وقد ذكرت تلك المصادر الأثرية كونها قبائل قوية فقد كانوا عرباً أشداء دخل قسم كبير منهم في جيوش ملوك "حمير". وذكر اسم مذحج في نقوش العصور القديمة السابقة لعصر ما قبل الميلاد وارتبط اسم الفرع المذحجي البدوي ب كندة التي كانت تمثل السلالة الملكية الصحراوية، بينما مذحج تمثل المقاتلين. ولعل من أهم الصفات التي عرفت بها هذه القبيلة كثرة العدد والانتشار، كما انه لم يكن فيهم رغبة للملك ولا الرئاسة، فقد غلب عليهم الوضع القبلي فشكلوا بذلك اغلب الجيوش الحميرية في إخضاع قبائل مضر وربيعة، وكان لهذه القبيلة تاريخ حافلا بعدم الاستقرار مع مملكة سبأ بخلاف علاقتها مع حمير، إضافة إلى كثرة قتلاها وتضحياتها دفاعا عن معتقداتها الدينية. من اكثر اهل الجنة بدون. فواقعة أصحاب الأخدود شاهد على ذلك إضافة إلى دورها أثناء الفتوح الإسلامية شرقا وغربا. في الختام فإن ما سبق، يمثل عرضا مختصرا لدراسة الحديث النبوي "وأكثر القبائل في الجنة مذحج"، ولا يغني أبدا عن مطالعة البحث كاملا لأن فيه المزيد من الحقائق المهمة التي لم يسعها هذا العرض والتي تثبت دور هذه القبيلة سياسيا واجتماعيا ودينيا على مختلف العصور. غلاف دراسة حديث أكثر القبائل في الجنة مذحج (نشون نيوز) نسخة الكترونية من الكتاب الرابط التالي: دراسة الحديث النبوي عن مذحج عناوين ذات صلة: tagged with الحديث النبوي, اليمن, جامعة الملك سعود, لمياء الكندي, محمد اليمني, مذحج
هل اهل الجنة أكثر أم أهل النار؟ - YouTube
و إلى مذحج بن ادد تنتسب قبائل المعافر، وخولان، وكندة، وهي قبائل يمانية جنوبية، في حين أن قبائل طي بن ادد من قبائل اليمن الشمالية وقيل إنهم من أبناء طيء بن مذحج. ومن نبت بن "أشعر" بن ادد، ظهر الأشعريون من قبائل اليمن الجنوبية وقد تنسب هذه القبائل إلى مذحج من قبل نسبة الرجل إلى عمه، وهذا ما كتبه النسابون في فروعها وأقرب القبائل لها. وبهذا يظهر أن مذحج قبيلة كبيرة تحولت إلى شعب كبير كانت في الجاهلية ساكنة في اليمن وأجزاء من عمان وجنوب نجد، ثم خرجت مع الفتوح الإسلامية إلى خارج الجزيرة العربية فأصبحت القبائل المذحجية من أكبر القبائل في الهلال الخصيب (الشام، والعراق)، وانتقلت بعض قبائلها إلى شمال وشرق أفريقيا، ومنهم من استوطن جنوب وجنوب شرق آسيا بل ووصل الأحواز وبلاد فارس، وخراسان. ويرجع اليمني اختفاء اسم هذه القبيلة "مذحج" في العصر الحديث إلى كثرة تفرع هذه القبيلة وانتشارها فقد أصبحت كبيرة بالقدر الذي لم تعد تنتسب لها. ومن أسباب اختفاء الاسم أيضا، أن قبائل مذحج تحركت خارج بلادها الأولى قبل الفتح الاسلامي، وبعده دخلت في تحالفات عديدة وكونت قبائل بأسماء أخرى وانتماءات كثيرة. ص458 - كتاب فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب - بعض صور زهده رضي الله عنه - المكتبة الشاملة. وتأكيدا لعراقة هذه القبيلة "مذحج" فقد استعرضت الدراسة بعض النقوش الأثرية التي جاء فيها ذكر هذه القبيلة، وحجمها، وأثرها على الواقع السياسي في الجزيرة العربية والتي أشير إليها في كتابات النقوش ب"كدت ومذحجم" أي كندة ومذحج.
وقد أضفت بعض القيود إلى هذه الشروط، في كتبي الثلاثة المذكورة يحسن بالخطباء والدعاة أن يرجعوا إليها. أما الحديث المذكور "أكثر أهل الجنة البُلْه" فقد ذكره الإمام الغزالي في "الإحياء" مستشهدًا به في أكثر من موضع، والغزالي وإن كان بحرًا زاخرًا، وإمامًا يشار إليه بالبنان في العلوم، مثل فقه الشافعي، وأصول الفقه والفلسفة، وعلم الكلام والتصوف. ولكنه كما قال عن نفسه -رضي اللّه عنه- منصفًا: إن بضاعته مزجاة في علوم الحديث، وكان هو طابع المدرسة الفكرية التي نشأ فيها، ولذا تضمن كتابه بل موسوعته "إحياء علوم الدين" كثيرًا من الأحاديث الواهية والمنكرة، بل الموضوعة، والتي لا أصل لها. وقد قال الحافظ زين الدين العراقي الذي خدم " الإحياء " بتخريج أحاديثه، قال في تخريج حديث " أكثر أهل الجنة البله". من اكثر اهل الجنة مباشر. ومن حق الأخ السائل أن يتوقف في قبول هذا الحديث من ناحية معناه، فهو يتعارض مع ما دعا إليه الإسلام في كتابه وسننه، من التنويه بالعقل والذكاء والفكر والعلم، والإشادة بأولي الألباب وأولي النهى، والذين يعقلون ويعلمون ويتفكرون، وقد تكرر ذكر "أولي الألباب" في القرآن ست عشرة مرة. إن القرآن الكريم وصف أهل الجنة في أكثر من موضع بأنهم من "أولي الألباب" أي أصحاب العقول والذكاء، كما قال تعالى: (إن في خَلْق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب.
الذين يذكرون اللّه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فَقنا عذاب النار... ) إلى أن قال في شأن هؤلاء: (لأكَفِّـرَنّ عنهم سيئاتهم ولأُدْخِلَنَّهُم جَنّات تَجْرِي من تحتها الأنهار... ) (آل عمران: 190 – 195). وفي سورة أخرى: (أفَمَنْ يعلم أنما أُنْزل إليك من ربك الحق كَمَنْ هو أعمى إنما يَتَذَكَّرُ أولو الألباب. ص64 - كتاب الزهد لهناد بن السري - باب صفة أهل الجنة - المكتبة الشاملة. الذين يُوفُون بِعَهْدِ اللّه ولا يَنقُـضُــون الميثاق). وبعد سرد جملة أوصاف وفضائل لهؤلاء الناس " أولو الألباب " يقول في جزائهم: (أولئك لهم عُقْبَى الدار. جنات عَدْن يدخلونها ومن صَلَح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم.... ) (الرعد: 19 – 23). وفي سورة أخرى ذكر القرآن الخاسرين يوم القيامة من أهل الكفر وما فوقهم وما تحتهم من ظلل من النار، ثم ذكر في مقابلهم أهل الجنة، فقال: (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البُشْرى فَبَشِّرْ عباد. الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنهُ أولئك الذين هداهمُ الله وأولئك هم أولو الألباب) (الزمر: 17، 18). وإذا كان أهل الجنة عمومًا هم "أولي الألباب" فإن أهل النار، كما صورهم القرآن هم أهل الغباء والجهل والغفلة، وليس كما يوحي به مفهوم ذلك الحديث.
وقد قال العلامة المناوي في شرح الحديث: (البُلْه الذين خلوا من الدهاء والمكر وغلبت عليهم سلامة الصدر، وهم عقلاء، أو البليد في أمور الدنيا دون الآخرة) (التيسير في شرح الجامع الصغير للمناوي 1/ 199). ولكن هذا التأويل إنما يقبل لو صح الحديث، أما وهو غير صحيح ولا حسن، فلا معنى لتأويله. وقد ضلل لفظه كثيرًا من عامة المسلمين، فأصبحوا يعتقدون في أن كثيرًا من البلهاء والمجاذيب وأشباه المجانين العاطلين، حول الأضرحة والمزارات أولياء لله! وغدوا ينسجون حولهم أساطير وحكايات، ويضيفـون إليهم خـوارق وكرامـات، جلها -إن لم يكن كلها- من نسج الخيال، أو افتراء الدجالين. حديث: "أكـثر أهل الجنة البُلْـه" هل هو صحيح؟ | موقع الشيخ يوسف القرضاوي. على أن البلاهة في أمر الدنيا التي ذكرها الإمام الغزالي وغيره، مرفوضة في نظرة المنهج الإسلامي، الذي يقوم على التوازن بين الدنيا والدين، والمزج بين الروح والمادة، والتوافق بين العقل والقلب، وهذه هي الوسطية التي جاء بها الإسلام الصحيح، وهذا ما كان عليه الصحابة ومن تبعهم بإحسان في خير القرون، فقد كانوا أهل دين لا ينعزل عن الدنيا، وأهل دنيا لا تنفصل عن الدين. والحمـد لله رب العالمين.