على المرور والإضافة القيّمة أخوكم في الله فارس السنّة __________________ يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله) في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض (( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)) الزمر: 36 ألا أن سلعة الله غالية.. ألا ان سلعة الله الجنة! !
كما اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين. يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين أنت ربى ورب المستضعفين إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمرى. إن لم يكن بك على غضب فلا أبالى ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت به الظلمات وصلح عليها أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك. أو يحل على سخطك (ولك العتبى حتى ترضى) ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. أدعية لحفظ المسافر زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى، وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، وَيَسَّرَ لَكَ الخَيْرَ حَيْثُ ما كُنْتَ. سَمَّعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَحُسْنِ بَلاَئِهِ عَلَيْنَا، رَبَّنَا صاحِبْنَا، وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا، عَائِذاً بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ. كما أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك، زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيث ما كنت. كما اللهم مثل ما أضئت الكون بنور شمس هذا اليوم أضيء قلبه بنور حبك ضيئًا لا ينطفئ. وارزقه رزقا دائمًا لا ينقطع وصحة يستخدمها في طاعتك أحبه وحبب فيه خلقك وعبادك آمين. اللهم إني أسألك لهذا الإنسان أن تجعله عن الهم بعيد. ومن الرحمة قريب، وحقق له ما يريد، وأجعل اليوم عليه سعيد.
ويتسائل الكثيرون عن معنى أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، وقال أهل العلم في شرحه أن إيداع الأشياء لله وهي كلها ملكه بالأساس المقصود منها الدعاء بأن يحافظ عليها ويرعاها، وبدأ بالدين هنا تعظيما لأمره وهو دعاء أيضا بألا يضل عنه خلال سفره أو إهمال بعض تكاليفه، أما الأمانة فهم الأهل ومن يخلفهم ورائه، وخواتيم العمل لأهمية آخر ما يكون عليه العبد في نهاية حياته كونه هو ما سيبعث عليه. ولا يشترط التقيد بتلك الأدعية رغم كونها جامعة وتفضل غيرها لورودها عن نبينا صلى الله عليه وسلم، ولكن يمكن للإنسان أن يدعو للآخرين بما شاء وعلى حسب أحوالهم وسبب السفر والظروف المحيطة بها، فمثلا نجد الكثير من الناس حريصين على الدعاء لأبنائهم بكثرة أثناء التحاقهم بالجيش، وخصوصية الأمر هنا المخاطر التي قد تواجهه وخوفهم على حياته، فيكون أكثر ما يطلبوه من الله أن ينزل على قلبه السكينة ويزيل عن قلبه الخوف والشعور بالوحدة ويحفظه من المخاطر، ولكل حالة ظروفها الخاصة. اقرأ أيضا: دعاء السفر مكتوب كامل وأفضل أدعية المسافر دعاء للمسافر بالسلامة وأكثر ما يقلق الأهل والأصدقاء على ذويهم المغتربين هي فترة الانتقال من وإلى البلد، حيث لا تخلو أي وسيلة مواصلات من المخاطر، ولأن الوصول أو الرجوع بالسلامة هي من الأمور القدرية التي بيد الله عز وجل لا نملك إلا الدعاء بذلك، فيمكن ترديد الأدعية التالية: "اللهم اكتب له السلامة في سفره ولا ترنا فيه مكروها واحفظه بعينك التي لا تنام وارزقه معيتك فلا يضره شيء يا عزيز يا جبار".