وتمتد هذه البلاد غربا من إيران، إلى جبال "الهمالايا" في الشمال الشرقي، تاركة شبه القارة الهندي في جنوبها. وتكون -الآن- جزءا كبيرا من دولة باكستان الحالية. كان العرب يطلقون على "السند" من الأسماء: "ثغر الهند"، لأنه كان في ذلك الوقت المعبر إلى بلاد الهند ، ومن مدن السند: مدينة "الديبل" "مكان كراتشي الحالية"، "قندابيل"، و"قيقان"، و"لاهور"، و"قصدار"، و"الميد"، و"الملتان" المجاورة للهند، وتقع على أعلى رافد من روافد نهر مهران. فاتح بلاد السند لامر. سبب فتح بلاد السند استولى قراصنة السند من الديبل بعلم من ملكهم "داهر" في عام 90 هـ على 18 سفينة بكل ما فيها من الهدايا والبحارة والنساء المسلمات، اللائي عمل آباؤهم بالتجارة وماتوا في سرنديب وسيلان، وصرخت مسلمة من بني يربوع "وا حجاج، وا حجاج"، وطار الخبر للحجاج باستغاثتها، فنادى من وراء الجبال والبحار "لبيك لبيك". وحاول الحجاج بن يوسف الثقفي استرداد النساء والبحارة بالطرق السلمية، ولكن "داهر" اعتذر بأنه لا سلطان له على القراصنة، فثارت ثائرة الحجاج، فأعد الحجاج جيشًا تلو الآخر، الأول بقيادة "عبد الله بن نهبان" فاستشهد، ثم أرسل الحجاج "بديل بن طهفة البجلي" ففاز بالشهادة دون أن يصل إلى أمر حاسم.
فاستشاط الحجاج غضبًا بعد أن رأى قوّاته تتساقط شهيدًا وراء شهيد، فأقسم ليفتحن هذه البلاد، وينشر الإسلام في ربوعها، وقرّر القيام بحملة منظمة، ووافق الخليفة الوليد بن عبد الملك، وبعد أن تعهد له الحجاج أن يرد إلى خزينة الدولة ضعف ما ينفقه على فتح بلاد السند. فتح بلاد السند / د. طه عبد المقصود | Arab Defense المنتدى العربي للدفاع والتسليح. وقد وقع اختيار الحجاج على محمد بن القاسم الثقفي واليه على فارس ليقود جيش الفتح ؛ لما رآه فيه من حزم وبسالة وفدائية، فجهّزه بكل ما يحتاج إليه في ميدان القتال من عتاد، وتحرك البطل محمد بن القاسم الثقفي بجيشه المكون من عشرين ألف مقاتل من خيرة الأبطال وصفوة الجنود، واجتاز الجيش حدود إيران سنة 90هـ إلى الهند. فتح بلاد السند سار محمد بن القاسم بجنده من "شيراز" إلى "مكران"، وأقام بها أيامًا، واتخذ منها قاعدة للفتح ونقطة انطلاق، ثم فتح "قنزابور"، ثم "أرمائيل". تقدم لفتح "الديبل"، وتقع -الآن- قريبة من كراتشي في باكستان، وجعل عتادة أزواده في سفن أرسلها بالبحر من "أرمائيل"، وحاصر "الديبل"، ونصب عليها المنجنيق، وفتحها بعد قتال عنيف دام ثلاثة أيام، وهدم "البد" الكبير بها، وكل "بد" آخر "، والبد: "كل تمثال أو معبد لبوذا"، ثم حولها إلى مدينة إسلامية، وأزال منها كل آثار البوذية، وبنى بها المساجد وأسكنها أربعة آلاف مسلم.
وكانت الهند حينها تنقسم للمالك متفرقة وتتفاوت بين القوة والضعف، وكان بعضها خاضع لحكم الفرس، وكانت مملكة الموريا من أقوى القبائل الهندية قبل أن يقوم الإسكندر الأكبر بغزوها، حيث بقيت مملكة موريا بعد الغزوة التي اسقطوا بها دولة الصين وغزوا بلاد ما بعد النهر، ثمَّ شكَّلوا منها مملكة راي القوية التي استمرت تحت حكمهم لمدة طويلة إلى أن جاء صصه قبل الفتح الإسلامي ثمَّ ابنه داهر، وهو ملك السند. فاتح بلاد السند التنفيذي. وازداد اهتمام المسلمين ببلاد السند بعد أن فتحوا شرق مكران، التي فتحت عنوة في أيام معاوية حيث أن المقاتلين حلفوا بطلاق نسائهم ألا يهربوا من ميدان الحرب وأن يقاتلوا للنهاية، اتخذ المسلمين مصراً ليغيروا منها على السند، وكانت حملات المسلمين حينها على السند من ناحية مفازة سجستان التي تقع شمالي مكران. وبدأت حملات المسلمين على السند منذ عهد الخليفة عثمان بن عفّان وفي أواخر عهد الخليفة علي بن أبي طالب، إلا أنها اشتدت وتتالت في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وإن غالبية الحملات كانت على بلاد قيقان من أرض السند وكانوا أهلها من الأتراك وأيضاً ضد الخلج وهم من صنف الهياطلة، وكان رنبيل هو لقب ملوكها. وكان أشهر من فتح نواحي السند في أيم معاوية هو المهلب بن أبي صفرة القائد الشهير، الذي تقدم لأعالي الهند وهزم أهلها عند نبه ولوهر، لكن الفتنة التي حدثت بعد موت معاوية، ثمََ فتنة ابن الأشعث بسجستان أيم عبد الملك حدَّت من نشاط المسلمين من هذه الناحية.
وهناك عُذب القائد الشاب لمدة شهور، حتى مات في عام (96هـ، 715م). الرواية الثانية رواية اخرى في وفات محمد بن القاسم ذكرها كتاب «كنا جبالا» للكاتب علي كمال، أن ابنة ملك السند «داهر» الذي قتله بن القاسم، أدعت أنه راودها عن نفسها ونالها قسرا، فأمر الخليفة بحبسه حتى مات. الرواية الثالثة تقول إن ابنة ملك السند لما حاصر أبن القاسم بلادهم جاءته ليلًا تراوده عن نفسه، مقابل أن يفك حصار مدينتها، فوقعت في نفسه، ورفض مساومتها. الفتح الرمضاني لبلاد السند.. بقيادة أصغر فاتح في الإسلام لــ الكاتب / علي الصلابي. وعندما فتح ابن القاسم السند، ووقعت بنت الملك ضمن السبايا، أمر بذهابهم لقصر الخليفة، ولما وصلت إلى هناك ادعت أنه روادها عن نفسها. أمر الخليفة سليمان بن عبدالملك بقدوم ابن القاسم إليه، ولما دخل عليه وجده هزيلا قد نحف جسده، وهو المعروف عنه القائد القوي، وعندما واجهه الوليد بما تقوله ابنة ملك السند وقع ميتا، فخرجت لتبكي عليه وتموت معه في حينها. هذه الرواية مشهوره عن «الطبري».
ويعلق الدكتور عبد الله جمال الدين على مقتل ابن القاسم بقوله: "وإن المرء ليعجب كيف تنتهي حياة ذلك الشاب بهذه الصورة المريرة، وهو الذي فتح كل بلاد السند، ونشر الإسلام في كافة أرجائها في فترة قياسية لم تتجاوز السنوات الثلاث؟ كيف يواجه محمد بن القاسم هذا المصير المؤلم ويجزى ذلك الجزاء المهين؟ لقد تضاءلت أمام أعماله الحربية والسياسية عظمة الإسكندر "المقدوني" وشهرته، إذ بينما عجز الإسكندر قبل ألف عام عن الاستيلاء على قسم ضئيل من الهند كان سكانه أقل من ربع السكان زمن ابن القاسم استطاع هذا الفتى أن يخضعها ويلحقها بالدولة الإسلامية من غير كبير عناء. وقد قال مؤرخ إنجليزي: لو أراد ابن القاسم أن يستمر بفتوحاته حتى الصين لما عاقه عائق، ولم يتجاوز أحد من الغزاة فتوحاته إلى أيام الغرنويين. فاتح بلاد السند بالشدايد. لقد كان واحدا من عظماء الرجال في كل العصور" [4]. بلاد السند بعد وفاة ابن القاسم ومهما يكن من أمر فقد توقفت الفتوحات في جبهة السند بمجرد مغادرة محمد بن القاسم البلاد ، وانكمش المسلمون في المناطق التي تم فتحها من قبل، وتركت الأوضاع السياسية السيئة في عاصمة الخلافة "دمشق" تأثيرها على الاستقرار والأمن في شبه القارة الهندية، فقامت الثورات والفتن في بعض المناطق الخاضعة للمسلمين، وحاول بعض أمراء السند وملوكها الذين قد فروا إلى كشمير وغيرها العودة إلى البلاد، ونجع بعضهم في استعادة سلطانه ونفوذه، مستفيدا من الاضطرابات الداخلية في العالم الإسلامي [5].
وبعد ذلك تم اكتشاف عدة أمور أخرى منها أن تلك الأماكن احتوت على بقايا مدن تم بناؤها بوجود حضارة لم يعرف بها أحد من قبل والتي تم اكتشافها من خلال آثار تلك القطع الفنية. ولهنا نكون قد وصلنا لنهاية المقال، فقد أوضحنا الكثير من المعلومات عن بلاد السند وسبب تسميتها بذلك الاسم واسمها الحالي وكذلك بعض المعلومات الأخرى عن تاريخها، لذا تعتبر بلاد السند من أحد الحضارات المهمة عبر التاريخ التي تم اكتشافها من خلال فنها الهندسي والعمراني.