يرتبط المصريون بذكريات كثيرة مع المقاهى المنتشرة فى شوارع وميادين المحروسة، يستلهمون حكاويهم من جلساتها المتعددة، وتتنوع ثقافتهم باختلاف مرتاديها، لها طابعها المختلف وتاريخها الخاص، فهى شاهدة على أحداث سياسية وثقافية واجتماعية مهمة فى تاريخ البلد، وبخاصة فى التاريخ الحديث، ومنذ انتشارها خلال القرن الثامن عشر، أصبحت جزءًا ومكانًا شبه مألوف لدى المصريون وكأنها بيتهم الثاني. واحدة من أهم العادات الاجتماعية التي امتازت بها مصر منذ قرون هي "المقاهي" مع اختلاف أشكالها، فكانت حاضنة للثقافة الشعبية إلى يومنا هذا، وتحظى طوال أيام السنة بحضور ويتزايد مع شهر رمضان. وكانت المقاهى ترمومتر الحياة السياسية والثقافية داخلها، فعلى موائدها تشكلت الوزرات وقامت الثورات وتبادل الأدباء والظرفاء أشعارهم وأزجالهم، ويوماً بعد يوم مازالت تفوح هذه المقاهي بأسرار التاريخ وتحكى حكايات المشاهير والتى نروى جانب منها على طاولة عدد من مقاهي القاهرة. مقهى القاهرة الخبر نفس الخبر. كانت للمشايخ وطلبة الأزهر مقاهيهم في حي الحسين وأشهرها "قهوة شعبان" وكان من زبائنها المطرب محمد الكحلاوي، بينما كان للمجاذيب والصعاليك وأرباب الطرق الصوفية مقهاهم الخاص، وكان من أشهرهم "على نيابة" الذى تقمصته شخصية ضابط فى جيش محمد على باشا، فكان يرتدى الملابس العسكرية ويضع فوق رأسه طربوشا له زر طويل، ويزين صدره بأنواع شتى من النياشين الفالصو وسدادات زجاجات المرطبات، وكان يكحل عينيه ويمسك سيفا من الصفيح وهو يقدم عروضه العسكرية ونداءاته الحماسية المبهمة.
كما تعد المقاهي منتجاً شعبوياً ممثلاً للبرلمانات غير الرسموية؛ إذ توفر بيئة الجدال والمحاججة لحاملي النظريات وأصحاب الإيديولوجيات وجمهور القناعات الوجدانوية من دون تصنيف. مقهى القاهرة الخبر الدولي” منصة جديدة. "المقاهي" بصفة عامة بيئة غير محكومة بأية قوانين حاجبة للكلام المنسرب بسهولة وزخم مع الرشفات من أكواب الشاي وفناجين القهوة وأراجيل "الْمِعَسِّل"؛ فهناك المتكلم وهناك المستمع؛ وهناك المشاكس المتعصب لقناعاته والمستمع اللين؛ الذي يهز رأسه لتمرير القضايا كي لا يحتد من يناقشه. والمقاهي "مَخْبَز" في ظروف مفصلية محددة لصياغة "أرغفة" خطاب سياسوي "متثورن" أو رافض لأوضاع معينة (ما تسمى أحداث الربيع أنموذجا)؛ لأن النخب داخلها تتحلق أو تتجمع لتتبادل الرأي والمعلومات؛ وتعمم تصوراتها تجاه المتغيرات أو الأحداث؛ بل وأحيانا صياغة الشعارات التي تمثل خطاب الحدث. لذلك تمثل "المقاهي" عنواناً مهماً في ثقافة الآخر الأوروبية والأميركية؛ وقد جرت الكتابة عنها هناك؛ ولكنها شحيحة الحضور في الثقافة العربية؛ على الرغم من أهميتها كمنافذ مهمة لدراسة الواقع وخطاباته؛ وقياس أوزان النخب الفاعلة بها. لذلك قلَّما يعثر القارئ أو المراقب على عناوين تعالج موضوعتها؛ ولكن تستحضر الذاكرة كتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" الذي نقل خلاله رفاعة رافع الطهطاوي مشاهداته حول المقاهي والمثقفين في باريس.
صدور كتاب «مقهى ريش عين على مصر» لـلكاتبة " ميسون صقر " عن دار نشر نهضة مصر وقد قالت الكاتبة والروائية والشاعرة " ميسون صقر " عن هذا الكتاب أنه تعريف بالقاهرة الخديوية، وسرد لتفاصيل التاريخ المعماري والثقافي والسياسي والاجتماعي لتلك الفترة، لذا جاء الفصل الأول سرد عن المعمار في تلك الفترة، والثانى تناول الوثائق، والثالث تناول الأحداث السياسية والثقافية والاجتماعية التى مرت بها مصر". إحالة متهم بسرقة سيارة فى مدينة نصر للمحاكمة العاجلة. وأشارت ميسون صقر إلى أن الكتاب لا يمكن وصفه بالتاريخي، فهو مزيج من فنون الكتابة فيه استنطاق للتاريخ عبر رصد حكايات تصنع سيرة كاملة لمصر. وقد كتب الكاتب " رأفت السويركي " عن هذا الكتاب قبل موعد صدوره بيومين: المقهى حين يكون برلماناً لحوارات المثقفين في انتظار كتاب " مقهى ريش… عين على مصر"!! ————————————— حين طالعت إشارة صحافية بموعد صدور كتاب جديد للمبدعة والشاعرة والتشكيلية "ميسون صقر القاسمي" ابنة الإمارات وعربية الروح ومصرية الوجدان بعنوان " مقهى ريش… عين على مصر" غمرتني سعادة بالغة؛ ولهفة لتلقف هذا العمل الذي أتوقع أن يكون مؤلفاً متميزاً؛ جامعاً بين مهارة كاتبة متميزة؛ ورؤى مبدعة قادرة على التمييز بعين فنانة تشكيل بين العادي والجميل والغرابة والإدهاش؛ وباحثة تدقق في المرجعيات بتاريخها؛ ومنتجها الفكراني وثقافتها وعلمها الذي تتكئ إليه.
قالت الكاتبة الإماراتية ميسون صقر، إن كتاب "مقهى ريش.. عين على مصر"، هدية بسيطة إلى مصر التى كانت ولا تزال تحتضن الجميع وتتسع لهم. جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت ضمن جلسات قاعة ضيف الشرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2022، في دورته الـ53، لمناقشة كتاب "مقهى ريش.. عين على مصر"، الصادر عن دار نهضة مصر للنشر، وأدار الندوة الكاتبة الصحفية نشوى الحوفي، وناقشها الشاعر والناقد شعبان يوسف. مقهى القاهرة الخبر الصحفي. وقالت ميسون صقر، لقد أردت في هذا الكتاب الذى يعتمد على الوثائق، أن أشير وأوضح للقارئ بأنه هنا حدث جزء من تاريخ مصر العظيمة، مصر التى استوعبت ولا تزال تحتضن الجميع، فهذا الكتاب هو مجرد هدية بسيطة إلى مصر. وأوضحت ميسون صقر أن الكتاب يتناول كافة الفترات التى توالت وتعاقبت على مقهى ريش بداية من تأسيسه وحتى اليوم، وكيف اتسع هذا المقهي وكان شبيها بمصر في احتضان كل من يأتى إليها. ورأت ميسون صقر أن المقهى تجاوز فكرة مسماه أو حدوده، وصار أشبه بديوان الأيام المصرية بما شهدتها القاهرة. وأشارت ميسون صقر إلى أن المرأة لم يكن لها ظهورا على مقهى ريش قبل ثورة 1952، لكن بعد ذلك، ظهرت الكثير من الشخصيات، وقصص الحب، وأسماء الشاعرات والأدبيات، فمثلا عبلة الروينى تزوجت أمل دنقل بعد جلوسها على هذا المقهى، ولدينا أم كلثوم التى غنت في مقهى ريش، فالمرأة كان لها حضور كبير وبالتزامن مع الأحداث.