والتجدد بكون الخبر فعلياً. وإظهار اسم الجلالة دون الإضمار للتنويه بهذا الخلق العجيب. واختير فعل المضي للدلالة على تقرير التقوّي بأن هذا شأن متقرر منذ القدم مع عدم فوات الدلالة على التكرير حيث عقب الكلام بقوله: { يخلق الله ما يشاء}. وقرأ الجمهور { والله خلق كل دابة} بصيغة فعل المضي ونصب { كل}. وقرأه الكسائي { والله خالق كل دابة} بصيغة اسم الفاعل وجر { كل} بإضافة اسم الفاعل إلى مفعوله. والدابة: ما دبّ على وجه الأرض ، أي مشى. وغُلب هنا الإنسان فأتي بضمير العقلاء مراداً به الإنسان وغيره مرتين. وتنكير { ماء} لإرادة النوعية تنبيهاً على اختلاف صفات الماء لكل نوع من الدواب إذ المقصود تنبيه الناس إلى اختلاف النطف للزيادة في الاعتبار. وهذا بخلاف قوله: { وجعلنا من الماء كل شيء حي} [ الأنبياء: 30] إذ قُصد ثمة إلى أن أجناس الحيوان كلها مخلوقة من جنس الماء وهو جنس واحد اختلفت أنواعه ، فتعريف الجنس هناك إشارة إلى ما يعرفه الناس إجمالاً ويعهدونه من أن الحيوان كله مخلوق من نطف أصوله. والله خلق كل دابة من ماء. وهذا مناط الفرق بين التنكير كما هنا وبين تعريف الجنس كما في آية { وجعلنا من الماء كل شيء حيّ} [ الأنبياء: 30]. و { من} ابتدائية متعلقة ب { خلق}.
د. صبحي رمضان فرج سعد* الماء سابق في وجوده على جميع الخلائق، فقد أثبتت دراسات علوم الأرض أن هذا الكوكب يرجع عمره إلى أكثر من 46 بليون سنة مضت، بينما يرجع عمر أقدم أثر للحياة في صخور الأرض إلى 38 بليون سنة، وهذا يعني أن عملية إعداد الأرض لاستقبال الحياة استغرقت أكثر من ثمانمائة مليون سنة. والدليل الشرعيّ الذي استند إليه العلماء في أن أصل العالم، هو الماء وهو أول المخلوقات، خبرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق: "كلُّ شىء خلقَ من الماء"( رواه ابن حبان وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه). وفي لفظ ابن حبان: "إن اللهَ تعالى خلقَ كلّ شيء من الماء"، وفي لفظ "كل شيء خلق من الماء". وروى السديُّ بأسانيد متعددة عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إنَّ الله لم يخلق شيئًا مما خلقَ قبل الماء"، فيتبين بذلك أن الماءَ هو أصل جميع المخلوقات وهو أول الخلق، فمن الماء خلق اللهُ العالمَ قال تعالى"وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" (الأنبياء 30). سؤال في الإعجاز العلمي: ما معنى قوله تعالى (والله خلق كل دابة من ماء)؟. يقول ابن كثير في تفسيره" أي أصل كل الأحياء منه. (…) وفي تفسير القرطبي "قوله تعالى "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ"، ثلاث تأويلات: أحدها، أنه خلق كل شيء من الماء؛ قاله قتادة.
الثاني، حفظ حياة كل شيء بالماء. الثالث، وجعلنا من ماء الصلب كل شيء حي؛ قاله قطرب.
وقوله- تعالى-: فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ.. تفصيل لهذه المخلوقات التي خلقت من الماء. والضمير في «منهم» يعود إلى «كل» باعتبار معناه، وفيه تغليب العاقل على غيره. أى: فمن هذه الدواب من يمشى على بطنه كالزواحف وما يشبهها، «ومنهم من يمشى على رجلين» كالإنس والطير «ومنهم من يمشى على أربع» كالأنعام والوحوش «يخلق الله» - تعالى- «ما يشاء» خلقه من دواب وغيرها على وفق إرادته وحكمته «إن الله على كل شيء قدير» فلا يعجزه- سبحانه- خلق ما يريد خلقه، ولا يمنعه من ذلك مانع، بل كل شيء خاضع لقدرته- عز وجل-. وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة قد ساقت ألوانا من الأدلة على قدرة الله- تعالى-. منها ما يتعلق بالكائن العلوي، ومنها ما يتعلق بالزمان، ومنها ما يتعلق بخلق أنواع الدواب على اختلاف أشكالها. وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. وبعد أن ساقت السورة ما ساقت من الأحكام والآداب ومن الأدلة على وحدانية الله-تعالى- وقدرته، أتبعت ذلك بالحديث عن طائفة المنافقين، الذين لم ينتفعوا بآيات الله، ولم يتأدبوا بأدب المؤمنين.. فقال- تعالى-: ﴿ تفسير ابن كثير ﴾ يذكر تعالى قدرته التامة وسلطانه العظيم ، في خلقه أنواع [ المخلوقات]. على اختلاف أشكالها وألوانها ، وحركاتها وسكناتها ، من ماء واحد ، ( فمنهم من يمشي على بطنه) كالحية وما شاكلها ، ( ومنهم من يمشي على رجلين) كالإنسان والطير ، ( ومنهم من يمشي على أربع) كالأنعام وسائر الحيوانات; ولهذا قال: ( يخلق الله ما يشاء) أي: بقدرته; لأنه ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن; ولهذا قال: ( إن الله على كل شيء قدير).
[١٣] خلقُ الله جميعه من الحيوانات والطيور والنباتات والحشرات وحتى الإنسان جعل في تركيبته الماء ، فلا يعيش مخلوق منهم دون تركيبة الماء التي جعلها الله فيه. [١٤] بيانُ أنّ الماء هو سر الحياة على وجه هذه الأرض، وهو من النعم التي يذكر الله بها عبيده؛ حتى يشكروها فيزيدهم منها على الدوام. [١٥] المراجع [+] ↑ سورة النور، آية:11 ↑ سورة النور، آية:45 ↑ "سورة النور" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-02. بتصرّف. ^ أ ب ت ث "تفاسير الآية 45 من سورة النور" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03. بتصرّف. ↑ "تعريف و معنى خلق في قاموس لسان العرب" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03. بتصرّف. آي الله | والله خلق كل دابة من ماء - الشيخ : سلمان العتيبي - YouTube. ↑ "تعريف و معنى دابة في قاموس لسان العرب" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03. بتصرّف. ↑ "تعريف و معنى البطن في قاموس لسان العرب" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03. بتصرّف. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن "وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍۢ مِّن مَّآءٍۢ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِى عَلَىٰ بَطْنِهِۦ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِى عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِى عَلَىٰٓ أَرْبَعٍۢ ۚ يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ (النور - 45)" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-03.
والظاهر أنه متعلق بخلق وهو أوفق بالمقام كما لا يخفى على ذوي الأفهام، وتنكير الماء هنا وتعريفه في قوله تعالى: وجعلنا من الماء كل شيء حي [الأنبياء: 30] لأن القصد هنا إلى معنى الإفراد شخصا أو نوعا والقصد هناك إلى معنى الجنس وأن حقيقة الماء مبدأ كل شيء حي فمنهم من يمشي على بطنه كالحيات والسمك وتسمية حركتها مشيا مع كونها زحفا مجاز للمبالغة في إظهار القدرة وأنها تزحف بلا آلة كشبه المشي وأقوى، ويزيد ذلك حسنا ما فيه من المشاكلة لذكر الزاحف مع الماشين، ونظير ما هنا من وجه قوله تعالى: يد الله فوق أيديهم [الفتح: 10] على رأي ومنهم من يمشي على رجلين كالإنس والطير ومنهم من يمشي على أربع كالنعم والوحش. والظاهر أنه المراد أربع أرجل فيفيد إطلاق الرجل على ما تقدم من قوائم ذوات القوائم الأربع وقد جاء إطلاق اليد عليه وعدم ذكر من يمشي على أكثر من أربع كالعناكب وأم أربع وأربعين وغير ذلك من الحشرات لعدم الاعتداد بها مع الإشارة إليها بقوله سبحانه: يخلق الله ما يشاء أي مما ذكر ومما لم يذكر بسيطا كان أو مركبا على ما يشاء من الصور والأعضاء والحركات والطبائع والقوى والأفاعيل. وزعم الفلاسفة أن اعتماد ما له أكثر من أربع من الحيوان إنما هو على أربع ولا دليل لهم على ذلك.
ورتب ذكر الأجناس في حال المشي على ترتيب قوة دلالتها على عظم القدرة لأن الماشي بلا آلة مشيٍ متمكنةٍ أعجب من الماشي على رجلين ، وهذا المشي زحفاً. أطلق المشي على الزحف بالبطن للمشاكلة مع بقية الأنواع. وليس في الآية ما يقتضي حصر المشي في هذه الأحوال الثلاثة لأن المقصود الاعتبار بالغالب المشاهد. وجملة: { يخلق الله ما يشاء} زيادة في العبرة ، أي يتجدد خلق الله ما يشاء أن يخلقه مما علمتم وما لم تعلموا. فهي جملة مستأنفة. وجملة: { إن الله على كل شيء قدير} تعليل وتذييل. ووقع فيه إظهار اسم الجلالة في مقام الإضمار ليكون كلاماً مستقلاً بذاته لأن شأن التذييل أن يكون كالمثل.