وبهذا يظهر أن الحديث ضعيف لا يعول عليه وبالتالي فإن الالتفات في الصلاة لغير حاجة مكروه كما هو مذهب الجمهور من أهل الفقه والعلم وهذا الحكم عام في صلاة الفريضة وصلاة النافلة ويدل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت:( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة ؟ فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد). والالتفات في الصلاة يدل على عدم الخشوع لأن خشوع الجوارح من خشوع القلب وكما قال سعيد بن المسيب لما رأى رجلاً يتحرك في صلاته:[ لو خشع قلبه لخشعت جوارحه] وينبغي على المسلم أن يخشع في صلاته فلا يلتفت ولا يتحرك لغير حاجة ، قال تعالى: ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ).
فالصلاة طهارة تؤهل العبد للإقبال على الله والوقوف بين يديه؛ قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2]، والخشوع هو إقبال القلوب وتذللها لعلام الغيوب؛ ولهذا قيل: لكل شيء ثمرة، وثمرة الصلاة الإقبال على الله؛ ولذلكم فإنه من الأهداف التي يسعى إليها إبليس اللعين، صرف العبد عن الإقبال على الله، ومن وسائله في ذلك: إشغال العبد بالالتفات في الصلاة؛ ففي الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: (( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة، فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد)) [6]. الاختلاس: الاختطاف، وهو أخذ الشيء بسرعة [7] ؛ يعني: إن الشيطان يسترق من العبد في صلاته التفاته فيها، ويختطفه منه اختطافًا حتى يُدخِل عليه بذلك نقص في صلاته وخلل [8] ، فإنه يوجب إعراض الله من عبده في تلك الحال؛ وفي الحديث: ((وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا؛ فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت)) [9]. فالحكمة في التنفير من الالتفات ما فيه من نقص الخشوع والإعراض عن الله تعالى [10] ؛ ولذلكم لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أناسًا يرفعون أبصارهم إلى السماء، ولا ينظرون إلى موضع سجودهم قال: ((ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟ فاشتد قوله في ذلك حتى قال: لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم)) [11].
الشيخ عبد الله بنطاهر التناني/ الالتفات في الصلاة اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد في نوفمبر 11, 2021 خطبة: الالتفات في الصلاةاختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد للشيخ عبد الله بنطاهر التناني الحمد لله الذي جعل الصلاة رأس العبادات، وأمر بالمحافظة عليها بالشروط والأركان والأوقات، وفضل جماعتها على سائر الجماعات، ونهى عند أدائها عن الاستدارة والالتفات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الأفعال والأسماء والصفات، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله سيد السادات، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ما دامت الأرض والسموات. أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون؛ أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته. قدمنا لكم في الجمعة الماضية أن النبيﷺ معصوم من الذنوب، لا حظ فيه للشيطان، والعصمة خاصة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أما نحن فللشيطان فينا حظوظ حتى في صلواتنا، ومن حظ الشيطان في صلواتنا الالتفات، وقد سألت أمنا عائشة -رضي الله عنها- النبيﷺ عن الالتفات في الصلاة، فقالﷺ: «ذلك اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد» رواه البخاري والنسائي. حكم الالتفات في الصلاة بيت العلم. والالتفات في الصلاة أربعة أنواع: الالتفات بالقلب، أو بالعين، أو بالوجه، أو بالجسد؛ والالتفات بالعين والوجه والجسد دليل وعلامة على الالتفات بالقلب؛ كما جاء في الأثر: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه».
وثبت في سنن أبي داود وغيره من حديث سهل ابن الحنظلية قال: "ثوَّب بالصلاة يعني صلاة الصبح فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشِّعْب " ، قال أبو داود: "وكان أرسل فارساً إلى الشِّعْبِ من الليل يحرس" ، ومعنى ثوَّب بالصلاة: بمعنى بكر بالإقامة. أما إذا كان الالتفات بالجسم كله أو بالصدر بحيث انتقل به لغير القبلة، فإن الصلاة تبطل لكون استقبال القبلة شرطاً من شروط الصلاة اتفاقاً وشذ ابن حزم ومن وافقه، وبالله التوفيق.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " اعلم أن الالتفات نوعان: 1 ـ التفات حسي بالبدن ، وهو التفات الرأس. 2 ـ التفات معنوي بالقلب ، وهو الوساوس والهواجيس التي ترد على القلب ، فهذا هو العلة التي لا يخلو أحد منها ، وما أصعب معالجتها! ما حكم الالتفات أثناء الصلاة.. تعرف على آراء الفقهاء الأربعة - اليوم السابع. وما أقل السالم منها! وهو منقص للصلاة ، ويا ليته التفات جزئي! ولكنه التفات من أول الصلاة إلى آخرها ، وينطبق عليه أنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد " انتهى. "الشرح الممتع" (3 /70). والله أعلم.
طريقة البحث نطاق البحث في الفهرس في المحتوى في الفهرس والمحتوى تثبيت خيارات البحث