طالب عبد العزيز إذا لم يكن يوسف الخال في كتابه الشعري (رسائل إلى دون كيشوت) قد وقع في شراك كتاب جبران خليل جبران الشعري (النبي) يوم ترجمه عام 1968 فقد ساورته الرغبة في صناعة كتاب مثله. قد لا تشي القراءة السريعة بذلك، لكنَّ المعاينة القريبة تمنحنا أكثر من وشيجة بين العملين، الملحميين المهمّين، في الفكرة وطريقة العرض والتتابع واختيار الأبطال ومن ثم الخلاصات، وإن افترقت هنا وهناك، إلا أنها التقت بشكل واضح في الحجم واختيار الصور أو التخطيطات الداخلية في أقل تقدير. أكثر من نصف قرن، تفصل بين الكتابين، فقد صدرت ترجمة الأب أنطونيوس بشير لكتاب (النبي) أول مرة في عام 1926 فيما صدرت طبعة كتاب الخال (رسائل إلى دون كيشوت) عام 1979. وهناك عشر سنوات فصلت بين ترجمة الخال لـ (النبي) وإصدار كتابه الاستثنائي (رسائل.. صنّاع الجحيم. ) ولعلنا نذهب بالقول إنه وفي السنوات تلك احتفظ الخال بالخيط الخفي الذي أمده لكتابة كتابه ذاك، وأنه كان قد وقع بحبائل جبران الفلسفية والشعرية من حيث يعلم أو لا يعلم، وربما كان قد اشتغل فيه مستحضراً الثيمة الرئيس، التي انبنى عليها كتاب جبران (النبي). تكتب ماري هاسكل، معشوقة جبران أنه في عام 1912 شرع جبران بكتابة السطر الأول أو الفكرة الأولى لإله الجزيرة، الذي سمّاه المصطفى، بطل ملحمته (النبي) ففي جزيرة نائية، هذا المنفى البروميثيوسي، أمضى الإله اثني عشر عاماً بانتظار سفينته التي كانت ستعود لتأخذه إلى الجزيرة التي ولد فيها.
في الإقامة تلك يسرد جبران آراءه على لسان رجل حكيم يدعى المصطفى، يرحل بعيدًا عن موطنه، نحو مدينة من نسج الخيال، هي جزيرة «أورفاليس». ويزداد يأساً حين غلبته نوبة الحزن، وهو يهبط التلة. «ليس رداءً ما اطرحه عنّي، بل جلدا أسلخه بيديّ هاتين». تشي تشي حتى الموت. في (رسائل إلى دون كيشوت) نجد يوسف الخال يستخدم البطل الأسطوري جلجامش، متحدثاً بلسانه في رحلته إلى غابة الأرز، بلبنان، وهو إله أو نصف إله، بحسب الملحمة الرافدينية الشهيرة، وفي الرحلة هذه نجده متعذّباً، جراء فقدانه عشبة الخلود، وفي صراعه مع الموت بعد موت صديقه أنكيدو، وبذاك اليأس وبتلك الروح المهزومة يحاول الخال تبرير ما حدث ويحدث لبطله، فنجده يراكم من البطولة غير المتحققة أمام ما يحيق بها من الزوال والانهيار، لكنه وفي شبه استسلام صار يريد أن ينتهي الى النهاية التي آل اليها صاحبه: «أموت سعيدا لأنني عرفت الموت، عرفته في اللحظة الأخيرة، وفي اللحظة الأخيرة تألهت، فضمني إليك واغفر كبريائي». رسم جبران فكرة كتابه عند دخوله المدينة على شكل أسئلة تبدأ بها الكاهنة، المِطرة فتسأله عن الحب، مادة جبران في الكتاب، وتترادف أسئلة الآخرين عن الزواج والأطفال والعطاء والأكل والشرب والعمل والبيوت والثياب والجريمة والعقاب والقوانين والحرية والدين والموت، فتختلف إجاباته، كان يجيب عن الحب فيقول: «الحب، هو الذي لا يعطي سوى نفسه، ولا يأخذ سوى من نفسه، وحين يجيب عن الأسئلة الأخرى نراه يقول: «عليك أن تستريح في العقل وتتحرك في العاطفة».
حكم على الحاكمة المدنية الفعلية السابقة لميانمار أونغ سان سو تشي، الأربعاء، بالسجن خمس سنوات إضافية بتهمة الفساد، حسبما ذكر مصدر قريب من الملف لوكالة فرانس برس. وفي هذا الشق من المحاكمة، يتهم المجلس العسكري الحاكم منذ انقلاب شباط/فبراير 2021، سو تشي (76 عاما) حائزة جائزة نوبل للسلام بتلقي رشاوى بقيمة 600 ألف دولار وأكثر من 11 كيلوغراما من الذهب من الوزير السابق المكلف بمنطقة رانغون فيو مين ثين. لكن أونغ سان سو تشي التي حكم عليها من قبل بالسجن ست سنوات، تنفي هذه الاتهامات. وأبقت المحكمة على عشر اتهامات بالفساد ضدها. وكان أونغ سان سو تشي التي أكد مصدر مطلع في بداية الأسبوع الجاري أنها في صحة جيدة اعتقلت عند وقوع الانقلاب العسكري في الأول من شباط/فبراير 2021 منهيا مرحلة ديمقراطية في ميانمار. وهي متهمة بعدد من الجرائم من بينها انتهاك قانون لأسرار الدولة صدر في الحقبة الاستعمارية وتزوير الانتخابات وفتنة وفساد، وقد تصدر عليها أحكام بالسجن لعقود في نهاية محاكمتها. وتمضي سو تشي بداية عقوبتها في الإقامة الجبرية في مكان احتجازها بعيدا عن العالم الخارجي منذ أكثر من عام ويفترض أن تبقى فيه طوال مدة محاكمتها.