فإذا أتى بالدليل من كتاب الله ومن سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفهمت ذلك فلك ان تكتفي بهذا أو لك ان تسأل غيره ولئلا يكون الدليل منسوخا أو لم يدل على ما استدل به فإنه يخشى ان يوجد من المفتين من يكون متمذهبا ويفتي بمذهبه فإن لك ان تتثبت لا بأس.
تاريخ النشر: الأحد 22 رجب 1436 هـ - 10-5-2015 م التقييم: رقم الفتوى: 295651 10167 0 131 السؤال أَبُو عُبَيْدَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ أَفْتَى مَسْأَلَةً أَوْ فَسَّرَ رُؤْيَا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ كَمَنْ وَقَعَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَصَادَفَ بِئْرًا لا قَعْرَ لَهُ وَلَوْ أَنَّهُ أَصَابَ الْحَقَّ". ما حكم الحديث؟ ومدى صحته؟ وما كفارة من كان يفسر الأحلام قبل أن يعرف الحديث؟ الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فلم نجد هذا الحديث في كتب الحديث المعتبرة، وإنما نقله بعضهم عن مسند الربيع بن حبيب ، وهو كتاب مطعون فيه لا يؤخذ بما انفرد به، وقد قال العلامة الألباني -رحمه الله- فيه: "مسند الربيع بن حبيب" الذي سماه الإباضية بـ "الجامع الصحيح"! وهو مشحون بالأحاديث المنكرة والباطلة، التي تفرد بها هذا "المسند" دون العشرات، بل المئات، بل الألوف من كتب السنة المطبوعة منها، والمخطوطة، والمشهور مؤلفوها بالعدالة، والثقة، والحفظ، بخلاف الربيع هذا! من افتى بغير علمی. فإنه لا يعرف مطلقًا إلا في بعض كتب الإباضية المتأخرة التي بينها وبين الربيع قرون!
المسائل أما ما يلزم المستفتي السائل عن حكم مسألة، فيلزمه ان يسأل عن حكم الله لا حكم غيره، وان يسأل عن حكم مسألة يجهل حكمها ويحتاج اليه، ولا يسأل من باب الجدل او اظهار العلم او عجز العلم او عجز من يسأل، فكثير من السائلين يسأل عن حكم مسائل يعلم أحكامها او مسائل يعلم بأن الخلاف استقر فيها، ويعلم كل ما ذكره العلماء فيها كتوحيد المطالع لاسيما في بداية الصيام ونهايته ووقوع الطلاق الثلاث بلفظ واحد، وفوائد البنوك وغيره. من افتى بغير علم. محل الفتوى أما ما يلزم ان تكون مسألة محل الفتوى فيجب ان تكون واقعية تحتاج الى بيان لحكمها وليست من الأمور المفترضة كالتي يتحدث عنها بعض الناس في أيامنا ويشغلون بها وتستهلك اوقاتهم. اما الفتوى فيلزم ان تكون موافقة لمراد الشارع في ظن المفتي فتجرده عن هوى نفسه ولا علاقة لها بانتمائه الاجتماعي او غيره. أمر خطير وعما يراه د. المذكور والذي يجب القيام به من قبل الدعاة في بعض الفتاوى التي تثير البلبلة والفتنة، قال: انه من واجب العلماء والدعاة الرجوع الى المجامع الفقهية الرسمية او لجان الفتوى الرسمية فهي المسؤولة عن تحمل وزر الفتوى اذا كانت على خطأ، مشيرا الى ان الخطورة تكمن في بعض من يقوم بالفتوى في أمور الدين من دون علم وهذا أمر خطير وتترتب عليه امور خطيرة، فالمفتي الجاهل كما يطلق عليه في الفقه الاسلامي يجب منعه شرعا حتى لا يؤثر في الناس بضعف رأيه او جهله، وقوله في العلم بما لا يعلم.
وأكَّد مفتي الجمهورية أن ممارسة العلم الشرعي تخصُّص علمي دقيق، وممارسة شأن الإفتاء تخصُّص أدق، وهذا ليس من باب الكهانة في الدين ولا احتكار الفتوى ولا العلم الشرعي، بل من باب التخصصية وإسناد الأمر إلى أهله، والمجال مفتوح لكلِّ مَن تأهَّل وتصدَّر بعلم وتلقَّى العلم على يد المتخصصين من علماء الأزهر الشريف. وبيَّن المفتي أن الكهنوت الحقيقي هو الذي تمارسه الجماعات الإرهابية التي ألزمت أتباعها مبدأ السمع والطاعة المطلقة وعدم مناقشة أمرائهم وقادتهم فيما يصدر عنهم من فتاوى وأحكام في كل أمر صغير وكبير حتى في شأن الدماء والأعراض، هذه هي الكهانة بعينها، والكهانة بعينها هي الفتاوى التي تصدر من غير المؤهلين ومن غير المتخصصين، أما أن يقال للمتخصِّص الذي عاش حياته متفرغًا لدراسة العلوم الشرعية أنه يمارس الكهانة واحتكار التفسير والفتوى فهذا لا يقول به عاقل أبدًا في أي مجال من المجالات. وأختتم مفتي الجمهورية كلمته بقوله: "إن دار الإفتاء المصرية تبذل جهودًا كبيرة من أجل العمل على شيوع الأمن والاستقرار في هذا الوطن العزيز، وهي تتواصل مع الناس بكافة الطرق الممكنة في الليل والنهار، وتمد يديها بالخير إلى كل من يريد الخير والاستقرار لهذا الوطن شأنها شأن جميع المؤسسات الوطنية التي تعمل من أجل سلامة هذا الوطن واستقراره"، داعيًا الله أن تنعم مصر بالاستقرار والأمان وأن تحقق العبور الحضاري الذي يليق بها نحو مصر الحديثة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي حفظه الله ورعاه.
وقال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا). في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: مرفوعا «من أفتى فتيا بغير علم كان اثم ذلك على الذي أفتاه». قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «ما أبردها على الكبد ما أبردها على الكبد فقيل له وما ذاك؟ قال: ان تقول للشيء لا تعلمه: الله أعلم». من افتى بغير على موقع. قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: «يأيها الناس من علم شيئا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم ان يقول لما لا يعلم الله أعلم». وعن عقبة بن مسلم قال: صحبت ابن عمر أربعة وثلاثين شهرا فكثيرا ما كان يُسأل فيقول: «لا أدري» ثم يلتفت الي فيقول: «تدري ما يريد هؤلاء؟ يريدون ان يجعلوا ظهورنا جسرا لهم الى جهنم». وقال الإمام مالك: «ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول: لا أدري، فإنه عسى ان يهيأ له خير». وعن زيد بن حباب قال: رأيت سفيان اذا سئل عن المسائل قال: «لا أدري، حتى يظن من رأى سفيان ولا يعرفه انه لا يحسن من العلم شيئا». وقال القعنبي: دخلت على مالك بن أنس في مرضه الذي مات فيه، فسلمت عليه، ثم جلست، فرأيته يبكي، فقلت له: يا أبا عبدالله، ما الذي يبكيك؟ فقال لي: يا ابن قعنب، ومالي لا أبكي؟ ومن أحق بالبكاء مني؟ والله لوددت اني ضربت بكل مسألة أفتيت فيها بالرأي سوطا، وقد كانت لي السعة فيما قد سُبقت اليه».