قال أبو أمامة: قلنا يا أمير المؤمنين! الا تأتي بخياط فيكف هدبه؟ قال: لا. قال أبو أمامة فلقد رأيت عمر رضوان الله عليه، بعد ذلك و إن هدب ذلك القميص لمنتشر على أصابعه ما يكفه. كُم القميص عن عبد الله بن عمر رضوان الله عليهما، قال: لبس عمر قميصا جديدا، ثم دعاني بشفرة، فقال: مد يا بني كم قميصي، و الصق يديك بأطراف أصابعي، ثم اقطع ما فضل عنها. أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه - الطائرة. قال: فقطعت الكمين من حاشية جمعها، فصار فم الكم بعضه فوق بعض، فقلت: يا أبت لو سويته بالمقص. قال: دعه يا بني! هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل. فما زال عليه حتى تقطع، و كان ربما رأيت الخيوط تساقط على قدميه.
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، ينحني التاريخ لإرادة الإنسان عندما يُمارس بإيمان وثبات، وكان عمر- رضي الله عنه- أحد هؤلاء الرجال، لقد عازم التاريخ على إرادته، تاركًا إرثًا اعتبرته الأجيال اللاحقة نموذجًا يحتذى به. أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله، المولود بعد عام الفيل بثلاثة عشر سنة (584 م) في قبيلة بني عدي، وهي من أبناء عموم قريش. عرف بأبي حفص ولقب بالفاروق، لأنه أظهر إسلامه جهارًا في مكة، وميز الله بواسطته بين الكفر والإيمان. والده هو الخطاب بن نفيل، وجده نفيل ممن كانت قريش تحيلهم للحكم، أما والدته فهي حنتمة بنت هاشم بن المغيرة. شاهد أيضا: خلافة عمر بن الخطاب إسلام عمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، عندما أعلن النبي- صلى الله عليه وسلم- رسالته عن الإسلام لأول مرة، قرر عمر الدفاع عن دين قريش التقليدي، وعبادتهم للأصنام. كان عمر أشد إصرارًا على معارضة النبي- صلى الله عليه وسلم-، كما كان بارزًا للغاية في اضطهاد المسلمين. عزم عمر على قتل النبي- صلى الله عليه وسلم-. الخص قصة امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع رسول كسر باسلوبي - موقع ارشاد. وخلال طريقه من أجل القيام بفعل ذلك، لاقى رجلاً من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فقال له: إلى أين أنت ذاهب يا عمر؟ فرد عمر: ذاهب لكي أقتل محمد، فقال له الصحابي: قبل أن تقتل محمد، فابدأ بآل بيتك أولاً.
قال ابن قدامة: المؤلفة قلوبهم ضربان: كفار ومسلمون ، وهم جميعا السادة المطاعون في قومهم وعشائرهم ، ثم ذكر المسلمين منهم فجعلهم أربعة أضرب: 1 ـ سادة مطاعون في قومهم أسلموا ونيتهم ضعيفة فيعطون تثبيتا لهم ، 2 ـ قوم لهم شرف ورياسة أسلموا ويعطون لترغيب نظرائهم من الكفار ليسلموا ، 3 ـ صنف يراد بتأليفهم أن يجاهدوا من يليهم من الكفار ويحموا من يليهم من المسلمين ، 4 ـ صنف يراد بإعطائهم من الزكاة أن يجبوا الزكاة ممن لا يعطيها ، ثم ذكر ابن قدامة الكفار فجعلهم ضربين: 1 ـ من يرجى إسلامه فيعطى لتميل نفسه إلى الإسلام ، 2 ـ من يخشى شره ويرجى بعطيته كف شره وكف غيره معه. أهــ. وأما حكم المرتد فإن عمر كان يرى أنه يستتاب ثلاثة أيام فإن لم يتب قتل، فقد أخرج الإمام مالك في الموطأ: أن رجلا قدم على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قبل أبي موسى الأشعري فسأله عن الناس ؟ فأخبره أن رجلا كفر بعد إسلامه قال ما فعلتم به ؟ قال: قربناه فضربنا عنقه ، قال عمر: أفلا حبستموه ثلاثا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله تعالى ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر ولم آمر ولم أرض إذ بلغني ، كما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ، وقد نقل البيهقي في السنن عمل عثمان وعلي في خلافتهما باستتابة المرتد ثلاثا وقتله بعد ذلك إن لم يتب.
فضائل عمر بن الخطاب ومناقبه كان لعمر مواقفٌ شديدةٌ ضدَّ أعداء الإسلام، وقد قال نبي الله صلى الله عليه وسلم عنه: (إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ) [٥] ، نذكر منها [١]: اقتراحه قتل أسرى معركة بدر لكي لا يرجعوا لمناوأة المسلمين، بالرغم من اتفاق جماعة من المسلمين قبول الفداء، ثم نزل الوحي مؤيدًا رأي الفاروق في أمر الأسرى، فقرب ذلك عمر رضي الله عنه من النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وزاد مكانته عنده. رفض عمر بن الخطاب صلح الحديبية مع قريش، لأنّه ظنّ أنّ بعض بنوده مهينة للمسلمين، فذهب يُناقش النبيَّ في ذلك. موقفه رضي الله عنه من عبد الله بن أُبَيِّ زعيم المنافقين، ومن نساء الرسول، ومن حكم الخمر، وهي تكشف عن شخصيَّته التي كانت تزداد قوةً ووضوحًا على مرِّ الزمن. بروزه رضي الله عنه في السياسة، لذلك كان الرسول يدعوه وزيره، وعندما يُشاور الصحابه يميز رأي عمر رضي الله عنه عن الرأي الذي يُبديه أبو بكرٍ رضي الله عنه، كما أنّ مخالفة الرسول لرأيه في بعض الأمور لم تُقلل يومًا من مكانة عمر رضي الله عنه، أو من احترامه؛ لأنه كان صادقًا ومخلصًا في كلِّ ما يراه، ويُشير به.