وبشكل غريب تحولت أمواج البحر الصافية تلك إلى أمواج عاتية تعصف بالسفينة، وعندما أدرك الربان أنهم غارقون لا محالة توجه نحو ركاب السفينة وبينهم عكرمة وقال لهم: اتركوا دعاء أصنامكم الآن واخلصوا الدعاء للَّه وحده، فإن آلهتكم لا تغني عنكم هاهنا شيئًا. فتعجب عكرمة من قول ذلك الرجل وقذف اللَّه في قلبه الإيمان وقال لنفسه: إذا كان الذي ينجيني في البحر هو اللَّه وحده، فلا بد إذًا أنه هو وحده الذي ينجيني في البر! اللهم إن لك علي عهدًا إن عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدًا حتى أضع يدي في يده، وعندها هدأت الريح وسكن البحر، فرجع عكرمة إلى مكة، فلما رأى نبي الرحمة ابن أبي جهل ألدِّ أعدائه قادمًا نحوه وثب من غير رداء فرحًا به وقال: مرحبًا بالراكب المهاجر. فتحول قلب عكرمة بن أبي جهل من قلب رجلٍ مبغض حقود للإسلام والمسلمين إلى قلب رجلٍ لا يحب في الدنيا أكثر من هذا الدين الذي لطالما حاربه، فقرر عكرمة أن يتحول إلى جندي ينشر هذا الدين الذي لطالما حاربه، فلم يترك عكرمة بن أبي جهل بعد إسلامه غزوة مع رسول اللَّه إلا وشارك فيها، وفي عهد أبي بكر أصبح عكرمة قائدًا لجيش من جيوش الإسلام العظيمة التي حاربت الردة، قبل أن يتحول إلى قائد عظيم من قادة المسلمين في بلاد الشام.
هو عكرمة بن عمرو المخزومي القرشي الكناني، ويكنى بأبي عثمان......................................................................................................................................................................... نسبه هو عكرمة بن عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. أمه أم مجالد إحدى نساء بني هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. سيرته تبدأ رحلة عكرمة عندما نشأ في أحضان هذا الأب الكافر الذي أخذ على نفسه العهد بعداوة رسول الله صلى الله عليه و سلم فوجد عكرمة نفسه مدفوعاً إلى عداوة النبي ومحاربته طاعة لأبيه الذي كان يعتمد عليه في كل صغيرة وكبيرة. لقد كان أبو جهل والد عكرمة جبار مكة الأكبر وزعيم الشرك الأول وصاحب النكال الذي امتحن الله ببطشه إيمان المؤمنين فثبتوا واختبر بكيده صدق المؤمنين فصدقوا إنه أبو جهل وكفى. معركة بدر لما قاد أبوه معركة الشرك يوم بدر وأقسم باللات والعزى ألا يعود إلى مكة إلا إذا نزل ببدر فيقيم عليها ثلاثاً ينحر الجزور ويشرب الخمور وتعزف له القيان بالمعازف، فكانت المعركة فقاد أبو جهل هذه المعركة وكان ابنه عكرمة عضده الذي يعتمد عليه ويده التي يبطش بها ولكن اللات والعزى لم يلبيا نداء أبي جهل لأنهما لايسمعان ولم ينصراه في معركته لأنهما عاجزان، فخر أبوجهل صريعاً دون بدر ورآه ابنه عكرمة بعينيه ورماح المسلمين تنهل من دمه وسمعه بأذنيه وهو يطلق آخر صرخة انفرجت عنها شفتاه.
فأيُّ أخلاق كريمة كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه؟!! لقد كان أبو جهل فرعون هذه الأمة، ومع ذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم يأمر الصحابة –رضي الله عنهم- بألاَّ يلعنوا أبا جهل أمام ابنه عكرمة؛ لكي لا يؤذوا مشاعره، مع أن عكرمة لم يُسلِم حتى هذه اللحظة. ودخل عكرمة بن أبي جهل إلى مكة المكرمة، ومن بعيد رآه الرسول صلى الله عليه وسلم ، فماذا فعل.. ؟! هل تذكَّرَ أبا جهل؟! هل استعاد بذاكرته الغزوات التي شارك فيها عكرمة صادًّا عن سبيل الله؟! هل فكر في قتال عكرمة للمسلمين منذ أيام عند الخندمة؟! هل نظر إلى حالة الضعف والهوان الشديد التي جاء بها عكرمة، فأراد أن يُلَقِّنَهُ درسًا يعرف به قوة الدولة الإسلامية؟! إنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل أيًّا من هذا الذي يتوقعه أي سياسي!! لقد وثب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عكرمة وما عليه رداء فرحًا به، وانبسطت أساريره وهو يرى عكرمة بن أبي جهل يعود إليه، مع أنه لم يسلم بعدُ، لكن هذه هي طبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم دون تكلُّف.. وجلس عكرمة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال: يا محمد، إن هذه (وأشار إلى زوجته) أخبرتني بأنك أمَّنتني..!! فقال الرسول صلى الله عليه وسلم دون تفصيلات ولا شروط: «صَدَقَتْ، فَأَنْتَ آمِنٌ».
ـزوة بدر. وشارك فيها عكرمة كأحد فرسان قريش المكلفين بإنقاذ قوافل قريش التي يقودها أبو سفيان بن حـ. ـرب، بعد أن وصلت الأخبار إلى مكة أن المسلمين قد تعرضوا للقوافل في بدر. رأى عكرمة في المعـ. ـركة عبد الله بن مسعود يرتقي على صدر أبيه و يقـ. ـتله، فانسحب عكرمة من المعـ. ـركة مع غيره من فرسان قريش. وعاد عكرمة إلى مكة بعد أن خلف جـ. ـثة سيد قريش في بدر فقد أعجزته الهزيمة عن أن يظفر بها ليدفنها في مكة. وأرغمه الفرار على تركها للمسلمين فألقوها في القليب (بئر ألقيت فيها جثـ. ـث المشركين من قتـ. ـلى بدر) مع العشرات من قتـ. ـلى المشركين وأهالوا عليها الرمال. في غـ. ـزوة أحد، خرج عكرمة ثأرًا لمقـ. ـتل أبيه ولهزيمة قريش، وأخرج معه زوجه أم حكيم لتقف مع النسوة الموتورات في بدر وراء الصفوف. وتضـ. ـرب معهن على الدفوف، تحريضًا لقريش على القـ. ـتال وتثبيتًا لفرسانها إذا حدثتهم أنفسهم بالفرار، فكان على ميمنة فرسان قريش خالد بن الوليد وعلى ميسرتهم عكرمة بن عمرو. يوم الخندق، يوم حاصر المشركون المدينة أيامًا طوالاً، فنفد صبر عكرمة بن عمرو وضاق ذرعًا بالحصار، فنظر إلى مكان ضيق من الخندق وأقحم جواده فيه فاجتازه.
فضلًا شارك في تحريرها. ع ن ت مجلوبة من « قام_عكرمة_بن_أبي_جهل&oldid=57791082 »