قوله تعالى: إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير [ ص: 254] قوله تعالى: إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات أي حرقوهم بالنار. والعرب تقول: فتن فلان الدرهم والدينار إذا أدخله الكور لينظر جودته. ودينار مفتون. ويسمى الصائغ الفتان ، وكذلك الشيطان ، وورق فتين ، أي فضة محترقة. ويقال للحرة فتين ، أي كأنها أحرقت حجارتها بالنار ، وذلك لسوادها. ثم لم يتوبوا أي من قبيح صنيعهم مع ما أظهره الله لهذا الملك الجبار الظالم وقومه من الآيات والبينات على يد الغلام. فلهم عذاب جهنم لكفرهم. ولهم عذاب الحريق في الدنيا لإحراقهم المؤمنين بالنار. وقد تقدم عن ابن عباس. وقيل: ولهم عذاب الحريق أي ولهم في الآخرة عذاب زائد على عذاب كفرهم بما أحرقوا المؤمنين. وقيل: لهم عذاب ، وعذاب جهنم الحريق. والحريق: اسم من أسماء جهنم; كالسعير. والنار دركات وأنواع ولها أسماء. وكأنهم يعذبون بالزمهرير في جهنم ، ثم يعذبون بعذاب الحريق. فالأول عذاب ببردها ، والثاني عذاب بحرها. إن الذين آمنوا أي هؤلاء الذين كانوا آمنوا بالله; أي صدقوا به وبرسله.
الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات قال تعالى "إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق" وضح الله أن الذين فتنوا أى عذبوا أى حرقوا المؤمنين والمؤمنات وهم المصدقين والمصدقات بحكم الله ثم لم يتوبوا أى ثم لم يعودوا لحكم الله والمراد لم يسلموا فلهم عذاب جهنم أى لهم عذاب الحريق والمراد لهم عقاب الجحيم أى عقاب السعير صلاحيات هذا المنتدى: لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
"إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا.. " || ياسر الدوسري - YouTube
وعملوا الصالحات لهم جنات أي بساتين. تجري من تحتها الأنهار من ماء غير آسن ، ومن لبن لم يتغير طعمه ، ومن خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى. ذلك الفوز الكبير أي العظيم ، الذي لا فوز يشبهه
[٧] قيل بأنّه محمد -صلى الله عليه وسلّم-، لقوله -تعالى-: (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً}، [٨] {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً). [٩] قيل بأنّهم الأنبياء، قال -تعالى-: (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ). [٨] قيل بأنّه عيسى -عليه السلام-، والمشهود هم أمة عيسى، لقوله -تعالى-: (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ). [١٠] قيل بأنّه الإنسان، لقوله -تعالى-: (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)، [١١] وقيل بإنّه أعضاء الإنسان، لقوله -تعالى-: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ). [١٢] قيل بأنّه الأمة، والمشهود هم باقي الأمة، لقول -تعالى-: (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ). [١٣] قيل بأنّهم الحفظة، والمشهود هم بني الإنسان. قيل بأنّها الليالي والأيام. قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ... وَهُمْ عَلى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ قال -تعالى-: ( قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ* النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ* إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ* وَهُمْ عَلى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ)، [١٤] [١٥] قصّة أصحاب الأخدود، قود ورد فيها بأن رجلًا يُدعى بيوسف بن ذي نواس، كان قد حفر حفرة في الأرض، وكان قد أوقد فيها نارًا، ليلقي فيها كل وحّد الله -تعالى-.
رابعاً: قول الله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) البروج/ 10 المقصود بالفتنة هنا التحريق بالنار ، كما قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن أبْزَى. ينظر: "تفسير ابن كثير" (8 /271). ويدخل في عمومها كل من سعى لفتنة مؤمن عن دينه ، بصده عنه ، أو إعانته على المنكر ، أو نشره. يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " كل عمل قولي أو فعلي يقتضي صد الناس عن دينهم وتهوين الدين عليهم ، فإنه من الفتنة فيكون داخلاً في هذه الآية " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (99 /1). ولا شك أن هذه الإعلانات التي تروج صور النساء المتبرجات مما يفتن المؤمن ويصده عن الالتزام بشرائع دينه ، فينبغي للعبد أن يحذر من دخوله تحت هذا الوعيد ، أو وقوعه في نشر المنكر وإشاعة الفاحشة في المؤمنين. خامسا: إذا لم يمكنك أن تتخلص في عملك من المنكرات التي سبق ذكرها ، فالواجب عليك تركه لله ، والبحث عن عمل آخر لا حرمة فيه ، وأحسن الظن بالله وتوكل عليه تغنم وتوفق إن شاء الله ، وقد قال الله تعالى: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق/ 2، 3.
وفي الكَشْفِ: الوَجْهُ أنَّ عَذابَ جَهَنَّمَ وعَذابَ الحَرِيقِ واحِدٌ، وصْفٌ بِما يَدُلُّ عَلى أنَّهُ لِلْمَبْعُودِينَ جِدًّا عَنْ رَحْمَتِهِ عَزَّ وجَلَّ، وعَلى أنَّهُ عَذابٌ هو مَحْضُ الحَرِيقِ وهو الحَرْقُ البالِغُ وكَفى بِهِ عَذابًا. والظّاهِرُ أنَّهُ اعْتَبَرَ الحَرِيقَ مَصْدَرًا، والإضافَةَ بَيانِيَّةً ولا بَأْسَ بِذَلِكَ إلّا أنَّ الوَحْدَةَ الَّتِي ادَّعاها خِلافُ ظاهِرِ العَطْفِ. وقالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ جُعِلَ مِن عَطْفِ الخاصِّ عَلى العامِّ لِلْمُبالَغَةِ فِيهِ لَأنَّ عَذابَ جَهَنَّمَ بِالزَّمْهَرِيرِ والإحْراقِ وغَيْرِهِما كانَ أقْرَبَ، ولَعَلَّ ما ذَكَرْناهُ أبْعَدُ عَنِ القالِ والقِيلِ. وجُمْلَةُ ﴿فَلَهم عَذابُ﴾ إلَخْ وقَعَتْ خَبَرًا لِأنَّ، أوِ الخَبَرُ الجارُّ والمَجْرُورُ، و«عَذابُ» مُرْتَفِعٌ بِهِ عَلى الفاعِلِيَّةِ وهو الأحْسَنُ والفاءُ لِما في المُبْتَدَأِ مِن مَعْنى الشَّرْطِ ولا يَضُرُّ نَسْخُهُ بِأنَّ، وإنْ زَعَمَهُ الأخْفَشُ. واسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى بَعْضِ أوْجُهِها عَلى أنَّ عَذابَ الكُفّارِ يُضاعَفُ بِما قارَنَهُ مِنَ المَعاصِي.