الآيات 9-10 وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا كان لوحي القرآن الكريم آثاره في السماء. فقبل نزول الوحي، كان الجن يتنصت على الرسائل السماوية، لكنهم منعوا بعد ذلك من فعل الشيء نفسه ؛ ونتيجة لذلك يقولون إنهم في السابق كانوا يجلسون في الجنة للتنصت واستلام الرسائل السماوية ونقلها لأصدقائهم ، على الرغم من أن من ينوي التصرف بالمثل سيجد شهبًا يستهدفه. الآيات 11 – 12 وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا تصحح الآية المباركة فرضياتنا عن الجن، لأن كلمة الجن تدل على الأذى والفساد والانحراف والخطأ عند بعض الناس. سبب نزول سورة الجن .. فضل سورة الجن - مخزن. مع أن الحقيقة هي أن هناك مجموعات مختلفة من الجن ، الصالحين وغير الصالحين، وتشير الآيات إلى استحالة التغلب على الرب والهروب من العدالة الإلهية. وهكذا ، عندما لا يكون هناك سبيل للتغلب على الله تعالى ولا الهروب منه ، فلا خيار آخر سوى الخضوع لأمره العادل.
وأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ (الجـن: 1) وإنما أوحي إليه قول الجن. حيثُ أنه بينما كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ متوجهاً مع بعض من أصحابه إلى سوق عكاظ، لاحظ أفراد من الجن أن هناك طارئاً قد حدث وتغير ملحوظ فبعدما كان الجن يقومون باستراق السمع إلى أخبار السماوات وما يكتبه الله عز وجل لخلقه من البشر من أمور الغيب، قد أصبح هذا الأمر شاق عليهم ولم يعد باستطاعتهم فعل ذلك، حيثُ أن الله عز وجل قد سخّر النيازك والشهب لتترصد الجن ممن يسترقون السمع وتقذفهم من كل اتجاه يأتون منه. وذهب الجن إلى قومهم ليعلموا ما حدث ويستفسرون عن المسألة ليقول بعضهم للبعض، أذهبوا إلى مشارق الأرض ومغاربها لعلكم تعلمون ما استجد من أمور في هذا الشأن، ليذهب بعض منهم إلى تهامة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أثناء صلاته للفجر وأصدقائه وخلال هذا الوقت استمع أفراد الجن إلى آيات من القرآن الكريم ليعلموا بالأمر، ويسارعوا إلى قومهم ليعلمونهم كيف الخبر وكيف تمكنوا من الاستماع إلى آيات القرآن العظيمة التي لم يسبق لهم الاستماع إلى مثيلاتها. وهنا قد آمن الجن بدعوة الله عز وجل واستجابوا وأطاعوا لله ورسالة توحيد الإسلام، بعدما أدركوا تمام الإدراك أنهم أضعف من أن يعجزوا الله عز وجل في أرضه، كما فهموا جيداً أن الرشد والابتعاد عن الفسق والضلال هو الطريق الوحيد المؤكد لينالوا رضاء الله ـ عز وجل ـ وثوابه ورحمته في الدنيا والآخرة، وأستغرب الجن المؤمن حال بعض البشر ممن يستعينون بالطالحين من أفراد الجن ظناً منهم بمعرفتهم بالغيب وعلم اليقين، إلا أن الحقيقة أن ذلك لن يزيدهم سوى شقاءً وعجزاً في دنياهم.
وكشف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كرّمه وتحدث معه ، فقال له: ما حاجتك تريد شيئاً؟ وإن نزل منه قال له: هل أنت في حاجة إلى شيء؟ وذلك عندما أنزل الله: (أما الغني فله إجابة ولا زكاة). في نهاية هذا المقال أجبنا على سؤال حول سبب نزول عبس وتولي ، ونحن موجودون في موسوعة المحيط..
السؤال: إنّ ابناء السنّة يتقولون إنّ سورة عبس وتولّى قد نزلت تعاتب الرسول الأكرم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم ، بينما الطائفة الشيعيّة تنفي ذلك وتقول إنّ سبب النزول هو عندما عبس عثمان بن عفان في وجه عبد الله ابن مكتوم ، وكل ما طلبه منكم هو تزويدي بالمصادر السنيّة والشيعيّة التي تثبت نزول السورة أو الآية في عثمان بن عفان. الجواب: أمّا المصادر الشيعيّة المتضمّنة لنزول الآية في عثمان ، فأكثر التفاسير الشيعيّة كتفسير التبيان للطوسي ، ومجمع البيان للطبرسي ، والبرهان للسيد البحراني ، ونور الثقلين للحويزي ، وتنزيه الأنبياء للسيّد المرتضى ، وقد استدلّوا مضافاً إلى الروايات عن أهل البيت عليهم السلام الذين هم الثقل الثاني الذين اُمرنا بالتمسّك به في الحديث النبوي المتواتر ، والمطهّرون بنصّ القرآن ، وهم سفينة نوح. سبب نزول عبس وتولى - تعلم. استدلّوا أيضاً بقوله تعالى: ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [ القلم: 4]. فكيف يصفه تعالى بذلك وهو يستخفّ ويستهين بالمؤمن الفقير لكونه أعمى. وكذلك قوله تعالى: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ... ) [ آل عمران: 159].
2- تفسير القرطبي: عن عائشة قالت: {عبس وتولى} في ابن أم مكتوم الأعمى ، أتى الى النبي (صلى الله عليه واله)، فجعل يقول: يا رسول الله ، أرشدني ، وعند رسول الله (صلى الله عليه واله) رجال من عظماء المشركين ، فجعل النبي (صلى الله عليه واله)؛ يعرض عنه ويقبل على الآخرين ، ففي هذا نزلت: {عبس وتولى} (2).