ولكن سرعان ما يواجه همام عدواً جديداً ممثلاً في يودا زميله الإسرائيلي في المطعم، والذي يسعى لطرده من عمله في أقرب وقت ممكن، وهو ما يقع همام في شراكه، ولكن البطاطس سيكون لها السر الأكبر في تحول الأمور بالنسبة ل همام من المعاناة إلى الحياة الرغدة.
هكذا عدتُ إلى استذكار تفاصيل مكان عملي، وأخذت أتواصل نفسياً مع من بقي من معارفي هناك، ورحتُ أتخيَّل نفسي أجلس على شرفة البيت، الذي استعرته من أحد أصدقائي ممن سبقوني في اللجوء أو الهجرة، بل عدتُ إلى بيتي القديم، وشرعتُ أعيد ترميميه! همام في أمستردام. ما هي إلا أيام، حتى عاود صديقي المقيم في سوريا موضحاً أنَّ أمر عودتي ممكن، لكنه بحاجة إلى الأخذ بالأسباب، كما يقول صديقي، والأخذ بالأسباب في هذا السياق يعني تهيئة البيئة القانونية والاجتماعية والأمنية للعودة! قاطعتُه بالنسبة للبيئة الاجتماعية أمرها محلول، لدي من العواطف الكثير، ولدي شبكة علاقات قوية، يمكن تنشيطها خلال فترة قصيرة، غير أن صديقي قاطعني بثقة: لا تنسَ أن كثيرين سيخافون من الجلوس معك، وهناك شريحة أخرى لا تريد التواصل معك وترى أنك من الشريحة التي تركت البلد في الوقت كان من الضروري أن تبقى فيه، وهناك فئة ترى أنكم اعتبرتم الوطن فندقاً أو مطعماً وأنَّكم أفدتم في سفركم، وعشتم حياة آمنة، وحصلتم على جنسيات أوروبية، فيما هم كانوا يتضورون جوعاً وخوفاً! أما الأصعب فهي الفئة التي ترى أنك جزء من شريحة اسمكم (خونة وإرهابيون) ولا أحد يمكن أن يتنبأ بردة فعلها تجاهك!