قال: والوجه الآخر أن يكون وصفها باللقح ، وإن كانت تلقح ، كما قيل: ليل نائم والنوم فيه ، وسر كاتم ، وكما قيل: المبروز والمختوم ، فجعل مبروزا ، ولم يقل مبرزا بناه على غير فعله ، أي أن ذلك من صفاته ، فجاز مفعول [ ص: 86] لمفعل ، كما جاز فاعل لمفعول ، إذا لم يرد البناء على الفعل ، كما قيل: ماء دافق. وأرسلنا الرياح لواقح ... الفائدة من هذة الآية - البسيط دوت كوم. والصواب من القول في ذلك عندي: أن الرياح لواقح كما وصفها به جل ثناؤه من صفتها ، وإن كانت قد تلقح السحاب والأشجار ، فهي لاقحة ملقحة ، ولقحها: حملها الماء وإلقاحها السحاب والشجر: عملها فيه ، وذلك كما قال عبد الله بن مسعود. حدثنا أبو كريب ، قال: ثنا المحاربي ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن قيس بن سكن ، عن عبد الله بن مسعود ، في قوله ( وأرسلنا الرياح لواقح) قال: يرسل الله الرياح فتحمل الماء ، فتجري السحاب ، فتدر كما تدر اللقحة ثم تمطر. حدثني أبو السائب ، قال: ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن قيس بن سكن ، عن عبد الله ( وأرسلنا الرياح لواقح) قال: يبعث الله الريح فتلقح السحاب ، ثم تمريه فتدر كما تدر اللقحة ، ثم تمطر. حدثنا الحسن بن محمد ، قال: ثنا أسباط بن محمد ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن قيس بن السكن ، عن عبد الله بن مسعود ، في قوله ( وأرسلنا الرياح لواقح) قال: يرسل الرياح ، فتحمل الماء من السحاب ، ثم تمري السحاب ، فتدر كما تدر اللقحة ، فقد بين عبد الله بقوله: يرسل الرياح فتحمل الماء ، أنها هي اللاقحة بحملها الماء وإن كانت ملقحة بإلقاحها السحاب والشجر.
في قوله تعالى وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ [الحجر: 22] وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ [الذاريات: 41] VIRTUE 9 2015/10/18 (أفضل إجابة) قوله: ( وأرسلنا الرياح لواقح) أي: تلقح السحاب فتدر ماء ، وتلقح الشجر فتتفتح عن أوراقها وأكمامها. هذه " الرياح " ذكرها بصيغة الجمع ؛ ليكون منها الإنتاج ، بخلاف الريح العقيم فإنه أفردها ، ووصفها بالعقيم ، وهو عدم الإنتاج; لأنه لا يكون إلا من شيئين فصاعدا. وقال الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن قيس بن السكن ، عن عبد الله بن مسعود في قوله: ( وأرسلنا الرياح لواقح) قال: ترسل الرياح ، فتحمل الماء من السماء ، ثم تمرى السحاب ، حتى تدر كما تدر اللقحة. وريح عَقِيمٌ: يصحّ أن يكون بمعنى الفاعل ، وهي التي لا تلقح سحابا ولا شجرا ، ويصحّ أن يكون بمعنى المفعول كالعجوز العَقِيمِ ، وهي التي لا تقبل أثر الخير ، وإذا لم تقبل ولم تتأثّر لم تعط ولم تؤثّر ، قال تعالى: إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ[الذاريات:41]
﴿فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾: وقد تبيّن لنا أنّ المياه نفسها تنشأ من عمليّة تلقيح، وبه ذكورة وأنوثة السّالب والموجب بالنّسبة إلى الغيوم. وفي هذا المعنى يقول الحقّ سبحانه وتعالى: ﴿فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾: أي: أنّكم لن تخزّنوا المياه؛ لأنّكم غير مأمونين عليه، وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد هدانا إلى أن نخزّنَ المياه، فذلك من عطاء الله عز وجل، فلا يقولنّ قائل: لقد بنينا السّدود، بل قُلْ: هدانا الله سبحانه وتعالى لِنبني السّدود بعد أن يسقطَ المطر ولو لم يسقط لَمَا استطعنا تخزينَ المياه، وعلى هذا يكون سبحانه وتعالى هو الّذي خزّنَ المياه حين أنزله من السّماء بعد أنْ هدانا لنبنيَ السّدود. ونحن حين نريد كوباً من الماء الـمُقطّر، نذهب إلى الصّيدلانيّ لِيُسخِّن الماء في جهاز مُعيّن، ويُحوّله إلى بخار، ثمّ يُكثّف هذا البخار لِيصِيرَ ماء مُقطّراً، وكلّ ذلك يتمّ في الكون ونحن لا ندري به. «وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ» الواو عاطفة وماض وفاعله ومفعوله «لَواقِحَ» حال والجملة معطوفة «فَأَنْزَلْنا» الفاء عاطفة وماض وفاعله والجملة معطوفة «مِنَ السَّماءِ» متعلقان بأنزلنا «ماءً» مفعول به «فَأَسْقَيْناكُمُوهُ» الفاء عاطفة وأسقينا ماض وفاعله والكاف مفعوله الأول والميم للجمع والواو للإشباع والهاء مفعوله الثاني والجملة معطوفة «وَما» الواو حالية وما نافية تعمل عمل ليس «أَنْتُمْ» اسمها «لَهُ» متعلقان بالخبر «بِخازِنِينَ» الباء زائدة وخازنين خبر مجرور لفظا منصوب محلا وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ قال أبو عبيدة: «لواقح» إنما هي ملاقح، جمع ملقحة.
وثالثها: أن ذلك الأحمق يأمر وينهى ، ويعتقد أنه يجب على الغير طاعته ، مع أنه ليس بخالق ولا رب ، ثم إنه ينهى عن طاعة الرب والخالق ، ألا يكون هذا غاية الحماقة. المسألة الثالثة: قال: ( ينهى عبدا) ولم يقل: ينهاك ، وفيه فوائد:: أحدها: أن التنكير في "عبدا" يدل على كونه كاملا في العبودية ، كأنه يقول: إنه عبد لا يفي العالم بشرح بيانه وصفة إخلاصه في عبوديته. يروى في هذا المعنى أن يهوديا من فصحاء اليهود جاء إلى عمر في أيام خلافته فقال: أخبرني عن أخلاق رسولكم ، فقال عمر: اطلبه من بلال فهو أعلم به مني. ثم إن بلالا دله على فاطمة ثم فاطمة دلته على علي عليه السلام ، فلما سأل عليا عنه قال: صف لي متاع الدنيا حتى أصف لك أخلاقه ، فقال الرجل: هذا لا يتيسر لي ، فقال علي: عجزت عن وصف متاع الدنيا وقد شهد الله على قلته حيث قال: ( قل متاع الدنيا قليل) [النساء: 77] فكيف أصف أخلاق النبي وقد شهد الله تعالى بأنه عظيم حيث قال: ( وإنك لعلى خلق عظيم) [القلم: 4] فكأنه تعالى قال: ينهى أشد الخلق عبودية عن العبودية وذلك عين الجهل والحمق. ارايت الذي ينهي عبدا اذا صلى. وثانيها: أن هذا أبلغ في الذم لأن المعنى أن هذا دأبه وعادته فينهى كل من يرى. وثالثها: أن هذا تخويف لكل من نهى عن الصلاة ، روي عن علي عليه السلام أنه رأى في المصلى أقواما يصلون قبل صلاة العيد ، فقال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ، فقيل له: ألا تنهاهم ؟ فقال: أخشى أن أدخل تحت قوله: ( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى) فلم يصرح بالنهي عن الصلاة ، وأخذ أبو حنيفة منه هذا الأدب الجميل حيث قال له أبو يوسف: أيقول المصلي حين يرفع رأسه من الركوع: اللهم اغفر لي ؟ قال: يقول ربنا لك الحمد ويسجد ولم يصرح بالنهي.
فإن أبا جهل قال: إن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه؛ قاله أبو هريرة. فأنزل اللّه هذه الآيات تعجبا منه. وقيل: في الكلام حذف؛ والمعنى: أَمِنَ هذا الناهي عن الصلاة من العقوبة. تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي - صوتي العلق من اية 6 الى 19
عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ (10) ذُكر أن هذه الآية وما بعدها نـزلت في أبي جهل بن هشام، وذلك أنه قال فيما بلغنا: لئن رأيت محمدا يصلي، لأطأنّ رقبته؛ وكان فيما ذُكر قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي، فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أرأيت يا محمد أبا جهل الذي يَنْهاك أن تصلي عند المقام، وهو مُعرض عن الحقّ، مكذّب به. يُعجِّب جلّ ثناؤه نبيه والمؤمنين من جهل أبي جهل، وجراءته على ربه، في نهيه محمدا عن الصلاة لربه، وهو مع أياديه عنده مكذّب به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح. عن مجاهد. في قول الله: ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى) قال: أبو جهل، يَنْهي محمدا صلى الله عليه وسلم إذا صلى. حدثنا بشر. الباحث القرآني. قال: ثنا يزيد. قال: ثنا سعيد. عن قتادة ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى) نـزلت في عدوّ الله أبي جهل، وذلك لأنه قال: لئن رأيت محمدا يصلي لأطأنّ على عنقه، فأنـزل الله ما تسمعون. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قول الله: ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى) قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا صلى الله عليه وسلم يصلي، لأطأنّ على عنقه؛ قال: وكان يقال: لكل أمة فرعون، وفرعون هذه الأمة أبو جهل.