ثالثا: مكانته العلمية. ولي العديد من المدارس العلمية في ذلك العصر ، منها: دار الحديث الأشرفية ، والمدرسة الصالحية ، والمدرسة النجيبية ، والمدرسة التنكزية ، والمدرسة النورية الكبرى. رابعا: ثناء العلماء عليه وذكر بعض مصنفاته. قال الحافظ الذهبي رحمه الله في ترجمته: " إسماعيل بن عمر بن كثير: الإمام ، الفقيه ، المحدث الأوحد ، البارع ، عماد الدين البصروي الشافعي ، فقيه متقن ، ومحدث متقن ، ومفسر نقال ، وله تصانيف مفيدة ، يدري الفقه ، ويفهم العربية والأصول ، ويحفظ جملة صالحة من المتون والتفسير والرجال وأحوالهم ، سمع مني ، وله حفظ ومعرفة " انتهى. "معجم المحدثين" (1/56). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القيسي البصروي ، الشيخ عماد الدين. من وسائل الدعوة عند ابن كثير: الاتصال الشخصي. ولد سنة سبعمائة أو بعدها بيسير ، ومات أبوه سنة (703) ، ونشأ هو بدمشق ، وسمع من ابن الشحنة ، وابن الزراد ، وإسحاق الآمدي ، وابن عساكر ، والمزي ، وابن الرضى ، وطائفة. وأجاز له من مصر الدبوسي ، والواني ، والختني ، وغيرهم.
والخلاصة: أنه لا غنى لطالب العلم عن الكتابين ، وأنه عند المفاضلة بينهما: فإن تفسير ابن جرير لم يؤلَّف بعده مثله ، وهو زاد للعلماء وطلبة العلم ، لكنه لا يصلح لعامة الناس لعدم صلاحيتهم هم له ، وتفسير ابن كثير أقرب لأن يوصى به عوام الناس ، وفيه من الفوائد للعلماء وطلبة العلم الشيء الكثير. والله أعلم.
هو المؤرخ الكبير والشهير المكنى بأبي الفداء والشهير بابن كثير نسبة الى جده، واسمه اسماعيل بن عمر بن كثير. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الزخرف - الآية 52. ألف الكتاب التاريخي ( البداية والنهاية) والذي كتب فيه التاريخ منذ فجر الوجود البشري لغاية عصره، واخذ العلماء منه حياة كل نبي وردت في البداية والنهاية وافردوه بمؤلف اسمه( قصص الانبياء) مأخوذا من ابن كثير.. كلن فقيها ايضا ومحدثا ومنشغلا بالتفسير ، وألف تفسيرا معروفا بتفسير ابن كثير للقرآن الكريم. ايضا كتب في سيرة محمد عليه الصلاة والسلام.
الثالثة: تظهر من خلال التعرف على موقفه من آيات الأحكام، إذ نجده ينقل أقوال أهل العلم في مسائل الأحكام، مشفوعة بأدلة كل منهم، ثم يُرجِّح من أقوالهم ما يرى أن الدليل يدعمه، أو أن السياق يؤيده؛ وهو في كل ذلك مقتصد غير مسرف، ومعتدل غير مفرط. ابن كثير والمسائل الفقهية يلاحظ على ابن كثير أنه يدخل في المناقشات الفقهية ويذكر أقوال العلماء وأدلتهم عندما يشرح آية من آيات الأحكام. ومن الأمثلة على ذلك تفسيره قوله تعالى في { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [ 2:185]، فإنه ذكر أربع مسائل تتعلق بالآية، وذكر أقوال العلماء وأدلتهم على ما ذهبوا إليه. ابن كثير - المكتبة الشاملة. وهكذا نجد أنه يدخل في خلافات الفقهاء، ويخوض في أدلتهم ومذاهبهم كلما تكلم عن آية لها تعلق بالأحكام، ولكنه مع هذا مقل مقتصد لا يسرف كما أسرف غيره من المفسرين.
وهو شديد العناية بهذا النوع من التفسير الذي يسمونه ( تفسير القرآن بالقرآن).. وهذا الكتاب أكثر ما عرف من كتب التفسير سرداً للآيات في المعنى الواحد.. ثم بعد أن يفرغ من هذا كله.. يشرع في سرد الأحاديث المرفوعة التي تتعلق بالآية.. ويبين ما يحتج به منها.. ثم يردف هذا بأقوال الصحابة والتابعين ومن يليهم من علماء السلف. ونجد ابن كثير يرجح بعض الأقوال على بعض.. ويضعف بعض الروايات.. ويصحح بعضاً آخر منها.. ويعدل بعض الروايات ويجرح بعضاً آخر.. وهذا يرجع إلى ما كان عليه من المعرفة بفنون الحديث وأحوال الرجال. من هو الحافظ ابن كثير. يمكن حصره منهج ابن كثير في "تفسيره" في ثلاث خطوات: الأولى: اعتماده تفسير القرآن الكريم على المأثور؛ فهو أولاً يفسر الآية بآية أخرى، وهو في هذا شديد العناية، وبارع إلى أقصى غاية في سرد الآيات المتناسبة في المعنى الواحد. ثم بعد ذلك يشرع في سرد الأحاديث المتعلقة بالآية المراد تفسيرها، ويبين ما يُقبل من تلك الأحاديث وما لا يُقبل. ثم يشفع هذا وذاك بذكر أقوال الصحابة والتابعين، ومَن بعدهم من أهل العلم، ويرجِّح ما يراه الأرجح، ويُعْرِض عن كل نقل لم يصح ثبوته، وعن كل رأي لم ينهض به دليل. الثانية: وهو مما امتاز به - أن ينبِّه إلى ما في التفاسير من منكرات المرويات الإسرائيلية؛ فهو مثلاً عند تفسيره لقصة البقرة، وبعد أن يسرد الروايات الواردة في ذلك نجده يقول: "... والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها، ولكن لا تصدق ولا تكذب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا... " وقد حدد موقفه من الروايات الإسرائيلية، فقال: " وإنما أباح الشارع الرواية عنهم، في قوله صلى الله عليه وسلم: (... وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج... ) فيما قد يُجوِّزه العقل، فأما فيما تحيله العقول، ويحكم فيه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه فليس من هذا القبيل".
[1] فمن الأمثلة على ذلك: 1- لقاؤه بالخليفة المعتضد بالله أبي الفتح أبي بكر بن المستكفي بالله وهو نازل بالمدرسة الدماغية داخل باب الفرج، وقراءة ابن كثير عنده جزءًا فيه ما رواه أحمد بن حنبل عن محمد بن إدريس الشافعي في مسنده، يقول ابن كثير: "والمقصود أنه شاب حسن الشكل مليح الكلام، متواضع، جيد الفهم، حلو العبارة، رحم الله سلفه" (البداية والنهاية 18/ 548، 549 في حوادث سنة 753هـ). 2- لقاؤه بنائب السلطنة الأمير علاء الدين أمير علي المارداني، حيث أخبر ابن كثير بملخص خبر تمرد نائب حلب سيف الدين طاز، ثم رجوعه عن ذلك وطلبه للصلح، يقول ابن كثير: "فأخبرني بملخص ما وقع... ومضمون كلامه أن الله لطف بالمسلمين لطفًا عظيمًا؛ إذ لم يقع بينهم قتال" (المرجع السابق 18/ 583 في حوادث سنة 759هـ). 3- اتصاله المتكرر بنائب دمشق الأمير سيف الدين منكلي بغا؛ فقد اتصل به يوم السبت السادس عشر من صفر سنة 767هـ في الميدان الأخضر بناء على طلبه، وقد تحدث معه في المرسوم الشريف من الديار المصرية إلى نائب السلطنة بمسك النصارى من الشام جملة واحدة، وأن يأخذ منهم ربع أموالهم لعمارة ما خرب من الإسكندرية، ولعمارة مراكب لغزو الفرنج، وكذلك اجتمع به مرة أخرى في دار السعادة في أوائل شهر ربيع الأول حيث بشَّره نائب السلطنة أنه قد رسم لعمل الشواني والمراكب لغزو الفرنج (المرجع نفسه 18/ 707).