فقال: أبشر يا محمد، فإني بكل مؤمن رفيق، واعلم يا محمد أني لأقبض ابن آدم [ ص: 687] فيصرخ أهله، فأقوم في جانب من الدار، فأقول: والله ما لي من ذنب، وإن لي لعودة وعودة، الحذر الحذر، وما خلق الله من أهل بيت ولا مدر ولا شعر ولا وبر، في بر ولا بحر، إلا وأنا أتصفحهم فيه، في كل يوم وليلة خمس مرات، حتى إني لأعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم، والله يا محمد، إني لا أقدر أن أقبض روح بعوضة حتى يكون الله تبارك وتعالى هو الذي يأمر بقبضه. وأخرج ابن جرير عن قتادة: قل يتوفاكم ملك الموت قال: ملك الموت يتوفاكم، ومعه أعوان من الملائكة. وأخرج ابن جرير عن مجاهد: قل يتوفاكم ملك الموت قال: حويت له الأرض، فجعلت له مثل طست، يتناول منها حيث يشاء.
• وأسنده في آية أخرى إلى نفسه - عز وجل - وهي قوله - تعالى -: ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا... ﴾ [الزمر: 42]. والجواب عن هذا ظاهر، وهو: أن إسناده التوفِّي إلى نفسه - سبحانه - لأن ملك الموت لا يقدر أن يقبض روح أحد إلا بإذنه ومشيئته - تعالى -: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ﴾ [آل عمران: 145]، وأسنده لملك الموت؛ لأنه هو المأمور بقبض الأرواح، وأسنده للملائكة؛ لأن ملك الموت له أعوان من الملائكة تحت رئاسته، يفعلون بأمره وينزعون الروح إلى الحلقوم، فيأخذها ملك الموت، والعلم عند الله تعالى؛ اهـ، بتصرف ( رفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب؛ للشنقيطي ص 236). فصل: قال أبو السعود:|نداء الإيمان. تنبيهات: 1- قال القرطبي - رحمه الله - في " التذكرة " ص66: سُئل الإمام مالك بن أنس عن البراغيث، أملك الموت يقبض أرواحها؟ فأطرق مليًّا، ثم قال: أَلَهَا نفسٌ؟ قال: نعم، قال: ملك الموت يقبض أرواحها ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾ [الزمر: 42]؛ اهـ. 2- قد تكون " توفى بمعنى استكمل أجله، واستوفاه "، وفي قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ﴾ [البقرة: 234] قراءتانِ بالبناء للمعلوم وللمجهول، وأنها على قراءة المبني للمعلوم ( يَتَوَفَّوْن) بمعنى ( استيفاء الأجل)؛ قاله ابن النحاس وغيره.
وذهب آخرون إلى: أن الذي يتولَّى قبض الأرواح هو ملك الموت نفسه، فقال ابن كثير في " تفسيره " (3/457): "والظاهر من هذه الآية، أن ملك الموت شخص معيَّن من الملائكة، وأن له أعوانًا كما هو المتبادر من حديث البراء بن عازب". فهو يدل على أن ملك الموت: هو الذي يلي قبض الأرواح، وينزل معه ملائكة آخرون، وورد عن قتادة أنه قال: تلي قبضها الرسل، ثم تدفعها إليه، وورد عن ابن عباس وإبراهيم النخعي: أن ملك الموت هو الذي يلي قبض الأنفس، وقد ردَّ العلامة الشنقيطي على إشكال، وفيه: أنه جاء في بعض آيات القرآن أن الذي يتوفَّى الأنفس هو رب العالمين، وجاءت آياتٌ أخرى تبيِّن أنه ملك الموت، وأخرى تقول: إنها الملائكة، فكيف نجمع بين هذه الآيات؟ • ففي قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ... ﴾ [السجدة: 11]، أسند الله تعالى في هذه الآية الكريمة التوفِّي إلى ملك واحد. جريدة الرياض | الوفاة الدماغية... فقدان دائم لكامل وظائف الدماغ يعقبها فشل تدريجي لأعضاء الجسم!!. • وأسنده في آيات أُخَر إلى جماعة من الملائكة؛ كقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ [النساء:97]، وقوله: ﴿ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ﴾، قال ابن عباس: أعوان ملك الموت، وقوله: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ ﴾ [الأنفال:50]، وقوله: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ ﴾ [الأنعام: 93].
قال الفخر: هاهنا بحثان: البحث الأول: أنه تعالى قال: {الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا} [الزمر: 42] وقال: {الذى خَلَقَ الموت والحياة} [الملك: 2] فهذا النصان يدلان على أن توفي الأرواح ليس إلا من الله تعالى. ثم قال: {قُلْ يتوفاكم مَّلَكُ الموت} [السجدة: 11] وهذا يقتضي أن الوفاة لا تحصل إلا من ملك الموت. ثم قال في هذه الآية: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} فهذه النصوص الثلاثة كالمتناقضة. والجواب: أن التوفي في الحقيقة يحصل بقدرة الله تعالى، وهو في عالم الظاهر مفوض إلى ملك الموت، وهو الرئيس المطلق في هذا الباب، وله أعوان وخدم وأنصار، فحسنت إضافة التوفي إلى هذه الثلاثة بحسب الاعتبارات الثلاثة والله أعلم. البحث الثاني: من الناس من قال: هؤلاء الرسل الذين بهم تحصل الوفاة، وهم أعيان أولئك الحفظة فهم في مدة الحياة يحفظونهم من أمر الله، وعند مجيء الموت يتوفونهم، والأكثرون أن الذين يتولون الحفظ غير الذين يتولون أمر الوفاة، ولا دلالة في لفظ الآية تدل على الفرق، إلا أن الذي مال إليه الأكثرون هو القول الثاني، وأيضًا فقد ثبت بالمقاييس العقلية أن الملائكة الذين هم معادن الرحمة والخير والراحة مغايرون للذين هم أصول الحزن والغم فطائفة من الملائكة هم المسمون بالروحانيين لإفادتهم الروح والراحة والريحان، وبعضهم يسمون بالكروبيين لكونهم مبادئ الكرب والغم والأحزان.
والعِلمُ عِندَ اللَّهِ تعالى) [1425] يُنظر: ((أضواء البيان)) (2/373).. وقال أيضًا: (قَولُه تعالى: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ الآيةُ. أسنَدَ في هَذِه الآيةِ الكِريمةِ التَّوفِّيَ إلَى مَلَكٍ واحِدٍ وأسنَدَه في آياتٍ أُخَرَ إلَى جَمَاعةِ المَلائِكةِ، كَقَولِه: إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكةُ الآيةَ، وقَولِه: وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ الآيةُ، وأسنَدَه في آيةٍ أُخرَى إلَى نَفسِه جَلَّ وعلا، وهو قَولُه تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا الآيةُ. والجَوابُ عَن هَذا ظاهِرٌ، وهو أنَّ إسنادَه التَّوفِّيَ إلَى نَفسِه؛ لِأنَّ مَلَكَ المَوتِ لا يَقْدِرُ أن يَقبِضَ رُوحَ أحَدٍ إلَّا بإذنِه ومَشيئَتِه تعالى: وَمَا كَانَ لِنَفْسِ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ، وأسنَدَه لِمَلَكِ المَوتِ؛ لِأنَّه هو المأمورُ بقَبضِ الأرواحِ، وأسنَدَه لِلمَلائِكةِ؛ لِأنَّ مَلَكَ المَوتِ لَه أعوانٌ مِنَ المَلائِكةِ تَحتَ رِئاسَتِه، يَفعَلونَ بأمْرِه ويَنزِعونَ الرُّوحَ إلَى الحُلقومِ، فيأخُذُها مَلَكُ المَوتِ.
وكذلك ترددت كلمة (يدبر) في السورة كثيراً فكيف نشكك بقضاء الله وقدره (وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ) آية 53 و (أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) آية 55 وكل هذه الآيات تؤكد أن الله حق وأن إدارة هذا الكون حق، وعرّفت الآيات بصفات الإله الحق بذكر آثار قدرته ورحمته الدالة على التدبير الحكيم وأن ما في هذا الكون المنظور هو من آثار القدرة الباهرة التي هي أوضح البراهين على عظمة الله وجلاله وسلطانه.
سورة يونس من السور المكية التي تعنى بأصول العقيدة الإسلامية، الإيمان بالله تعالى وبالكتب والرسل والبعث والجزاء وبخاصة الإيمان بالقضاء والقدر. فالكثير من الناس مشككين في هذا الأمر ويحتارون ويجادلون في القضاء والقدر وهل الإنسان مسيّر أم مخيّر ويشككون في عدل الله تعالى وحكمته ويسألون أسئلة مشككة فيقولون مثلاً لو هداني الله لاهتديت أو أن الله يعلم المؤمنين من الكافرين في علمه الأزلي فلن يفيد المرء ما يعمل إن كان الله تعالى قد كتبه في النار وهذا كله من ضعف الإيمان ومن التشكيك بأن الله تعالى هو الحكيم العدل وأنه ليس بظلاّم للعبيد. ص270 - كتاب التفسير الوسيط لطنطاوي - تعريف بسورة الحج - المكتبة الشاملة. تأتي هذه السورة بآياتها ومعانيها لتثبت حقيقة الأيمان بوحدانية الله جلّ وعلا والإيمان بالقضاء والقدر تارة عن طريق قصص الأنبياء وتارة عن طريق تذكير الله تعالى للناس بقدرته وحكمته وعدله في الكون. وفي حديث للنبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل سأله أخبرني عن الإيمان فقال: الإيمان أم تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره. والذي يحدد ما إذا كنا مؤمنين بالقضاء والقدر سؤال واحد نطرحه على أنفسنا: هل الله تعالى عادل حكيم أم ظالم والعياذ بالله وإجابتنا هي التي تحدد موقفنا.
(و) يمتاز أسلوب السورة- في مجموعه- بالقوة والعنف، والشدة والرهبة، والإنذار والتحذير، وغرس التقوى في القلوب بأسلوب تخشع له النفوس.. نرى ذلك في كثير من آياتها، ومن ذلك، قوله- تعالى-: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا
تعريف سورة يونس - YouTube