والمقصود أنَّ هذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها فيها الحثُّ على التوبة، والاستغفار، وحسن الظن بالله، وحسن الرجاء، وعدم اليأس، وعدم القنوط، لا مع الإهمال والإعراض، أمَّا مَن أهمل وأعرض وارتكب السيئات فقد جاهر الله بالمعاصي، وقد جاهر الله بالمحاربة، فهو على خطرٍ عظيمٍ، ولهذا توعَّد أهل المعاصي بالنار، وتوعدهم بغضبه جلَّ وعلا.
تاريخ النشر: الخميس 27 رمضان 1443 هـ - 28-4-2022 م التقييم: رقم الفتوى: 457531 108 0 السؤال أنا أمّ لثلاثة أطفال، وزوجة لزوج عظيم، يحبّني، ولا يبخل علينا بشيء، وقعت في المعصية، وتعرفت إلى شخص عن طريق الإنترنت، ومارست معه الفاحشة أكثر من مرة، وبعت له ثلاث قطع من ذهبي؛ لأنه محتاج للمال، وتوجّهت التهمة تلقائيًّا لأخي زوجي؛ لسوء سلوكه. أشعر بالخزي من نفسي، والندم الشديد، وأريد التوبة، وأنا حاليًّا أصلح من حالي، وأتقرّب من الله، ومن زوجي، وأولادي، وأشعر بالذنب دائمًا، وأن الله لن يغفر لي، وأبكي خوفًا من الله، فماذا أفعل مع زوجي، فهو لن يسامحني أبدًا؟ وماذا أفعل كي تقبل توبتي؟ الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: فمن رزقها الله زوجًا صالحًا يحسن عشرتها؛ فقد أنعم الله عليها بنعمة عظيمة، وحقّ النعمة أن تُشكَر لا أن تُكفَر. ولا ريب في أنّ وقوعك في الفاحشة؛ من أشد أنواع كفران النعمة، ومن أفحش الذنوب، وهو خيانة للأمانة؛ فالمرأة مؤتمنة على عِرض زوجها، وماله، قال تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ {النساء:34}، قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: قال السدي، وغيره: أي: تحفظ زوجها في غيبته في نفسها، وماله.
الفوائد من الحديث: 1- الحديث أصل في باب التوبة والحث عليها. 2- أن الذنوب وإن عظمت إذا استغفر الإنسان ربه منها غفرها الله له. 3- فضل الدعاء والرجاء في طلب المغفرة. 4- فضل التوحيد ، وأنه سبب لمغفرة الذنوب؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 116]. 5- الحديث يبين ضعف الإنسان، وكثرة ذنوبه، وعِظَمَ الله وسَعةَ رحمته. توبة المتزوجة التي وقعت في الفاحشة وأعطت عشيقها ذهبها واتّهم به قريب زوجها - إسلام ويب - مركز الفتوى. تم الكلام على ما أردناه من جمع كلام أهل العلم في هذه الأربعين النووية، ولله الحمد، وأسأله تعالى أن يتقبله مني، وأن ينفعني به في الدنيا والآخرة. وقد تم هذا الجمع بعون الله تعالى في يوم الأحد الخامس عشر من صفر سنة ألف وأربعمائة وثلاث وعشرين للهجرة. ومن كان عنده علم فليرشدنا إليه، ومن رأى في كلامنا زيغًا أو نقصًا وخطأ، فليُهْدِ إلينا الصواب، نشكر له سعيه، ونقابله بالقبول والإذعان، والانقياد والتسليم، والله أعلم، وهو الموفق [4]. [1] شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (131)، شرح الأربعين النووية لابن العطار (192). [2] الجواهر اللؤلؤية شرح الأربعين النووية (377). [3] قواعد وفوائد من الأربعين النووية (357).
ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان. وعليك أن تنفي التّهمة بالسرقة عن أخي زوجك، من غير أن تخبري بمعصيتك، ويجوز لك استعمال المعاريض، والتورية من أجل ذلك. وراجعي الفتوى: 68919. فإن كنت تائبة إلى الله توبة صادقة، فاثبتي على توبتك، وأغلقي كل أبواب الفتن، واجتنبي كل أسبابها، ولا تخبري زوجك، أو غيره بما وقعت فيه من المعصية. يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء - اذاعة القرآن الكريم من نابلس -فلسطين. وأكثري من الأعمال الصالحة، والحسنات الماحية، وأبشري بقبول التوبة -بإذن الله-. والله أعلم.
المصدر: شرح الأربعين النووية [الحديث الثاني والأربعون] ص [533-537]- طبعة دار العاصمة. ([1]) أخرجه الترمذي (3540), والطبراني في الأوسط (4/315) من حديث أنس – رضي الله عنه -, قال أبو عيسى: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه)), وأخرجه من حديث أبي ذر – رضي الله عنه -: أحمد في مسنده (5/ 148), والدارمي (2788), والبزار (9/ 403), والحاكم في المستدرك (4/ 269), وقال: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)). ([2]) أخرجه ابن ماجه (4250), والطبراني في الكبير (10281), والبيهقي في الكبرى (10/154), وأبو نعيم في الحلية (4/210) من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه -, قال المنذري في الترغيب والترهيب (4/84): ((ورواة الطبراني رواة الصحيح))اهـ. وللحديث شاهد من حديث ابن عباس – رضي الله عنه – أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (5/ 436). ([3]) أخرجه بهذا اللفظ الإمام أحمد في المسند (3/ 491), والدارمي في سننه (2731), وابن حبان في صحيحه (2/ 401), والطبراني في الكبير (210), والحاكم في المستدرك (4/268) من حديث واثلة بن الأسقع – رضي الله عنه -. وأخرجه البخاري (7405), ومسلم (2675) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – وليس فيه: ((فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ)).