الوصية الخامسة: – وفيها نصح لقمان ابنه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنهم من مكارم الأخلاق لما فيهم من خدمة عظيمة للمجتمع. الوصية السادسة: – الصبر عند المحن وخصوصاً عند دعوة الناس إلى المعروف فإنه يقابل أناس اعداء كثيرة. تحاول أن تثبط من عزيمته وعندها يجب على المسلم أن يصبر حتى يوزن الأمور. الوصية السابعة: – التواضع وعدم التكبر فقد أوصى لقمان ابنه ألا يتكبر على الناس وأن يتوسط في مشيته وأن يخفض من صوته وأن يتبسم في وجه الناس. من وصايا لقمان لبنه بصوت ايمن رشدي سويد. الوصية الثامنة: – أدب المحادثة عدم ارتفاع الصوت عند الكلام وعدم خفضه جدًا والأفضل الاعتدال في الصوت. ومن وصايا لقمان نستنتج أن التربية بالموعظة هي لون من ألوان التربية الإسلامية ولعلها هي أفضل أنواع وايضا المخاطبة والنصيحة بالعطف واللين. وهذه أيضًا من أنجح الطرق في التربية وخصوصاً أن النفس البشرية تميل إلى من يعطف عليها والمخاطبة بالبنوة في طريقة الأنبياء في تربيتهم لأبنائهم، شاهد أيضًا: حكم مسلية عن مدح الخيل لشعراء الجاهلية لقد اشتملت نصائح لقمان لابنه على أصول التربية القومية ولا أعتقد أن نظريات التربية القديمة أو الحديثة قد ساوت تلك الأصول التي أوردها الله سبحانه وتعالى على لسان رجل وصف بالحكمة، نتمنى أن نكون أفدناكم، ومتنسوش لايك وشير للمقال ومنتظرين تعليقاتكم
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: «ووجه كون الشرك ظلمًا عظيمًا أنه لا أفظع وأبشع مَن سوَّى المخلوق من تراب بمالك الرقاب، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئًا بمالك الأمر كله، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه، وسوَّى من لم ينعم بمثقال ذرة من النعم بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم ودنياهم وأُخراهم وقلوبهم وأبدانهم إلا منه، ولا يصرف السوء إلا هو، فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟ وهل أعظم ظلمًا ممن خلقه الله لعبادته وتوحيده، فذهب بنفسه التي خلقها الله في أحسن تقويم، فجعلها في أخس المراتب، جعلها عابدة لمن لا يُسوي شيئًا، فظلم نفسه ظلمًا كثيرًا» [3]. ولقد أبدى الله وأعاد كثيرًا في كتابه الكريم في النهي عن الشرك لعواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة، فأما في الدنيا فإن صاحبه يحرم الأمن والهداية، وأما في الآخرة فشقاء الأبد وخلود في نار جهنم لا يموت فيها ولا يحيا، وأما من وحد الله فعيشه أنعم العيش وحياته أطيب الحياة، وفي الآخرة ينعم برضا الله ونعيم باق، وخلود دائم في جنة عرضها السماوات والأرض أُعدت للمتقين.
إن هذه الآية تعطي المرء طمأنينة أنه لا يغيب عن الله شيء, فحين يحلّ به الظلم ويحيق به المكر, ويؤذى فلا يجدُ النصير فإنه يتذكر أنه ما من مثقال حبة في الأرض إلا والله يعلمها, فيطمئن لتدبير الله, لأنه يعلم أن ربه يسمع ويرى, وحقُّ كلِ مظلوم فسيؤخذ إن في الدنيا أو يوم توضع الموازين فاطمئن أيها المظلوم, فالله يرى والظلم لن يدوم ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)[الأنبياء: 47]. معشر الكرام: والمرء حين يريد أن تستقيم له الحياة فعليه أن ينير دربه بالصلاة, فخير ما عمرت به الأوقات الارتباط بالمساجد وإقامة الصلوات, فبها نحل مشاكلنا ونرضي ربنا ونرفع في الدنيا والآخرة درجاتنا، ونعالج همومنا ونمحو سيئاتنا, وبذا يوصي الأب ابنه والحكيم قومه ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ) والصلاة لون وإقامة الصلاة لون آخر, وإقامتها أن تؤدى على مراد الله ورسوله.
في هذه الآيات الكريمات ذكر الله وصايا الرجل الصالح لقمان لابنه لما فيها من الفوائد والحكم، قال ابن كثير رحمه الله: «اختلف السلف في لقمان هل كان نبيًّا، أو عبدًا صالحًا من غير نبوة؟ على قولين؛ الأكثرون على الثاني، ونقل عن ابن جرير بإسناده إلى عمرو بن قيس قال: «كان لقمان عبدًا أسود غليظ الشفتين، مصفح القدمين، فأتاه رجل وهو في مسجد أُناس يحدثهم فقال له: ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا، قال: نعم، فقال: فما بلغ بك ما أرى، قال: صدق الحديث والصمت عما لا يعنيني»، وفي رواية أخرى زيادة: «وأداء الأمانة». [وعن عمر مولى غُفرة قال: وقف رجل على لقمان الحكيم، فقال: أنت لقمان؟ أنت عبد بني الحسحاس؟ قال: نعم، قال: أنت راعي الغنم؟ قال: نعم، قال: أنت الأسود؟ قال: أما سوادي فظاهر، فما الذي يعجبك من أمري؟ قال: وطء الناس بساطك، وغشيهم بابك، ورضاهم بقولك، قال: إن أصغيت إلى ما أقول لك كنت كذلك، قال لقمان: غضي بصري، وكفي لساني، وعفة طعمتي، وحفظي فرجي، [وقولي بصدقي]، ووفائي بعهدي، وتكرمتي ضيفي، وحفظي جاري، وتركي ما لا يعنيني، فذاك الذي صيرني إلى ما ترى] [1]. وساق ابن أبي حاتم بسنده إلى أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال يومًا - وذكر لقمان الحكيم - فقال: ما أُوتي ما أُوتي عن أهل ولا مال، ولا حسب ولا خصال، ولكنه كان رجلًا صمصامةً سكيتًا، طويل التفكر، عميق النظر، لم ينم نهارًا قط، ولم يره أحد قط يبزق ولا يتنخع، ولا يبول ولا يتغوط، ولا يغتسل، ولا يعبث ولا يضحك، وكان لا يعيد منطقًا نطقه إلا أن يقول حكمة يستعيدها إياه أحد، وكان قد تزوج وولد له أولاد، فماتوا فلم يبكِ عليهم، وكان يغشى السلطان ويأتي الحكام، لينظر ويتفكر ويعتبر، فبذلك أُوتي ما أُوتي [2].
والآن مع وصايا لقمان الوصية الأولى: ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) [ لقمان: 13] قال ابن كثير رحمه الله في تفسيرها: يوصي ولده الذي هو أشفق الناس عليه ، وأحبهم إليه ، فهو حقيق أن يمنحه أفضل ما يعرف. ولهذا أوصاه أولاً بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً ، ثم قال له محذراً: ( إن الشرك لظلم عظيم أي هذا أعظم الظلم ، قال البخاري: عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) قلنا: يا رسول الله ، أينا لا يظلم نفسه ؟ قال: " ليس كما تقولون " ، (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) بشرك ، أولم تسمعوا قول لقمان لابنه: ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم). فالشرك هنا عبر عنه بالظلم ، ويلبسون إيمانهم بظلم ؛ أي لم يخلطوا إيمانهم بشرك. ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده ؛ البر بالوالدين ، كما قال تعالى " ( وقضى ربك ألاتعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسناً) [ الإسراء " 23]. من وصايا لقمان في تربية الولدان - منتدى افريقيا سات. وكثير ما قرن الله تعالى بين ذلك في القرآن الكريم. الوصية الثاني: ( يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأتي بها الله إن الله لطيف خبير) [ قمان: 16].
وفي الحديث عند البخاري أن رجلين رفعا أصواتهما في المسجد فدعاهما عمر وقال " مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا؟ - قَالاَ: مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، قَالَ: "لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ البَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ"، وسمع صوت رجل في المسجد، فقال: "أتدري أين أنت ؟! ". هذه أيها الكرام وصايا لقمان, قال عنها المفسرون: هي حرية بالعناية, تجمع أمهات الحكم, جدير أن يوصي بها الآباء أبناهم, والحكماء أتباعهم, ولشرفها حكيت في القرآن وسمى باسمه سورة في القرآن. من وصايا لقمان لابنه بيت العلم. نفعنا الله بالقرآن, وبما فيه من الحكمة والبيان. الخطبة الثانية: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: مرّ رجلٌ على لقمان وهو في مجلسِ أناسٍ يحدّثهم، فقال له: ألست الذي كنت ترعى الغنم في مكان كذا وكذا؟ قال: نعم، قال: فما بلغ بك ما أرى؟ قال: صدق الحديث، والصمت عما لا يعنيني. وقد حكى العلماء عن لقمان جملة من الوصايا غير ما أُودِع في القرآن, ومن ذلك قوله لابنه: يا بني إياك والدَّين فإنه ذل النهار وهمُّ الليل. يا بني ارج الله -عز وجل- رجاءً لا يجرئك على معصيته، وخف الله خوفًا لا يؤيسك من رحمته تعالى شأنه.