ولما أرادوا قتل أمير المؤمنين عليهالسلام وأمروا خالد بن الوليد بتنفيذ ذلك في الصلاة بعثت جاريتها إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وقالت له: (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) (8). فقال أمير المؤمنين للجارية: قولي لها: «إنّ الله يحول بينهم وبين ما يريدون». أو أنّه قال: «فمن يقتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، وإنّ الله بالغ أمره»؟! فهدأ روعها وسكن قلبها وسلّمت لما قاله أمير المؤمنين عليهالسلام ، وبالفعل فقد ندم أبو بكر ـ وهو في الصلاة ـ على ما اتفق عليه مع خالد ، وخاف من سيوف بني هاشم المسلولة ونفوسهم الأبية ، وحال الله بينه وبين ما يريد ، فقال قبل تسليم الصلاة: «أي خالد لا تفعل ما أمرتك» ثم سلم... إلى آخر الخبر (9). أسماء عند أمير المؤمنين عليهالسلام: فلمّا توفي أبو بكر انتقلت أسماء بكامل الخلوص والوفاء والصفاء الى حجرة سيد الأولياء ، وسعدت بشرف الدخول في عداد زوجات سيد الأوصياء أمير المؤمنين عليهالسلام ، فأولدها يحيى وعون (10). ويكفي أسماء بنت عميس من الفضل أمور: منها: أنّ النبي شهد لها بأنها من أهل الجنة. منها: أدعية النبي صلىاللهعليهوآله لها ولذريتها.
الصفحة الرئیسیة المقالات 327 نفر 0 أسماء بنت عميس بن سعد بن الحارث بن تميم بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن معاوية بن زيد بن مالك بن نسر بن وهب الخثعمي ، ولذا عرفت أسماء بالخثعمية. وأمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث من كنانة. وقد تزوجت هند مرتين: الأول: هو الحارث بن حزن بن جبير الهلالي. والثاني: عميس بن سعد. وولدت منهما بنات كريمات زوجتهن من رجال كرام ، وقال فيها رسول الله صلىاللهعليهوآله: هي أكرم عجوز جمعت على الأرض أصهاراً. فبناتها: ميمونة زوجة رسول الله صلىاللهعليهوآله. وأم الفضل زوجة العباس. وأسماء بنت عميس التي سنتحدث عنها. وسلمى زوجة حمزة سيد الشهداء. وسلمة زوجة عبد الله بن كعب الخثعمي.
وكانت فرحة النبي صلى الله عليه وسلم بلقاء جعفر وأهله كبيرة وقبّله بين عينيه. ويروى أن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يزور ابنته أم المؤمنين حفصة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أسماء بنت عميس عندها عقب عودتها من الهجرة، فقال لها على سبيل الدعابة: يا حبشية لقد سبقناكم بالهجرة.. فغضبت وقالت: لقد صدقت، كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم ويعلم جاهلكم، وكنا البعداء الطرداء.. أما والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأذكرن له ذلك. وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن رجالاً يفخرون علينا ويزعمون أنا لسنا من المهاجرين الأولين. فقال صلى الله عليه وسلم: "بل لكم هجرتان هاجرتم إلى النجاشي وهاجرتم إلى المدينة". وفي رواية أخرى قال لها: "ليس بأحسن بي منكم وله أي عمر ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة أو أصحاب السفينة هجرتان". لم تدم فرحة جعفر وزوجه أسماء بالعودة والاستقرار بالقرب من رسول الله طويلاً، فقد استشهد جعفر في غزوة مؤتة، كما استشهد في الغزوة زيد بن ثابت وعبدالله بن رواحة. بكى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد تلقيه خبر استشهاد القادة الثلاثة، وأصابه حزن شديد، وقال: "استنفروا لأخيكم جعفر فإنه شهيد، فقد دخل الجنة وهو يطير فيها بجناحين من ياقوت مع الملائكة"، ثم أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجته أسماء لتبعث إليه بأبناء جعفر فأتي بهم فقال: "اللهم إن جعفراً قد قدم إليك إلى أحسن الثواب فاخلفه في ذريته بخير ما خلفت عبداً من عبادك الصالحين".