حكم سب الصحابة من الأحكام التي تبلغ من الأهمية أشدّها، والتي يجب على كل مسلم التعرف عليها، والعمل بها؛ لأنَّ فعل سب الصحابة هو من الأفعال التي يعتبرها الكثير من أهل العلم أنَّها تدخل مدخل الشرك، فإنَّ في سب الصّحابة إنكار لمكانتهم في الإسلام، وأثرهم في نشر الدعوة، وفي مقالنا هذا لابد لنا من التعرف على من هم الصّحابة، وما هو حكم سبّ الصّحابة، ومكانة الصحابة في الإسلام، وأقوال العلماء في حكم من سبّ الصحابة، ومتى يكون سبّ الصحابة كفر. من هم الصحابة يمكن تعريف الصحابة لغةً واصطلاحًا كما يلي: تعريف الصحابيّ لغةً: كلمة صحابي من صَحَبَ، وصحب الشخص أي رافقه ولازمه، وجمع صحابي هو أصحاب أو صَحابة أو صُحاب أو صُحبة. تعريف الصحابي اصطلاحًا: الصحابي هو من التقى مع رسول الله-صلّى الله عليه وسلّم-شخصيًا وهو على الإيمان ومات عليه، مهما كانت مدى اللقاء قصيرة أو طويلة، سواء شارك معه بالغزوات أو لم يشارك، أو روى عنه الأحاديث أو لم يروي، ولا يعتبر من الصحابة من لقي الرسول-صلّى الله عليه وسلّم-على كفر ثم آمن ولم يلقاه بعدها، أو من آمن بعد وفاة الرسول فإنَّ لقاء الرسول-صلّى الله عليه وسلّم-على الإيمان ورؤيته هو شرط ليكون الشخص من الصحابة، ولا يشترط بالرؤيا أن تكون رؤيا العين، فعبد الله بن مكتوم هو أحد الصحابة الكرام-رضي الله عنهم جميعا- وقد كان أعمى لكنه جالس رسول الله-صلّى الله عليه وسلّم- والله أعلم [1].
وأمّا فيما يتعلق بحكم سب الصحابة الكرام فهو محرّم ومنهيّ عنه وقيلَ إنّه كفر بواح، فلا يجوز لمسلم أن يبغض أحدًا من صحابة رسول الله -رضوان الله عليهم أجمعين- وقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث: "لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيدِه! لو أن أحدَكم أنفق مثلَ أحدٍ ذهبًا، ما أدرك مدَّ أحدِهم، ولا نصيفَه" [٣] [٤].
قال: ويحتمل أن يحمل قوله: "ما أراه على الإسلام" على سبٍّ يطعن في عدالتهم؛ نحو قوله: "ظلموا وفسقوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأخذوا الأمر بغير حق"، ويحمل قوله "في إسقاط القتل" على سب لا يطعن في دينهم؛ نحو قوله: كان فيهم قلة علم، وقلة معرفة بالسياسة والشجاعة، وكان فيهم شحٌّ، ومحبة للدنيا، ونحو ذلك، قال: ويحتمل أن يحمل كلامه على ظاهره، فتكون في سابِّهم روايتان، إحداهما: يكفر، والثانية: يفسق، وعلى هذا استقر قول القاضي وغيره؛ حكوا في تكفيرهم روايتين". قال القاضي: "ومن قذف عائشة رضي الله عنها بما برَّأها الله منه كفر بلا خلاف". ونحن نرتب الكلام في فصلين؛ أحدهما: في حكم سبهم مطلقاً، والثاني: في تفصيل أحكام السبِّ. أما الأوَّل: فسبُّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حرامٌ بالكتاب والسنة، ثم أخذ في سرد الأدلَّة من الكتاب والسنة في ذلك، وبيَّن دلالاتها، وأطال، ثم قال: "فصل في تفاصيل القول فيهم: أما من اقترن بسبه دعوى: أن عليّاً إله، أو أنه كان هو النبي، وإنما غلط جبريل في الرسالة، فهذا لاشك في كفره، بل لاشك في كفر من توقف في تكفيره. وكذلك من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات وكُتمت، أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة، ونحو ذلك، وهؤلاء يُسَمَّون (القرامطة) و(الباطنية)، ومنهم: (التناسخية)، وهؤلاء لا خلاف في كفرهم.
وقد اختص الله تعالى صحابته من القرون والأمم السابقة بالسبق في دخول الإسلام ، والسبق في نصرة النبي، والجهاد لإظهار دينه وتبليغه للناس كافة، فهم أول من جاهد في سبيل الله تعالى، وأول من دعا إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فدخل الصحابة التاريخ من أوسع أبوابه، ونالوا المجد بكل أسبابه بالسبق في دخول الإسلام، والصبر، والهجرة، وحُسن الإيواء، ونصرة النبي، والجهاد، وتبليغ الدين، والذكر الحَسَن، فخير الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم هم الصحابة، والمسلمون الذين اتبعوهم بإحسان، فالصحابة هم خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم الذين حض النبي أمته على اتباعهم والسير على خطاهم. [٧] المراجع ↑ الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر، "منزلة الصحابة في الدين" ، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-22. بتصرّف. ↑ سورة الفتح، آية:29 ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:3673، صحيح. ↑ "حكم من سب الصحابة" ، إسلام ويب ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-22. بتصرّف. ↑ "سب الصحابة رضي الله عنهم" ، الدرر السنية ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-22. بتصرّف. ↑ سعد بن عبد الله الحميد رابط المادة، "حكم من سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رابط المادة" ، طريق الإسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-22.
وقال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الفتح: 29]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. أخرجه البخاري عن أبي سعيد، ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما. وقال أيضاً: خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. كما في الصحيحين عن عمران بن حصين. إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة المفصحة بمدحهم والثناء عليهم، وتعداد فضائلهم جملة وتفصيلاً. فمن سب قوماً هذه فضائلهم، وهذا ثناء ربهم عليهم، وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم، فلا شك أنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فيجب أن يعرف ذلك، وأن تقام عليه الحجة، فإن تاب ورجع إلى الحق، فالله توابٌ رحيم، وإن تمادى في سبهم ولم يتب ولم ينصع للحق، فهو كافر ضال مضل، نقل ذلك غيرُ واحدٍ من أهل العلم، وهذا فيمن سبهم جملة، وكذلك من سب واحداً منهم تواترت النصوص بفضله، فيطعن فيه بما يقدح في دينه وعدالته، وذلك لما فيه من تكذيب لتلك النصوص المتواترة والإنكار والمخالفة لحكم معلوم من الدين بالضرورة.