تفسير الآية الرابعة في سورة النور مقالات قد تعجبك: ونستكمل لكم تفسير سورة النور مكتوبة بالكامل حيث تقول الآية الرابعة والخامسة (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبدًا وأولئك هم الفاسقون (4) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنَ الله غفور رَحِيمٌ (5). والمعنى هنا بعد أن نفر الله سبحانه وتعالى من نكاح الزانيات وإنكاح الزانين. ووضح أن ذلك عمل لا يليق بالمؤمنين الذين ارتوت قلوبهم بحب الإيمان والتصديق برسله. فنهى هنا عن رمي المحصنات به، وشدد بعقوبته الدنيوية وكذلك الأخروية. تفسير سورة النور من ايه 41 الى 46. وجعل عقوبته في الدنيا بالجلد وألا تقبل له شهادة مطلقًا. ويكون ساقط الاعتبار ولا يحترمه الناس، ولا يقبل منه قول، ولا يسمع له كلمة، وعقوبته بالآخرة العذاب الموجع المؤلم. إلا إذا تاب لله وأناب وأصلح أعماله، فإنه حينذاك يزول عنه اسم الفسوق وكذاك تقبل شهادته.
• الآية 6، والآية 7، والآية 8، والآية 9: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾ أي يَتّهمون زوجاتهم بالزنى ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ ﴾ يَشهدون على صحة هذا الاتهام ﴿ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ ﴾ ﴿ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ أي: فعَلَى الواحد منهم أن يَشهد أمام القاضي أربع مرات بقوله: (أشهدُ باللهِ أني صادقٌ فيما رَمَيتُها به من الزنى)، ﴿ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ يعني: ويَزيد في الشهادة الخامسة: (الدعاء على نفسه باستحقاقه للعنة الله - أي طَرْدِهِ مِن رحمته - إن كان كاذبًا في قوله). ♦ وبهذه الشهادة تَجِب عقوبة الزنا على الزوجة، ﴿ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ ﴾ يعني: ولكنْ يَدفع عنها هذه العقوبة ﴿ أَنْ تَشْهَدَ ﴾ - في مُقابل شهادته - ﴿ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ في اتِّهامه لها بالزنى، ﴿ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ يعني: وتزيد في الشهادة الخامسة (الدعاء على نفسها باستحقاقها لغضب اللهِ إن كان زوجها صادقًا فى اتهامه لها)، فإذا شهد الزوج والزوجة بهذه الشهادة: فإنّ القاضي يُفَرِّق بينهما بالطلاق الذي لا رجعة فيه.
وقوله: ( وأن يستعففن خير لهن) أي: وترك وضعهن لثيابهن - وإن كان جائزا - خير وأفضل لهن ، والله سميع عليم.
قال: قلتُ: بعدَما أُنزِلَت سورةُ «النُّورِ» أمْ قبْلَها؟ قال: لا أدري)) [5] أخرجه مسلم (1702).. بيان المكي والمدني: سورةُ النُّورِ مَدَنيَّةٌ [6] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/136)، ((الوسيط)) للواحدي (3/302)، ((تفسير الزمخشري)) (3/208). ، ونقلَ الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ مِن المفَسِّرينَ [7] ممَّن نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ الجوزي، والقرطبيُّ، وأبو حيان، والفيروزابادي، والبِقَاعيُّ. يُنظر: ((تفسير ابن الجوزي)) (3/275)، ((تفسير القرطبي)) (12/158)، ((تفسير أبي حيان)) (8/5)، ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/334)، ((مصاعد النظر)) للبقاعي (2/309).. مقاصد السورة: من أهمِّ مقاصدِ هذه السورةِ: ذِكرُ أحكامِ العفافِ والسترِ [8] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (12/158).. موضوعات السورة: مِن أبرزِ الموضوعاتِ الَّتي تناولَتْها سورةُ النُّورِ: 1- تقريرُ وُجوبِ الانقيادِ لِما أُنزِلَ في هذه السورةِ مِن أحكامٍ وآدابٍ. 2- بيانُ حَدِّ الزِّنا. 3- بيانُ عُقوبةِ قاذِفِي المُحصَناتِ. تفسير سورة النور كاملة. 4- حُكمُ قَذفِ الزَّوجاتِ، وتَشريعُ اللِّعانِ. 5- ذِكرُ قِصَّةِ الإفكِ. 6- ذِكرُ آدابِ الاستِئذانِ، ووجوبِ غَضِّ البَصَرِ وحِفظِ الفُروجِ.
سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره: ( سُورَةٌ أَنـزلْنَاهَا) وهذه السورة أنـزلناها. وإنما قلنا معنى ذلك كذلك؛ لأن العرب لا تكاد تبتدئ بالنكرات قبل أخبارها إذا لم تكن جوابا، لأنها توصل كما يوصل الذي، ثم يخبر عنها بخبر سوى الصلة، فيستقبح الابتداء بها قبل الخبر إذا لم تكن موصولة، إذ كان يصير خبرها إذا ابتدئ بها كالصلة لها، ويصير السامع خبرها كالمتوقع خبرها، بعد إذ كان الخبر عنها بعدها، كالصلة لها، وإذا ابتدئ بالخبر عنها قبلها، لم يدخل الشك على سامع الكلام في مراد المتكلم. وقد بيَّنا فيما مضى قبل، أن السورة وصف لما ارتفع بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. تفسير سورة النور للناشئين (الآيات 35 - 43). وأما قوله: ( وَفَرَضْنَاهَا) فإن القرّاء اختلفت في قراءته، فقرأه بعض قرّاء الحجاز والبصرة: " وفَرَضْناهَا " ويتأولونه: وفصَّلناها ونـزلنا فيها فرائض مختلفة. وكذلك كان مجاهد يقرؤه ويتأوّله. حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا ابن مهدي، عن عبد الوارث بن سعيد، عن حميد، عن مجاهد، أنه كان يقرؤها: " وَفَرَّضْناهَا " يعني بالتشديد.