ومع تطور الحياة السياسية والمجتمعية في الغرب، بدأ ينظر إلى التسامح على حد تعبير (سمير الخليل) باعتباره العمود الفقري لليبرالية بوصف هذه الأخيرة فلسفة عامة للجماعة البشرية، كما بوصفها شعوراً يحس تجاه الجماعات الأخرى. في الغرب اليوم ينظر إلى التسامح على أنه سياسي وعرقي وإثني وقومي واجتماعي وجنسي. وهو يتخذ بصورة عامة شكل تحمل متنام، يشمل حيزاً متزايد الفساحة للفروقات بين الكائنات البشرية. وبالتالي فإن التسامح وفق التجربة الغربية والفكر الغربي المعاصر، هي الاجابة المطلوبة الغربية آنذاك.. فالاختلافات قادت في فترة من الفترات إلى التعصب والانكفاء والعزلة، ودفع المجتمع الغربي ثمن ذلك.. وفي إطار البحث عن حلول فلسفية ومعرفية ومجتمعية للاختلافات التي كانت تعصف بالمجتمعات الغربية، ثم نحت وبلورة مفهوم التسامح كإجابة بديلة للاختلافات العقدية والسياسية.. فالاختلافات تقتضي التسامح وهو مسؤولية حضارية وواحد من حقوق الإنسان. تفسير قوله تعالى ولا تستوي الحسنة ولا السيئة... - إسلام ويب - مركز الفتوى. فحينما تسود الكراهية لأسباب وعوامل دينية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، يكون التسامح. هو الحل الذي تبرزه التجربة الغربية للتعامل مع دوافع الكراهية.. وعلى ضوء ذلك تكون قيمة التسامح، هي لمعالجة مشاكل الاختلافات الإنسانية، التي قد تقود إلى شيوع ظاهرة الكراهية والعنف، وبالتالي فإن التسامح فضيلة أخلاقية، وضرورة سياسية ومجتمعية، وسبيل لضبط الاختلافات وادارتها.
لعل أهم درس نستخلصه مع دخول العشر الأواخر من رمضان هو ما كان من النبى «صلى الله عليه وسلم» فى فتح مكة مع من آذوه وأخرجوه وحاولوا قتله، فلم يقابل إساءتهم بمثلها، بل عفا وأصلح، وقال قولته المشهورة: «ما ترون أنى فاعلٌ بكم؟ قالوا: خيرًا، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ، فقال «صلى الله عليه وسلم» مقولته الأكثر شهرة التى جرت مجرى المثل: «اذهبوا فأنتم الطلقاءُ». وقد دخل نبينا «صلى الله عليه وسلم» مكة مطأطئًا رأسه تواضعًا لله «عز وجل»، ولما سمع قائلا يقول: اليوم يوم الملحمة قال «صلى الله عليه وسلم»: «اليوم يوم المرحمة، اليوم يعظم الله الكعبة « وكان «صلى الله عليه وسلم» قد نهى قادة الجيش ألا يبدأوا أهل مكة بقتال، إن لم يبدأهم أهل مكة به، وأن يتجنبوا القتال ما وسعهم ذلك. لقد تعامل «صلى الله عليه وسلم» مع أهل مكة وغيرهم من منطلق قوله تعالى: «وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»، وقوله سبحانه: «وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ»»فصلت: 34».
والأحاديث بهذا المعنى كثيرة ومفيدة جدا، وقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق".