ومن الناس من يكون في نفسه عجب يمنعه من قبول الحق. صاحب العجب (المعجب بنفسه) كيف ينقاد للحق؟!
هكذا كانوا إذاً في تقبلهم للحق، بل وإكرامهم، حتى قام الكسائي وعانق وأجلس إلى جنبه من نبهه على خطأ في المجلس، وقال إسماعيل بن أبي أويس للبخاري: انظر في كتبي وما أملكه لك، وأنا شاكر لك ما دمت حياً أنك نبهتني. الأسباب المعينة على قبول الحق الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
إنَّ الحمدَ للهِ الذِى كَمَّلَ ذَوِي الأَحْلامِ بِتَعْرِيفِهِمْ عِلْمَ الحلالِ والحرام، وهَداهُمْ لاسْتِخْرَاجِ دُرَرِ الأَحْكَام، فَاسْتَخْرَجُوها مِنْ بَحْرِها وأَوْدَعُوها كَنْزَهَا بِدَقَائِقِ الأَفْهَام، وبيَّنُوها للنَّاسِ رَحْمَةً بِالأَنام، والصلاةُ والسلامُ على سيّدِنا محمّدٍ مَنْ أتَى بِالكلامِ الحسَنِ واختُصِرَ لَهُ الكلامُ وعلى ءالهِ وأصحابِه الطيبينَ الطاهرينَ ما مرَّتِ السّنونَ والأَيَّامُ. أما بعدُ عبادَ اللهِ فإنِّي أوصيكم ونفسِي بتقوى اللهِ العليِّ العظيمِ فَاتَّقُوه. قالَ رَبُّنا جلَّ وَعَزَّ في مُحكَمِ كِتابِه ﴿ تِلكَ ٱلدَّارُ ٱلأخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِي ٱلأَرضِ وَلَا فَسَادا وَٱلعَٰقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ٨٣ ﴾ [1] وقال تعالى أيضا ﴿ وَلَا تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمشِ فِي ٱلأَرضِ مَرَحًا إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُختَال فَخُور ١٨ ﴾ [2].
فيا عبد الله! أيهما ينجيك عند الله: تقليد الآباء والأجداد، أم تقليد الكتاب والسنة؟ وما الذي سيقبله الله منك؛ أن تقول: وجدت أبي وجدي، والمجتمع من حولي، أو أن تعترف بما في الكتاب والسنة، وتراجع ذلك؟ وبعض الناس عندهم كبر تجاه الدعاة إلى الله والناصحين، لا يقبلون منهم نصيحةً، قال ابن مسعود رضي الله عنه: [ إن من أكبر الذنب، أن يقول الرجل لأخيه اتق الله، فيقول: عليك نفسك.. أنت تأمرني؟! التفريغ النصي - الرجوع للحق - للشيخ محمد المنجد. ] وهكذا ازدراء الخلق، وإذا كان هؤلاء الخلق دعاة وفضلاء فإن ازدراءهم أعظم إثماً ولا شك، وهذه مسألة خطيرة -أيها الإخوة- ومبدأ مهم في حياتنا يجب اعتماده، والذي يخالف ذلك سيكون عرضة للهلاك بلا شك، وتأمل في أكثر مصائبنا وسبب انحرافاتنا تجد السبب أننا لا نرجع إلى الحق، وكثير من المشكلات بين الأب وأبنائه، والزوج وزوجته، والأخ وإخوانه، والجار وجاره، وهكذا، وبين المدعو والداعية، تجد أن السبب في المشكلة عدم الرجوع للحق، وعدم قبول الحق، ينبغي أن تقدر القضية حق قدرها، وأن تعطى شأنها، وأن نكون متواضعين للحق. اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن يخافك في الغيب والشهادة، وممن يقول كلمة الحق في الغضب والرضا، اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، اللهم إنا نشهدك أنك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، وأنك تبعث من في القبور.