[١٠] وللإحصان شروط عدّة ذكرها أهلُ العلم، منها: العقل، والبلوغ، والحرية في الزوجين حال النكاح الصحيح والدخول فيه، وزاد الحنفية شرطَ الإسلام في الزوجين، فإن اختلَّ شرطٌ من هذه الشروط؛ وجب الجلدُ وسقطَ الرجمُ، [١١] وأما ولد الزنا فهو: الولدُ الذي أتت به أمه من طريق غير شرعي ثمرة للعلاقة المحرمة، وقد اتفق الفقهاء على أنَّ ولد الزنا يُنسب إلى أمه ويتوارث معها، وأنه لا توارثَ بين ولد الزنا وبين الذي تخلَّق من نطفته، وأنَّ النسبَ منقطع بينه وبين الزاني، فليس بينهما أحكام الأبوة والبنوة البتة. [١٢] الزنا المجازي تبيّن سابقاً أن الزنا لا يقتصر على المعنى الحقيقي وهو زنا الفرج، ولكن الزنا الأكبر يتصل بطرق عديدة تؤدي إليه، يكون مبتدؤها على أبواب الحواس الخمس التي إذا فُتحت على مصراعيها، وتحللت من قيودِها الشرعية، فإن الخشية من الوقوع في تلك المصيبة يكون قريباً بمقدار اتّساع الباب لهذا الطريق المفسد للدين وللدنيا. [١٣] وقد حذَّرَنا الرسولُ الكريم -صلى الله عليه وسلم- من تلك المقدمات، وبيّنها في الحديث المتفق عليه الذي ترجم له البخاري بعنوان: "باب زنا الجوارح دون الفرج"، [١٣] عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مُدركٌ ذلك لا مَحالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنانِ زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخُطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف. قال سفيان كذا حفظت، ألا وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده) رواه البخاري. وعن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة) رواه البخاري. والأحاديث في ذلك كثيرة موفورة. ومن زعم أنه لا يقبل الاحتجاج بالسنة فقد كذب القرآن نفسه، الذي صرح بأن الرسول هو مبين القرآن وشارحه، قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) ولو رد الناس السنة اكتفاء بالقرآن ما عرفوا صلاة ولا زكاة ولا حجًا، فإنها كلها جاءت مجملة في القرآن، وإنما بينتها السنة. ماذا قال القرآن عن الزنا ايات كل من سورة الاسراء و سورة النور - YouTube. وقد قال رجل لمطرف بن عبد الله -أحد التابعين-: لا تحدثونا إلا بالقرآن. فقال له مطرف: " والله ما نريد بالقرآن بدلاً... ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا " يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وعن أبي هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يلج الناس به النار؟ فقال: "الأجوفان: الفم والفرج" وسئل عن أكثر ما يلج به الجنة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حسن الخلق"رواه أحمد وعن سمرة بن جندب قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال: من رأى منكم الليلة رؤيا؟ قال: فإن رأى أحد قصها، فيقول: ما شاء الله! فسألنا يوما فقال: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قلنا: لا.
وفي الحديث المتفق عليه عن ابن عباس ـ رضي الله عنه-، عن النبي ـصلى الله عليه وسلم- قال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)، [٦] قال النووي: "لأنه لم يعمل بموجب الإيمان، فمتى نَقصت أعمالُ البر نقص كمال الإيمان، ومتى زادت زاد الإيمانُ كمالا". [٧] ما هي عقوبة الزنا في الإسلام؟ أما عقوبة الزنا فقد كان الحبسُ والإمساك في البيوت أول عقوبات الزنا في الإسلام، ثم انعقد الإجماع على نسخ هذه العقوبة بقوله ـتعالىـ: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّـهِ)، [٨] وقولِه -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه مسلم عن عبادة بن الصامت ـرضي الله عنه- قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة، والرجم). [٩] [١٠] ومن هنا فقد اتفق الفقهاءُ على أنَّ حدَّ الزاني غيرِ المُحصَن رجلاً كان أم امرأة جلدُ مئة، وأخذَ الجمهور بوجوب التغريب عاماً، بخلاف الحنفية الذين عدُّوه من التعزيرات العائد أمرها إلى القاضي، كما اتّفق الفقهاءُ على أنَّ عقوبةَ المُحصَن الرجمُ رجلاً كان أو امرأة، وقد حكى ابنُ قدامة وغيرُه الإجماع على ذلك.
وتحاقروا العقوبة فيه، فقال عمر: هم هؤلاء عندك فسلهم. فقال علي: نراه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون، قال فقال عمر: أبلغ صاحبك ما قال. قال: فجلد خالد ثمانين وعمر ثمانين. قال: وكان عمر إذا أتي بالرجل الضعيف الذي كانت منه الزلة ضربه أربعين، قال: وجلد عثمان أيضا ثمانين وأربعين". § مسألة: قوله تعالى: (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله)( [8]) أي لا تمتنعوا عن إقامة الحدود شفقة على المحدود، ولا تخففوا الضرب من غير إيجاع، وهذا قول جماعة أهل التفسير. وقال الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير:" لا تأخذكم بهما رأفة" قالوا: في الضرب والجلد. والرأفة أرق الرحمة. مسألة: قررهم على معنى التثبيت والحض بقوله تعالى:" إن كنتم تؤمنون بالله". وهذا كما تقول لرجل تحضه: إن كنت رجلا فافعل كذا! أي هذه أفعال الرجال. § قوله تعالى: (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين). قيل: لا يشهد التعذيب إلا من لا يستحق التأديب. ايه عن الزنا في. · قال مجاهد والحسن،: رجل فما فوقه إلى ألف. والحجة فيه قوله تعالى:" فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ( [9])، وقوله:" وإن طائفتان " ( [10])، ونزلت في تقاتل رجلين، فكذلك:" وليشهد عذابهما طائفة". والواحد يسمى طائفة إلى الألف، وقاله ابن عباس وإبراهيم.