وفي الوثائق التي عمل عليها البروفيسور التركي تانر أكشام، بالاستناد إلى وثائق طلعت باشا ومذكّرات موظّف عثماني كان يعمل في مكتب الترحيل بحلب وقبل ذاك في مؤسسة الريجي/التبغ برأس العين (سرى كانيه) واسمه نعيم أفندي، نشهد حجم عمليات الترحيل من الأناضول إلى الصحراء السورية وحوض الفرات وبالمثل الترحيلات بين حلب ودير الزور، مروراً بنقاط التجميع في مسكنة وخطوط الإمداد اللوجستي في جرابلس ورأس العين والباب. والحال كانت سوريا واحدة من معسكرات الإبادة والتصفية، ولعل الأشدّ بشاعة فيما تكشفه الدراسة التي عمل عليها أكشام والموسومة "أوامر القتل- برقيات طلعت باشا والإبادة الأرمنية ( 2018)" هي عمليات تصفية الأطفال الأيتام في الرقة ومسكنة، أو تصفية الأطفال المرّحلين في القوافل المتجهة من مسكنة إلى دير الزور وحرق بعضهم في منطقة الشامية داخل كهف حشروا بداخله. وسواء أكانت سوريا أرض منفى وإبعاد للأرمن أو حقلاً للتصفية أو أعمال السخرة والتشغيل، فإن وقوع هذه الجرائم في سوريا يجعلنا على تماس أكبر مع الإبادة، وفي هذا يذهب الكاتب اللبنانيّ حازم صاغيّة إلى القول بـ"ضعف القيم" فيما خصّ "المأساتين الكردية التي عرف العراق أبرز فصولها، وكان مرتكبوها عرباً، والأرمنية التي نُفّذت على الأراضي السورية وكانت أبكر جرائم الإبادة في القرن العشرين، (وأن المأساتين) لم تحظيا بتعاطف عربيّ، أو حتّى باهتمام ملحوظ".
معاني الأسماء العربية قاموس معاني الأسماء و صفات و مشاهير و صور بإسمك 😍! مجاناً ،، الفوري أسرع وأضخم لمعرفة معنى اسمك أو أسماء أصدقائك أسماء جديدة وأسماء مواليد.
ولا تزال تركيا تجرّم استخدام مفردة "الإبادة الجماعية" وتختار توصيفاً ملتبساً وهو "الحرب الأهلية التي فاقمتها المجاعة" تبعاً لتصريف قدّمته الجمعية التاريخية التركية في قرار صدر عام 1983، وبالتالي فإن الأحداث لم تكن سوى حرب ضد المسلّحين الأرمن العملاء لروسيا، ويأتي كل ذلك في ظل استمرار الدولة الاضطلاع بمهمتين هما: حجب حقائق مهمّة عن الجمهور، ومهمة صناعة وإحلال "حقائق" عوضاً عنها. في الأثناء حظرت السلطات التركية نشاطات إحياء الذكرى منذ العام 2016، وهو ما بات أقرب لردّة رسميّة بحق ما قيل عن أنه تصالح تركيّ مع الماضي. غير أن الحظر وتبعاته لم يمنعا حزب الشعوب الديمقراطي وجمعيات حقوقية من المضيّ في إقامة نشاطات ضيّقة في أنقرة وديار بكر. اشكال لكتابة الاسماء عليها بعد. ولعل حساسيّة الكرد والديمقراطيين الأتراك تجاه هذه المناسبة تعكس دفاعاً عن النفس أيضاً، وإرادة في أن لا يصبحا (إلى جوار من تبقى من أرمن وسريان وعرب في تركيا) هدفاً لأي شكل من أشكال الإبادة المحتملة. تاريخياً، عيّن الأرمن يوم الرابع والعشرين من نيسان موعداً لإحياء ذكرى الإبادة التي بدأت في 1915، رغم أن البرقيات المتبادلة بين أعضاء اللجنة المركزية للاتحاد والترقي والولاة تفيد بتواريخ أسبق للإبادة والتخطيط لها، والحملات التي بدأت في العام 1914 على قرى أرمنية وأشرفت عليها ميليشيات "تشكيلات مخصوصة" (جهاز الاستخبارات)، تفيد بتواريخ أسبق عن التاريخ المعتمد أرمنياً، بيد أن المنحى الرمزي لاختيار ذكرى الإبادة جاءت نتيجة حدث مؤسِّس وهو اعتقال مئتي مثقف وشخصيّة أرمنية إسطمبولية تمّ إرسالهم إلى جانكيري وأيّاش، وقد قتل معظمهم أثناء الترحيل، فيما رحّل 57 منهم إلى دير الزور.