اليمن كما يراه الآخر يشير المؤلف في هذا الجزء من الكتاب إلى أسماء كثيرة جاءت إلى اليمن أو عبرت اليمن نحو بلاد أخرى، كتب بعضهم عنها في مذكراته أو أبحاثه، وحمل بعضهم بعضاً من آثارها أو نقوشها إلى بلدانهم، وحفظ آخرون في الذاكرة تفاصيل رحلة أسطورية، قام آخرون بوصف بلاد اليمن ورسموا مشاهد لمدنها وقراها، وفي زمن السينما حمل المخرج العالمي بازوليني كاميرا التصوير إلى اليمن حيث عوالم ألف ليلة وليلة السحرية وكتب في دفتر ملاحظاته كثيراً من الرؤى الشعرية عن هذه المدن العابرة للزمن. وفتح اتجاهاً لقراءة الكتابات الانتربولوجية عن اليمن خاصة الحديثة منها في فترة ما بعد الاستعمار، حيث بدأ يعيد التفكير في قضية معرفة الآخر ويبحث عن طريقة مختلفة في التعبير عنها، طريقة تتحرر من الماضي الاستعماري والمركزية الغربية والهيمنة. وقدم المؤلف قراءة لإحدى الكتب التي تم ترجمتها وإصدارها تحت عنوان "اليمن كما يراه الآخر" ،ألفته الباحثة "لوسين تامينيان" وهي أمريكية الجنسية أردنية الأصل، وأوضح أن ما يلفت الانتباه فيه هو الطابع التجزيئي الذي يغلب على كثير من الدراسات المجموعة فيه، فهي في غالبها فصول أو أجزاء من كتب أو بحوث مطولة.
دولة الخط وهيمنة النص يعتبر المؤلف كتاب "دولة الخط" للباحث الفرنسي "بريكلي ميسك" كتاباً منفرداً في الكتابات الغربية عن اليمن فهو لا ينحو منحى استشراقياً تقليدياً ولا يلتزم بمعطيات الانتروبولوجيا والاثنولوجيا ولكنه يهتم بتفكيك نصوص الشريعة والتاريخ والفتاوى وأحكام القضاء، كما تظهر في المجتمع اليمني ويعزز مدى علاقتها بالناس وعلى خلاف الخطاب الاستشراقي السائد الذي يهتم بقراءة النصوص ويقوم بإعادة إنتاج المجتمع والتاريخ على ضوء تلك النصوص وعلى وجه الخصوص النصوص التي ترتبط بالشريعة والدين. ويؤكد أن الكتاب يقدم دراسة متميزة وجديدة من نواحي متعددة فهي تحاول دراسة السلطة الناشئة عن هيمنة النصوص وتبحث في العلاقة بين النص والتاريخ وتنظر إلى الشريعة كخطاب اجتماعي وكنص مفتوح يكتب وتتم إعادة كتابته بما ينشأ عليه من حواش وهوامش وإضافات. الاستشراق والفن في الجزء الأخير من الكتاب وتحت هذا العنوان "الاستشراق والفن" يشير الكاتب هشام علي بن علي إلى أن صورة اليمن تكونت في المخيلة الغربية متشحة بألوان الأسطورة والحلم وبتكوينات المقدس والمجهول بوصف الرحالة والمغامرين، وامتزج النص الاستشرافي بلوحات وتجريدات لجأ إلى تشكيلها بعض المستشرقين والرحالة والفنانين.
واستطرد الحديث عن "قانون صنعاء" الوثيقة التاريخية التي استفاد منها الباحث الفرنسي، حيث تعود هذه الوثيقة إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي، وتقدم معطيات تفصيلية عن التنظيم الإداري للمدينة وللسوق، كما تهدف الوثيقة إلى قوننة العلاقات الاقتصادية وتحديد صلاحيات الهيئات الحرفية والجماعات الأخرى والدفاع عن الملكية المشتركة وعن أمن المدينة. عدن العربية يأخذنا المؤلف إلى عنوان جديد "عدن العربية" وهو عنوان لكتاب ألفه الكاتب الفرنسي "بول نيزان" ونشره في العام 1932م، حيث قرر السفر إلى عدن وهو في العشرين من عمره فكان شاباً متمرداً على المجتمع والثقافة والعصر، وكانت له معرفة عميقة بالحركة الدادانية والسريالية وبالماركسية.