وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا (23) قوله تعالى: ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا قوله تعالى: ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله فيه: قال العلماء عاتب الله - تعالى - نبيه - عليه السلام - على قوله للكفار حين سألوه عن الروح والفتية وذي القرنين: غدا أخبركم بجواب أسئلتكم; ولم يستثن في ذلك. فاحتبس الوحي عنه خمسة عشر يوما حتى شق ذلك عليه وأرجف الكفار به ، فنزلت عليه هذه السورة مفرجة. ﴿ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ﴾ ﴿ وقل عسى أن يهديني ربي ﴾ لأقرب من هذا رشدا - YouTube. وأمر في هذه الآية ألا يقول في أمر من الأمور إني أفعل غدا كذا وكذا ، إلا أن يعلق ذلك بمشيئة الله - عز وجل - حتى لا يكون محققا لحكم الخبر; فإنه إذا قال: لأفعلن ذلك ولم يفعل كان كاذبا ، وإذا قال لأفعلن ذلك إن شاء الله خرج عن أن يكون محققا للمخبر عنه. واللام في قوله لشيء بمنزلة في ، أو كأنه قال لأجل شيء.
الثاني: أن هذه الجملة لا تعلق لها بما قبلها، وأن المعنى: إذا وقع منك النسيان لشيء فاذكر ربك، لأن النسيان من الشيطان، كما قال- تعالى- عن فتى موسى: وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ.... وعلى هذا القول يكون المراد بالذكر: التسبيح والاستغفار، وعلى الأول المراد به أن تقول: إن شاء الله أو ما يشبه ذلك. والمقصود من هذه الآية الكريمة بيان أن تعليق الأمور بمشيئة الله- تعالى- هو الذي يجب أن يفعل، لأنه- تعالى- لا يقع شيء إلا بمشيئته فإذا نسى المسلم ثم تذكر، فإنه يقول: إن شاء الله، ليخرج بذلك من عهدة عدم التعليق بالمشيئة، وبذلك يكون قد فوض أمره إلى الله- تعالى-. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الكهف - قوله تعالى ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله - الجزء رقم21. وليس المقصود بها التحلل من يمين قد وقعت، لأن تداركها قد فات بالانفصال، ولأن الاستثناء المتأخر لا أثر له ولا تحل به اليمين. ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله: وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً أى: قدم- أيها الرسول الكريم- مشيئة ربك عند إرادة فعل شيء، وأت بها إذا نسيت ذلك عند التذكر، وقل عسى أن يوفقني ربي ويهديني ويدلني على شيء أقرب في الهداية والإرشاد من هذا الذي قصصته عليكم من أمر أصحاب الكهف.
وقوله: ( واذكر ربك إذا نسيت) اختلف أهل التأويل في معناه ، فقال بعضهم: واستثن في يمينك إذا ذكرت أنك نسيت ذلك في حال اليمين. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن هارون الحربي ، قال: ثنا نعيم بن حماد ، قال: ثنا هشيم ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في الرجل يحلف ، قال له: أن يستثني ولو إلى سنة ، وكان يقول ( واذكر ربك إذا نسيت) في ذلك قيل للأعمش سمعته من مجاهد ، فقال: ثني به ليث بن أبي سليم ، يرى ذهب كسائي هذا. حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، في قوله ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت) الاستثناء ، ثم ذكرت فاستثن. حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال: ثنا المعتمر ، عن أبيه ، في قوله: ( واذكر ربك إذا نسيت) قال: بلغني أن الحسن ، قال: إذا ذكر أنه لم يقل: إن شاء الله ، فليقل: إن شاء الله. "وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا" - جريدة الغد. وقال آخرون: معناه: واذكر ربك إذا عصيت. حدثني نصر بن عبد الرحمن ، قال: ثنا حكام بن سلم ، عن أبي سنان ، عن ثابت ، عن عكرمة ، في قول الله: ( واذكر ربك إذا نسيت) [ ص: 646] قال: اذكر ربك إذا عصيت. حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا حكام ، عن أبي سنان ، عن ثابت ، عن عكرمة ، مثله.
والله الموفق. شرح المفردات و معاني الكلمات: يشاء, الله, اذكر, ربك, نسيت, يهدين, ربي, لأقرب, رشدا, تحميل سورة الكهف mp3: محرك بحث متخصص في القران الكريم Sunday, April 24, 2022 لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب
وأخْرَجَ /سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ كانَ يَرى الِاسْتِثْناءَ ولَوْ بَعْدَ سَنَةٍ. ثُمَّ قَرَأ: ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ إذا نَسِيتَ﴾. قالَ: إذا ذَكَرْتَ. وأخْرَجَ اِبْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في هَذِهِ الآيَةِ قالَ: إذا نَسِيتَ أنْ تَقُولَ لِشَيْءٍ: إنِّي أفْعَلُهُ. فَنَسِيتَ أنْ تَقُولَ: إنْ شاءَ اللَّهُ. فَقُلْ إذا ذَكَرْتَ: إنْ شاءَ اللَّهُ. (p-٥١٧)وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أبِي العالِيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ إذا نَسِيتَ﴾. قالَ: يَسْتَثْنِي إذا ذَكَرَ. وأخْرَجَ اِبْنُ المُنْذِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في رَجُلٍ حَلَفَ ونَسِيَ أنْ يَسْتَثْنِيَ، قالَ: لَهُ ثُنْياهُ إلى شَهْرٍ. ثُمَّ قَرَأ: ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ إذا نَسِيتَ﴾. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ، عَنْ عَطاءٍ، أنَّهُ قالَ: مَن حَلَفَ عَلى يَمِينٍ فَلَهُ الثُّنْيا حَلْبَ ناقَةٍ. قالَ: وكانَ طاوُسٌ يَقُولُ: ما دامَ في مَجْلِسِهِ.
وقال الجمهور: هو دعاء مأمور به دون هذا التخصيص. وقيل: هو قوله إن شاء الله الذي كان نسيه عند يمينه. حكي عن ابن عباس أنه إن نسي الاستثناء ثم ذكر ولو بعد سنة لم يحنث إن كان حالفا. وهو قول مجاهد. وحكى إسماعيل بن إسحاق ذلك عن أبي العالية في قوله - تعالى -: واذكر ربك إذا نسيت قال: يستثني إذا ذكره. الحسن: ما دام في مجلس الذكر. ابن عباس: سنتين; ذكره الغزنوي قال: فيحمل على تدارك التبرك بالاستثناء للتخلص عن الإثم. فأما الاستثناء المفيد حكما فلا يصح إلا متصلا. السدي: أي كل صلاة نسيها إذا ذكرها. وقيل: استثن باسمه لئلا تنسى. وقيل: اذكره متى ما نسيته. وقيل: إذا نسيت شيئا فاذكره يذكركه. وقيل: اذكره إذا نسيت غيره أو نسيت نفسك; فذلك حقيقة الذكر. وهذه الآية مخاطبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهي استفتاح كلام على الأصح ، وليست من الاستثناء في اليمين بشيء ، وهي بعد تعم جميع أمته; لأنه حكم يتردد في الناس لكثرة وقوعه. والله الموفق.
وهذا القرآن العظيم إنما يدعو إلى منهج الرشاد، بهداياته وأحكامه ومواعظه، فها هم الجن عندما استمعوه قالوا: "… إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا" (الجن، الآيتان 1 و2)؛ فهو عجيب بتوجيهاته، فريد بمنهجه، ولا يمكن أن يكون الشرك بأنواعه ومظاهره كلها من الرشد. ونحن مقبلون على الصيام، نتذكر أن الله جعل بين آيات الصيام آية الدعاء، وبينت الآية أنْ لا واسطة بين العبد وربه: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" (البقرة، الآية 186)، فالاستجابة له بأن ندعوه ونثق به ونظهر حاجتنا له، إضافة إلى الإيمان الكامل بأنه قادر على فعل كل شيء سبحانه، فهذا طريق إلى الرشاد. ونتذكر في سورة النساء الحديث عن الأيتام كيف وجهنا ربنا سبحانه أن لا نعطيهم أموالهم إلا إن آنسنا منهم رشدا: "… فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ…" (النساء، الآية 6)، وليس كل بالغ راشد، بل إن الشريعة توجب على السفيه (عكس الراشد) أن يُحجز على ماله، صيانة له.