ثامناً: - الثبات عند الابتلاءت والامتحانات، وهذا مأخوذ من قوله تعالى في بيان حكمة تحديد عدة خزنة نار جهنم بتسعة عشر ( وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) [المدثر: من الآية31]، وأعظم أسباب الثبات العلم والإيمان، فينبغي للداعية دائماً الارتقاء فيهما والتزود منهما. والله أعلم.
تاريخ النشر: السبت 15 صفر 1423 هـ - 27-4-2002 م التقييم: رقم الفتوى: 15864 35001 0 491 السؤال ما هي الدروس المستفادة للداعية من سورة المدثر؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ففي سورة المدثر دروس وعبر للدعاة إلى الله تعالى نجملها في الآتي:- أولاً: - القيام بإنذار الناس ودعوتهم وترك الكسل والنوم والدعة ونحو ذلك، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ) [المدثر:1-2]. ثانياً: - تعظيم الله تبارك وتعالى وإجلاله وبذل كل غال ورخيص في سبيل مرضاته، لأنه أكبر من كل شيء ورب كل شيء وخالقه، فلا يجوز للداعية أن يقدم على طاعته وخدمة دينه أحداً من المخلوقات مهما كانت قوته وجبروته؛ بل على الداعية أن لا يخاف من أحد في تبليغ رسالة الله سبحانه، كما قال الله تعالى في سورة الأحزاب ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) [الأحزاب:39] ، ودل عليه قوله تعالى في سورة المدثر ( وربك فكبر). ثلاثاً: - تطهير النفس وتزكيتها من أدران الذنوب والمعاصي والغدر ونحو ذلك، وتطهير الثوب والبدن من النجاسات والمستقذرات ولبس المحرمات ليتوافق الظاهر مع الباطن، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر:4].
وتأثر به تأثير كبير، وقد كان الوليد سيد قومه. فذهب إلى مجلس اجتمع فيه كفار قريش وقال لهم، أنه سمع من محمد كلام ليس بكلام الإنس. ولا حتى من كلام الجن، وليس شعر أو سحر، ولا هذي. وقد قال أيضًا إن له حلاوة. ، ثم ذهب إلى منزله. ففزعت قريش وقالوا أنه ترك عبادة أجداده (ويقصد هنا عبادة الأصنام). وقال قومه أيضًا أنه دخل دين محمد. لهذا خاف المشركين أن تتبعه جميع أهالي قريش. فذهب له أبو جهل وجلس بجانبه، وقال له لقد أتبعت محمد، وزينت كلامه، وتركت دينك. فرد عليه الوليد بغض وقال كذب. فقال له أبو جهل "إن رغبت أن ترضينا قل كلام عكس ما قلته". وعندما اجتمعت قريش قال لهم الوليد ما يلي:- الوليد: هل محمد مجنون؟ قال الجمع لا. الوليد: هل هو كاهن. قالوا لا. الوليد: هل هو شعار؟ فقالوا له وماذا تقول أنت؟ الوليد: قال لهم دعوني أفكر. الوليد: فقال إن محمد ساحر. الوليد:ألم تروه يفرق بين الأب وأبنه، وألوم تروه يفرق بين الشخص وأهله، وإنما القرآن لسحر تعلمه. لهذا كان يجب أن ينزل الله تلك السرة ليوضح فيها أن محمد ليس كاهن أو كاذب. ويشجعه على الدعوة لله وتحمل آذى الكفار، ويحثه على الصبر. وليبين الله جزاء الناس مثل الوليد بن المغير، وأبي جهل، ويوعدهم بعذاب جهنم.
من يرحم ويتودد، هو من يكون من عادته الدائمة وعبادته الخالصة مهارة سلوك اليقظة والاهتمام.. المواساة والعناية.. الأسرة والعمل.. التخفيف والمساعدة.. النصيحة والإرشاد.. قبول الأعذار والتماسها.. السؤال عبر الأيام وصلة الأرحام.. الدعاء والاستغفار.. البساطة والمودة والابتسامة.. ، ففي الحديث: "المؤمن لين هين إلف مألوف ولا خير في من لا يألف ولا يؤلف". وفي الحديث: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" رواه البخاري. وفي حديث الخدمات: "من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا.. سيماهم في وجوههم معنى تبرع. "، وفي حديث الصدقات: "كل سلامى ابن آدم عليه صدقة.. "، إلى غير ذلك مما يقطع دابر الجفاء والغلظة والفظاظة والقسوة في حياة المسلمين، وهي كما يقول التواصليون تمثل إلى 85% من أسباب نجاح أو فشل العلاقات و الأعمال. غير أن هذه الرحمة لا تنبت ولا تزدهر ولا تبقى سارية المفعول شمولية الشيوع إلا في بيئة تربوية أخوية لا بيئة متطرفة قاسية عنيفة بمعنى من المعاني تنفي الآخر ولا تقبل بالتعايش معه، ولا أية بيئة ذات قيم مادية أنانية استهلاكية أو حتى قانونية حقوقية محضة وإلا فحتى الدول المتقدمة لازالت لديها فئات عريضة من المحرومين المقهورين يعيشون مع حاويات القمامة ويبيتون معها في الشوارع كالقطط المتشردة والكلاب الضالة.
وقال في أتباع الأنبياء: » وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ »الحديد/27. وفي الحديث: « الراحمون يرحمهم الرحمان » و « ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء » وفي الأنصار والمهاجرين قال: » يودونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ » الحشر/9. فما معنى أن تكون رحيما بالخلق وتتصف بخلق الرحمان وعباد الرحمان، فردا كنت أو جماعة؟، ولماذا اضطرب خلق الرأفة والرحمة في حياتنا المعاصرة؟، ماذا خسرنا بخسرانه؟، وكيف يمكننا استرجاعه حتى يتبوأ المكانة اللائقة به نقيا متألقا ؟. يقول الفقهاء، أن تكون رحيما معناه أن تكون متواضعا في شخصك.. خلوقا في طبعك.. لين الجناح.. طيب الكلام.. خدوما لغيرك. ناصرا لقضايا المسلمين.. سيماهم في وجوههم معنى مرح. ولغيرها من القضايا الإنسانية العادلة.. لا تبغي في ذلك إلا وجه الله والدار الآخرة. أن ترحم الخلائق معناه أن تشعر نفسك والآخرين بالحب والتقدير والدفىء العاطفي والشعور بالأمان في الانتماء إلى هذا الدين الذي يقوم مقام الأسرة والقبيلة وغيرها من الطوائف والمذاهب والمرجعيات؟.
إن هذه التربية وإن أنتجت شخصيات رائعة فإنها لم تتركها هملاً ولا مبعثرة، بل جعلتهم زرعاً متآزراً قوياً موحداً تفرق الأعداء وترتعب من وحدته وصلابته، إنها في الحقيقة ملامح التربية النبوية الرائدة التي أنتجت جيلاً جاب أصقاع الأرض يفتح البلدان بسنانه وبنانه ولسانه.
ولكن بعد أن عرضوا هذا الفيلم على شاشة الكمبيوتر وأخضعوه لبرامج خاصة تبين حركة العين، لاحظوا أن الإنسان بمجرد أن يبدأ بالكذب ترف عينه بطريقة غير مألوفة تختلف عن طرفة العين أثناء الصدق.