شرح معاني اذكار الصلاة || أدعية الاستفتاح ٢ `اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من الخطايا كما ينقئ الثوب الأبيض من الدنس, اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد " من حديث أبي هريرةرضي الله عنه, أخرجه البخاري في صحيحه, كتاب الصلاة باب مابعد التكبير1/297, ح123, ومسلم في صحيحه كتاب المساجد مايقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة1/419, ح598. " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ": المباعدة بين المشرق والمغرب هي غاية ما يبالغ فيه الناس ، والغرض من هذا التشبيه امتناع الاقتراب من الذنوب كامتناع اقتراب المشرق من المغرب ، المعنى: باعد بيني وبين فعل الخطايا بحيث لا افعلها, وباعد بيني وبين عقوبتها إن فعلتها. "
اللهم باعد بيني وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ مرتبط
المرتبة الثالثة: " اللهم اغسلني من خطاياي " وهي مرتبة الغسل ، والمراد والله أعلم إزالة أثر الذنب بعد فعله ، وتصدق هذه الجملة على من تلبس بالذنب وواقعه ، ثم تاب لربه فإنه يسأل ربه أن يزيل أثر الذنب عنه ، فإن للذنوب أثرا غير كتابتها ، فكم من نظرة أورثت ندامة وأزالت علما ، مع أنها قد تغفر لصاحبها ، وذلك والله أعلم حتى لا يستوي من وقع بالذنب مع من لم يقع فيه. فشملت هذه الجمل الثلاث " باعد – نقني – اغسلني " مراتب المؤمن أمام الذنوب ، والله أعلم بأسراره شرعه. الفائدة الخامسة: وهناك رأي آخر في المراتب الثلاث قاله الكرماني رحمه الله: " يحتمل أن يكون في الدعوات الثلاث إشارة إلى الأزمنة الثلاثة ، فالمباعدة للمستقبل ، والتنقية للحال ، والغسل للماضي "2. اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ – اجمل واروع الصور الاسلامية والدينية 2020. الفائدة السادسة: في قوله " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب " المراد بها الذنوب التي لم يمارسها ، وعلى هذا يأتي سؤال: لماذا طلب المباعدة دون غيرها ؟ والذي يظهر والله أعلم لأن الله كتب على ابن آدم حظه من الذنوب مدرك ذلك لا محالة ،فلا نجاة للعبد منها أبدا ، فاقتصر في الدعاء على المباعدة وهي تدل على التأخير ، وهذا أنسب لأنه أبطأ أثرا.
(المنهل العذب5/194, 195.
الفائدة السابعة: في تكرار لفظ " بين " في قوله: " بيني وبين خطاياي " دليل على شدة طلب العبد ربه أن يباعد بينه وبين ذنوبه أبعد مما بين المشرق والمغرب ، ولهذا لم يتكرر لفظ " بين " في قوله "بين المشرق والمغرب " وهذا الشعور في شدة الطلب بالمباعدة له أثره على معرفة العبد لأثر الذنوب والوقوع فيها. الفائدة الثامنة: في قوله " باعد بيني وبين خطاياي " دليل على أن الدنو من المعاصي والقرب من الذنوب وأماكنها أحد الأسباب التي تجعل العبد يقع فيها فمن هنا طلب العبد من ربه أن يباعد بينه وبين الخطايا حتى لا يجد سبيل يوصله إليها. شرح معاني اذكار الصلاة || أدعية الاستفتاح ٢ `اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق ... - طريق الإسلام. الفائدة التاسعة: قوله: " باعد بيني وبين خطاياي" المباعدة تشمل: أ ـ طلب مباعدة الأثر: والمراد المباعدة من تأثيراتها وعقوباتها الدنيوية والأخروية ، فإن للذنوب أثرا في الدنيا والآخرة ، فيطلب المؤمن من ربه أن يباعد بينه وبين أثارها الدنيوية والأخروية. ب ـ وتشمل المباعدة المكانية: فيسأل ربه أن يباعد بينه وبين ذنوبه من حيث المكان ، فلا يكون قريبا من مواقع المعاصي ومواطنها لأن ذلك يسهل الوقوع فيها. ج ـ المباعدة الزمانية: فيسأل ربه أن يباعد بينه وبين زمن الوقوع في الخطايا ، فإن المؤمن يكون في عافية حتى يقع في شيء من الذنوب ، وهذا كالنتيجة للمباعدة الأولى.
الفائدة الرابعة عشر: في قوله: " نقني من خطاياي " اعتراف بالذنب وأن العبد قد قارف الذنوب والمعاصي الفائدة الخامسة عشر: في طلب العبد من ربه المباعدة والتنقية والغسل دليل على أن العبد ليس له ملجأ إلا لربه ، فالعبد على هذا محتاج لله قبل الذنب بأن يباعد الله بينه وبين ذنبه ، ومحتاج لربه بعد الذنب بأن ينقيه منه ومن أثره ، وهذا تفسير لقوله > في الحديث الآخر: " ﴿ لا ملجأ ولا منجا إلا إليك ﴾. الفائدة السادسة عشر: شبه النفس بالثوب في قوله: " كما ينقى الثوب " وهذا له ما يشابهه في قوله تعالى: وثيابك فطهر فقد فسرها جماعة من المفسرين بأن المراد بالثياب: النفس ، والحديث يشهد لهذا التفسير. الفائدة السابعة عشر: شبه الذنوب بالدنس ، والدنس هو التلطخ بقبيح، ولا أقبح من الذنوب ، والوقوع فيها تلطخ بها الفائدة الثامنة عشر: صيغة " نقني " أبلغ في طلب التنقية من " أنقني " ولهذا أتى بالصيغة التي تدل على زيادة في طلب التنقية ، وهي أليق بمقام التذلل لله سبحانه وتعالى ، فإنها تشعر أن العبد ملئ بالخطايا والذنوب ، فهو محتاج إلى المبالغة في تنقيتها ، فكلما ازدادت الأوساخ زادت الحاجة إلى زيادة التنقية. الفائدة التاسعة عشر: ذكر الثوب الأبيض دون غيره من الألوان لأنه أظهر من غيره من الألوان الفائدةالعشرون: وكذلك قوله: " الثوب الأبيض " إشعار منه إلى أن هذا هو الأصل ، فالأصل أن نفس المؤمن تكون صافية ناصعة البياض ، سليمة مما يدنسها ، فإن تلطخت بالذنوب فإن المؤمن مطالب بأن يرجع إلى ما كان عليه من الأصل ، وهو البياض.
الفائدة الحادية والعشرون: وكذلك قوله: " الأبيض " إشعار منه إلى أن نفس المؤمن تتأثر بأدنى ذنب ، كما يتأثر الثوب الأبيض – دون غيره من الألوان - بأدنى دنس ، وعلى هذا فإن المؤمن عليه أن يحذر من الذنوب دقيقها وجليلها ، وعلى هذا كان نهج الصحابة ش كما قالت عائشة ك: " إنكم تعملون أشياء كنا نعدها زمن النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر ". الفائدة الثانية والعشرون: سبب تخصيص الغسل بالماء والثلج والبرد مع كون الماء الحار أبلغ في التنظيف ؛ لأن " الخطايا توجب للقلب حرارة ونجاسة وضعفا ، فيرتخي القلب وتضطرم فيه نار الشهوة وتنجسه ، فإن الخطايا والذنوب له بمنزلة الحطب الذي يمد النار ويوقدها ولهذا كلما كثرت الخطايا اشتدت نار القلب وضعفه والماء يغسل الخبث ويطفئ النار ، فإن كان باردا أورث الجسم صلابة وقوة ، فإن كان معه ثلج وبَرَد كان أقوى في التبريد وصلابة الجسم وشدته ، فكان أذهب لأثر الخطايا. "