فردَّ عليهم بأن هذا الجواب يلزم منه أمران اثنان، وكلاهما مرفوضٌ، وغير مقبول عقلاً؛ الأمر الأول: إن كان المسيحُ لا يدري ما أراد اليهود به بطَلَ أن يكون إلهًا، وإذا بطَل أن يكون إلهًا بطل أن يكون ابنًا. والأمر الثاني: إن كان يدري بما يفعلُه به اليهود، فليس بحكيمٍ؛ لأن الحكمة تمنع من التعرُّض للبلاء. وهكذا استطاع لسانُ الأمةِ أبو بكر أن ينتصرَ لعقيدة الإسلام، حتى خاف منه النصارى، وأشاروا على الملك أن يُخرِجَه في أقرب وقت؛ حتى لا يُفسِد عليهم دينَهم بعد أن حَمَّلوه بالهدايا والمتاع.
اسمه ونشأته: – محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القسم، القاضي أبو بكر الباقلاني البصري ثم البغدادي، من كبار علماء الكلام، وُلِدَ في البصرة سنة 338هـ. كان والده يبيع الباقلاء ليكسب قوته وقوت عياله، ولذا حمل عالمنا لقب الباقلَّاني. أبو بكر الباقلاني – المكانة العلمية: – كان يضرب المثل بفهمه وذكائه، جيد الاستنباط، سريع الجواب. سمع أبو بكر الباقلاني: أبا بكر أحمد بن جعفر القَطِيْعِيّ، وأبا محمد بن ماسي، وغيرهم، وروى عنه: أبو ذر الهروي، ومحمد بن أحمد السِّمْنَانِي، وغيرهم. وقد كان على مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري، ومؤيداً اعتقاده وناصراً طريقته. أبو بكر الباقلاني - المعرفة. سكن بغداد، وصنف التصانيف الكثيرة المشهورة في علم الكلام وغيره، وكان في علمه أوحد زمانه، وانتهت إليه الرياسة في مذهبه، وكان موصوفاً بجوده الاستنباط وسرعة الجواب، وسمع الحديث. وكان أبو بكر الباقلاني كثير التطويل في المناظرة، مشهوراً بذلك، وجرى يوما بينه وبين أبي سعيد الهاروني مناظرة، فأكثر القاضي أبو بكر فيها الكلام ووسع العبارة وزاد في الإسهاب، ثم التفت إلى الحاضرين وقال: اشهدوا على أنه إن أعاد ما قلت لا غير لم أطالبه بالجواب، فقال الهاروني: اشهدوا علي أنه إن أعاد كلام نفسه سلَّمْت له ما قال.
ثمَّ بعد ذلك أورد الجزءَ المحَقَّقَ الذي قام به. وفي المجَلَّدِ الثَّاني من الكتابِ: كان الجزءُ الذي قام بتحقيقِه: أحمد الدميجي، من المخطوطِ. مُنتهيًا بخاتمةٍ، فيها النتائجُ التي نتَجَت عن هذا التحقيقِ. ومن أبرزِ تلك النتائجِ المذكورةِ: أنَّ المصنِّفَ أثبت بأوضَحِ الأدِلَّةِ وأبيَنِ البراهينِ أنَّ دينَ الباطنيَّةِ خارجٌ عن جميعِ شرائعِ المسلمين، بل شرائعِ الأديانِ كُلِّها. إعجاز القرآن أبو بكر الباقلاني. كما أوضح أنَّ لهؤلاءِ طُرُقًا ماكرةً وسُبُلًا غادرةً في دعوةِ المسلمين إلى إلحادِهم وكُفرِهم ونفاقِهم، ودرَجاتٍ وتنظيماتٍ في غايةِ الخطورةِ، كما أظهرَ المصنِّفُ سَبَبَ حِرصِ الباطنيَّةِ الشَّديدِ على إخفاءِ أُصولِهم وكُتُبِهم ورسائِلِهم؛ لأنَّ كَشْفَها مُفضٍ إلى هدمِ دينِهم بالكُلِّيَّةِ. وغيرُ ذلك من النتائجِ المذكورةِ ثمَّ خُتِمت الخاتمةُ بالتَّوصياتِ، والتي منها: 1- ضرورةُ البحثِ عن نسخةٍ ثانيةٍ للمخطوطِ؛ مِن أجلِ سَدِّ النَّقصِ الحاصِلِ في هذه النُّسخةِ الفريدةِ التي تمَّ تحقيقُ الكتابِ عليها. 2- ضرورةُ الاهتمامِ الشديدِ بدعوةِ مُنتَسِبةِ الإسلامِ، الذين هم في حقيقتِهم خارِجُ نطاقِه، كالباطنيَّةِ. 3- تحصينُ النَّاسِ -عامَّتِهم وخاصَّتِهم- ضِدَّ المدِّ الباطنيِّ السَّرَطانيِّ الخبيثِ المستترِ خَلْفَ التشَيُّعِ لآلِ البيتِ.
وكان –كما يقول الشهرستاني: "يثبت الصفات معاني قائمة به تعالى أحوالا3". 2 الباقلاني – بفتح الباء الموحدة، وبعد الألف قاف مكسورة ثم لام ألف وبعدها نون، فيه لغتان من شدد اللام قصرالألف، ومن خففها مد الألف فقال: باقلاء وهذه النسبة شاذة لأجل زيادة النون فيها. 3 أسس أبو الحسن الأشعري "270 – 330هـ" مدرسة كبيرة من مدارس علم الكلام، وخالف أستاذه الجبائي المعتزلي. وكان الباقلاني من أشهر تلاميذ هذه المدرسة. إعجاز القرآن للباقلاني : أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني : Free Download, Borrow, and Streaming : Internet Archive. ومعروف أن للأشعري ثلاثة مذاهب: 1- كان معتزليا ينكر جميع الصفات. 2- ثم صار كلابيا من أتباع محمد بن سعيد بن كلاب يؤمن بسبع صفات فقط. 3- ثم رجع إلى العقيدة السلفية على يد شيخه الحافظ زكريا الساجي تلميذ الإمام أحمد بن حنبل، يؤمن بجميع صفات الله الذاتية والفعلية والخبرية على الأسس الثلاثة التالية: أ- تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات في ذاته وفي صفاته وفي أسمائه كما في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. ب- إثبات كل ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق بكلامه وجلاله كما في قوله عز من قائل: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. ج- اليأس وعدم الطمع من إدراك كيفية صفات الله وأسمائه كما في قوله سبحانه: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} هكذا في كتابيه اللذين أجمع العلماء والمؤرخون على أنهما آخر ما كتب: (الإبانة عن أصول الديانة) و (المقالات الإسلامية).. لذلك لزم التنويه.. "انظر كتاب: أبو الحسن الأشعري" من مطبوعات الجامعة الإسلامية.